إحدى بني بكر بن عبد مناه لـ أبي تمام

إِحدى بَني بَكرِ بنِ عَبدِ مَناهِ
بَينَ الكَثيبِ الفَردِ فَالأَمواهِ

أَلقى النَصيفَ فَأَنتِ خاذِلَةُ المَها
أُمنِيَّةُ الخالي وَلَهوُ اللاهي

رَيّا تُجاذِبُ خَصرَها أَردافُها
وَتَطيبُ نَكهَتُها عَلى استِنكاهِ

عَرَضَت لَنا يَومَ الحِمى في خُرَّدٍ
كَالسِربِ حُوِّ لِثًا وَلُعسَ شِفاهِ

بيضٍ يَجولُ الحُسنُ في وَجَناتِها
وَالمِلحُ بَينَ نَظائِرٍ أَشباهِ

لَم تَجتَمِع أَمثالُها في مَوطِنٍ
لَولا صِفاتٌ في كِتابِ اللَهِ

وَمُفَنِّدٍ لَوّامَةٍ نَهنَهتُهُ
عَن مُغلِطٍ لِعَذولِهِ نَجّاهِ

وَمُؤَيِّهٍ بي كَي أُفيقَ وَإِنَّني
لَأَصَمُّ عَن ياهٍ وَعَن يَهياهِ

دَعني أرُقم أَوَدَ الشَبابِ بِذِكرِها
إِنَّ السَفاهَ بِها لَغَيرُ سَفاهِ

فَإِذا انقَضَت أَيّامُ تَشييعِ الصِبا
أَظهَرتُ تَوبَةَ خاشِعٍ أَوّاهِ

وَمُعاوِدٍ لِلبيدِ لا يَهفو بِهِ
هافٍ وَلا يَزهاهُ فيها زاهِ

مُهدٍ لِأَلطافِ الثَناءِ إِلى فَتى
كَالبَدرِ لا صَلِفٍ وَلا تَيّاهِ

لِأَبي الغَريبِ غَرائِبًا مِن مَدحِهِ
في غَيرِ تَعقيدٍ وَلا استِكراهِ

مَن ماتَ مِن حَدَثِ الزَمانِ فَإِنَّهُ
يَحيا لَدى يَحيى بنِ عَبدِ اللَهِ

كَالسَيفِ لَيسَ بِزُمَّلٍ شِهدارَةٍ
يَومًا وَلا بِغُضُبَّةٍ جَبّاهِ

وَمُهَفهَفِ الساقي قَريبِ جَنى النَدى
عَفِّ النَديمِ سَريعِ سَعيِ الطاهي

وَأَغَرَّ يَلهو بِالمَكارِمِ وَالوَغى
إِنَّ المَكارِمَ لِلكَريمِ مَلاهِ

يُمسي وَيُصبِحُ عَرضُهُ في صَخرَةٍ
دَمَغَت شَواةَ العائِبِ العَضّاهِ

قُل لِلعِداةِ الحاسِديهِ عَلى العُلا
رَغمًا لِآنِفِكُم بَني الأَستاهِ

حَسَدٌ تَمَكَّنَ ذُلُّهُ مِن بُغضِكُم
في أَعيُنٍ وَمَعاطِسٍ وَشِفاهِ

هُوَ لِلوَفِيِّ العَهدِ ظِلُّ أَراكَةٍ
وَلِمُضمِرِ الشَنَآنِ شَوكُ عِضاهِ

قَرمٌ أَقَرَّ لَهُ الرِجالُ بِفَضلِهِ
طَوعًا بِلا قَهرٍ وَلا إِكراهِ

عَذُبَ اسمُهُ بِفَمي فَظَلَّ كَأَنَّهُ
لِلراحِ بِالماءِ القَراحِ مُضاهِ

لَو أَنَّهُ نَبتٌ لَكانَت دونَهُ
قُضُبُ البَشامِ اللُدنِ لِلأَفواهِ

كَم فَرحَةٍ أَهدى وَكَم مِن تَرحَةٍ
لِمُؤَمِّلٍ راجٍ وَلاحٍ ناهِ

شِمنا نَدى يُمناهُ فَانبَجَسَت لَنا
بِمَواهِبٍ لَم تَنفَجِر بِمِياهِ

لَمّا طَلَبتُ العَذبَ مِنها أَصبَحَت
قُلُبي بِها مَملوءَةً وَرِداهي

لَولا تَناهي كُلِّ مَخلوقٍ لَقَد
خِلنا نَوالَكَ لَيسَ بِالمُتَناهي

مازِلتَ تُمطِرُ ديمَةً مَعَ وابِلٍ
حَتّى كَأَنَّكَ لِلسَحابِ مُباهي

وَلَقَد وُعِدتُ مَواعِدًا فَنَبَذتُها
خَلفي وَوَعدُكَ مايَزالُ تِجاهي

سَهمُ بنُ أَوسٍ في ضَمانِكَ عالِمٌ
أَن لَستَ بِالناسي وَلا بِالساهي

أَجزِل لَهُ الحَظَّينِ مِنكَ وَكُن لَهُ
رُكنًا عَلى الأَيّامِ لَيسَ بِواهِ

بِوِلايَتَينِ وِلايَةٍ مَذكورَةٍ
مَشهورَةٍ وَوِلايَةٍ بِالجاهِ

هُوَ في الغِنى غَرسي وَغَرسُكَ في العُلى
أَنّى انصَرَفتَ وَأَنتَ غَرسُ اللَهِ

إرسال تعليق

0 تعليقات