بأبي وغير أبي وذاك قليل لـ أبي تمام

بِأَبي وَغَيرِ أَبي وَذاكَ قَليلُ
ثاوٍ عَلَيهِ ثَرى النِباجِ مَهيلُ

خَذَلَتهُ أُسرَتُهُ كَأَنَّ سَراتَهُم
جَهِلوا بِأَنَّ الخاذِلَ المَخذولُ

أَكّالُ أَشلاءِ الفَوارِسِ بِالقَنا
أَضحى بِهِنَّ وَشِلوُهُ مَأكولُ

كُفّي فَقَتلُ مُحَمَّدٍ لي شاهِدٌ
أَنَّ العَزيزَ مَعَ القَضاءِ ذَليلُ

إِن يُستَضَم بَعدَ الإِباءِ فَإِنَّهُ
قَد يُستَضامُ المُصعَبُ المَعقولُ

مُستَحسِنٌ وَجهَ الرَدى في مَعرَكٍ
وَجهُ الحَياةِ بِحَومَتَيهِ جَميلُ

أَنسى أَبا نَصرٍ نَسيتُ إِذَن يَدي
في حَيثُ يَنتَصِرُ الفَتى وَيُنيلُ

هَيهاتَ لا يَأتي الزَمانُ بِمِثلِهِ
إِنَّ الزَمانَ بِمِثلِهِ لَبَخيلُ

ما أَنتَ بِالمَقتولِ صَبرًا إِنَّما
أَمَلي غَداةَ نَعِيِّكَ المَقتولُ

لِلسَيفِ بَعدَكَ حُرقَةٌ وَعَويلُ
وَعَلَيكَ لِلمَجدِ التَليدِ غَليلُ

إِن طالَ يَومُكَ في الوَغى فَلَقَد تُرى
فيهِ وَيَومُ الهامِ مِنكَ طَويلُ

فَسَتَذكُرُ الخَيلُ انصِلاتَكَ في السُرى
وَالقَفرُ مَعروفُ الرَدى مَجهولُ

وَتُفَلَّلُ الأَحسابُ بَعدَكَ وَالنُهى
وَالبيضُ مُلسٌ ما بِهِنَّ فُلولُ

مَن ذا يُحَدِّثُ بِالبَقاءِ ضَميرَهُ
هَيهاتَ أَنتَ عَلى الفَناءِ دَليلُ

يا لَيتَ شِعري بِالمَكارِمِ كُلِّها
ماذا وَقَد فَقَدَت نَداكَ تَقولُ

كَم مَشهَدٍ قَد جَدَّدَتهُ لَكَ العُلا
وَكَأَنَّهُ بِالأَمسِ وَهوَ مُحيلُ

وَكَتيبَةٍ كُتِبَت لَها أَرواحُها
وَاليَومُ أَحمَرُ مِن دَمٍ مَصقولُ

ما شَكَّ أَثبَتُهُم يَقينًا أَنَّهُ
لِلمَوتِ في قَبضِ النُفوسِ رَسولُ

يا يَومَ قَحطَبَةٍ لَقَد أَبقَيتَ لي
حُرَقًا أَرى أَيّامَها سَتَطولُ

لَيثٌ لَوَ انَّ اللَيثَ قامَ مَقامَهُ
لَانصاعَ وَهوَ يَراعَةٌ إِجفيلُ

لَمّا رَأى جَمعًا قَليلًا في الوَغى
وَأُولو الحِفاظِ مِنَ القَليلِ قَليلُ

لاقى الكَريهَةَ وَهوَ مُغمِدُ رَوعِهِ
فيها وَلَكِن سَيفُهُ مَسلولُ

وَمَشى إِلى المَوتِ الزُؤامِ كَأَنَّما
هُوَ في مَحَبَّتِهِ إِلَيهِ خَليلُ

لَم يودِ مِنهُ واحِدٌ لَكِنَّما
أَودى بِهِ مِن أَسوَدانَ قَبيلُ

أَضحَت عِراصُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٍ
وَأَخيهِما وَكَأَنَّهُنَّ طُلولُ

أَبَني حُمَيدٍ لَيسَ أَوَّلَ ما عَفا
بَعدَ الأُسودِ مِنَ الأُسودِ الغيلُ

مازالَ الصَبرُ وَهوَ عَلَيكُمُ
بِالمَوتِ في ظِلِّ السُيوفِ كَفيلُ

مُستَبسِلونَ كَأَنَّما مُهجاتُهُم
لَيسَت لَهُمُ إِلّا غَداةَ تَسيلُ

أَلِفوا المَنايا فَالقَتيلُ لَدَيهِمُ
مَن لا تُجَلّي الحَربُ وَهوَ قَتيلُ

إِن كانَ رَيبُ الدَهرِ أَثكَلَنيهُمُ
فَالدَهرُ أَيضًا مَيِّتٌ مَثكولُ

إرسال تعليق

0 تعليقات