زيادةُ القولِ تَحكي النقصَ في العملِ
ومنطقُ المرءِ قد يَهديهِ للزَّلَلِ
إنَّ اللسانَ صغيرٌ جِرمُهُ ولَهُ
جرمٌ كبيرٌ كما قد قيل في المَثَلِ
فكم ندمت على ما كنت قلت به
وما ندمت على ما لم تكن تقل
وأضيق الأمر أمر لم تجد معه
فتى يعينك أو يهديك للسبل
عقل الفتى ليس يغني عن مشاورة
كعفة الخود لا تغني عن الرجل
إن المشاور إما صائب غرضا
أو مخطئ غير منسوب إلى الخطل
لا تحقر الراى يأتيك الحقير به
فالنحل وهو ذباب طائر العسل
ولا يغرنك ود من أخي أمل
حتى تجربه في غيبة الأمل
إذا العدو حاجته الإِخا علل
عادت عداوته عند انقضا العلل
لا تجز عن الخطب ما به حيل
تغنى وإلا فلا تعجز عن الحيل
لا شيء أولي بصبر المرء من قدر
لا بد منه وخطب غير منتقل
لا تحزنن على ما نلت حيث مضى
ولا على قوت أمر حيث لم تنل
فليس تغني الفتى في الأمر عدته
إذا نقضت عليه مدة الأجل
فقدر شكر الفتى لله نعمته
كقدر صبر الفتى للحادث الجلل
وان أخوف نهج ما خشيت به
ذهاب حرية أو مرتضى عمل
لا تفرحن بسقطات الرجال ولا
تهزأ بغيرك واحذر صولة الدول
إن تأمن الدهران يغلي العدو فلا
تستامن الدهران يلقيك في السفل
أحق شيء برد ما يخالفه
شهادة العقل فاحكم صنعة الجدل
وقيمة المرء فيما كان يحسنه
فاطلب لنفسك ما تعلو به وسل
أطل تنل لذة الإِدراك ملتمسا
أو راحة البأس لا تركن إلى الوكل
فكل داء دواه ممكن ابدًا
إلا إذا امتزج الإِقتار بالكسل
والمال صنه وورثه العدو ولا
تحتاج حيا إلى الاخوان في الأكل
فخير مال الفتى مال يصون به
عرضا وينفقه في صالح العمل
وأفضل البر مالا من يتبعه
ولا تقدمه شيء من المطل
وإنما الجود بذلك لم تكاف به
صنعًا ولم تنتظر فيه جزا رجل
إن الصنائع أطواق إذا شكرت
وان كفرن فاغلال لمنتحل
ذو اللؤم يحضر فيما جئت تسأله
ويحصر نطق الحر إن يسل
وان فوت الذي ترجوه أهون من
ادراكه بلئيم غير محتفل
وإن عندي الخطا في الجود أفضل من
إصابة حصلت بالمنع والبخل
خير من الخير مسديه إليك كما
شر من الشر أهل الشر والدخل
ظواهر العتب للإِخوان أيسر من
بواطن الحقد في التسديد للخلل
دع الجموح وسامحه بكل ولا
تركب سوى السمح واحذ سقطة العجل
لا تشربن نقيع السم متكلا
على عقاقر قد جربن بالعمل
والق الأحبة والإِخوان إن قطعوا
حبل الوداد بحبل منك متصل
فاعجز الناس حر ضاع من يده
صديق ود فلم يردده بالحيل
استصف خلك واستخلصه أسهل من
تبديل خل وكيف الأمن بالبدل
واحمل ثلاث خصال من مطالبه
احفظه فيها ودع ما شئته وقل
ظلم الدلال وظلم الغيظ فاعفهما
وظلم هفوته واقسط ولا تمل
وكن مع الخلق ما كانوا لخالقهم
واحذر معاشرة الأوغاد والسفل
واخش الاذى عند اكرام اللئيم كما
يخشى الاذى من اهان الحر في حفل
والعذر في الناس طبع لا تثق بهم
وان ابيت فخذ في الامن والوجل
من يقظة بالفتى إظهار غفلته
مع التحفظ من عذر ومن ختل
سل التجارب وانظر في مراءتها
فللعواقب فيها أشبه المثل
وخير ما جربته النفس ما اتعظت
عن الوقوع به في العجز والوكل
فاصبر لواحدة تأمن عواقبها
فربما كانت الصغرى من الأول
ولا يغرنك من مرقي سهولته
فربما ضقت ذرعا منه في النزل
وللأمور وللأعمال عاقبة
فأخشَ الجزا بغتة واحذره عن مهل
ذو العقل يترك ما يهوي لخشيته
من العلاج لمكروه من الحلل
من المروءة ترك المرء شهوته
فانظر لايهما آثرت فاحتمل
استحى من ذم من إن يدن توسعه
مدحا ومن مدح من إن عاب ترتذل
شر الورى بمساوى الناس مشتغل
مثل الذباب يراعي موضع العلل
لو كنت كالقدح في التقويم معتدلا
لقالت الناس هذا غير معتدل
لا يظلم الحر إلا من يطاوله
ويظلم النذل أدنى منه في الصول
يا ظالما جار فيمن لا نظير له
إلا المهيمن لا تغتر بالمهل
غدا تموت ويقضى الله بينكما
بحكمة الحق لا زيغ ولا ميل
وإن أولى الورى بالعفو قدرهم
على العقوبة إن يظفر بذى زلل
حلم الفتى عن سفيه القوم يكره من
أنصاره وتوقيه من الغيل
والحلم طبع فلا كسب يجود به
لقوله خلق الإِنسان من عجل
0 تعليقات