نعم إن للبرق اليماني لوعة لـ جمال الدين الصرصري

نعم إن للبرق اليماني لوعةً
لها بين أحناء الضلوع غموض

وإن لخفاق النسيم إذا سرى
على الزهر المطول وهو مريض

لروحًا يهز الصب حتى كأنه
يطير اشتياقًا والجناح مهيض

سألتك يا من أصبحت عزماته
لها في طلاب المكرمات نهوض

تسامت مراميه فأصبحت عزماته لها
ركاب به تجوب بحر الفلا وتخوض

إذا ما وردت الماء ماء مجنة
وطلت عليه المطى تخوض

فعرض لأهليه بصبّ غرامه
طويل بسكان الحجاز عريض

وقل هل لمشتاق يهيم بذكركم
تمادت به الأيام فهو حريض

سبيل إلى عيش يقضي بقربكم
وماضي شباب فات ليس يئيض

لقد شف قلبي الوجد نحو أحبتي
ومالي عنهم عائض فيعوض

فليت المطايا كن يممن أرضهم
ولو بسطت دون الفلاة أروض

لمن رفعت ما بين سلع إلى قبا
قباب تغشتها المهابة بيض

بها منهل يروي به كل عارف
وروض لأرباب القلوب أريض

ألا أيها الأعلام من أرض يثرب
بها زمر الأملاك ليس تجيض

حمى رسول الله أضحى معطر ال
عراص كأن المسك فيه يميض

نبي أجدّ الدين بعد دروسه
وسدد سهم الرشد فهو رميض

ولاقى الأذى من قومه فهو صابر
ومرّ إلى ذات النخيل يُفيض

فحلّ بثور غاره وعداتُه
بكل سبيل إلى الفلاة تنوض

فعمّى عليه العنكبوت بنسجه
وظل على الباب الحمام يبيض

أتى بالهدى والناس في سكرة الهوى
وعندهم الأمر الحميد بغيض

بهم لغط لا يفقهون كأنهم
لضعف العقول الواهيات بعوض

له في جهاد القوم درع حصينة
وأجرد مأمون العثار ركوض

وأسمر عسّال وأبيض قاضب
صقيل وقوس بالسهام مروض

فكم في عراص المعركات لخيله
صريع بأطراف الرماح دحيض

إلى أن ذوى الطغيان بعد شبابه
وأصبحج روض الدين وهو غضيض

كريم عظيم المعجزات بجاهه
نمى الغيث خصبًا والزمان عضوض

وأصبح ماء البئر من فضل ريقه الرضا
نهرًا يجري فليس يغيض

والجيش حقًا من أصابع كفه
تدفق ماء في الإناء غريض

روى الصدى من درّ عجفاء حائل
تمكن منها الهزل فهي رفيض

وذلت له الآساد حتى أوبسا
على باب البقيع ربوض

فيا كاسر العدوى وجابر من سطت
به غير الأيام فهو وهيض

تجمع فيك الفضل والفقر كله
فلم يغلُ في وصف لديك قريض

صفاتك عقدٌ في القوافي مفصل
تحلى به ضرب وزين عروض

مديحك ذخر في حياتي وعدةٌ
إذا حال من دون القريض جريض

علوت به في رأس أرعن شامخ
فلا يطبيني بعد ذاك حضيض

وكن لي مجيرًا من خطوب لذي الحجى
الكريم إلى العمر اللئيم تؤض

إرسال تعليق

0 تعليقات