برئت إلى الشوق المبرح من قلبي لـ لسان الدين بن الخطيب

بَرِئْتُ إلى الشَّوْقِ الْمُبَرِّحِ مِنْ قَلْبي
وَسَلَّمْتُ أَمْرِي فِي الْغَرَامِ إِلَى رَبِّي

وَصَاتَعْتُ الْحَاظَ الظَّبَاءِ بِمُهْجَتِي
فَمَا قَبِلَتْ سِلْمِي وَلاَ تَرَكَتْ حَرْبِي

إِذَا لاَمَ قَلْبيِ في الْهَوَى عَيْنِىَ التَّي
جَنَتْ صَرَفَتْ عَنِّي الْمَلاَمَ إِلَى قَلْبي

فَلاَ تُنْكِرُوا أَنْ هَزَّتِ الرِّيحُ مَنْكِبي
وَأَذْهَلَنِي وَجْدِي عَنِ الأَهْلِ وَالصَّحْبِ

فَفي سَكْرَةِ الصَّهْبَاءِ مَا تَعْلَمُونَهُ
فَكَيْفَ إٍذَا انْضَافَتْ إِلَى سَكْرَةِ الْحُبِّ

وَبِي مِنْ ظبَاءِ الأَنْسِ رَائِقَةُ الْحُلَى
وَهَبْتُ لَهَا نَفْسِي وَمَلَّكْتُهَا لٌبِّي

صَبَوْتُ وَمَا قَلْبِي بِأَوَّلِ مَنْ صَبَا
لِنَاطِقَةِ الْقُرْطَيْنِ صَامِتَةِ الْقَلْبِ

إِذَا مَا رَنَتْ غَارَتْ بِأَلْحَاظِهَا الظّبَا
وَمَهْمَا انْثَنَتْ غَصَّتْ مُنَعَّمَةُ الْقُضْبِ

شَكَوْتُ لَهَا دَاءَ الْهَوَى فَاشْتَكَتْ بِهِ
فَأَبْكي لَهَا مِنْ حُبِّهَا وَهْيَ مِنْ حُبِّي

خَلِيلَيَّ جَرَّبْتُ الْهَوَى وَخَبَرْتُهُ
فَمُلِّيتُ عِلْمًا مِنْهُ بِالسَّهْلِ وَالصَّعْبِ

وَمَا عَرَفَتْ نَفْسِي آَلَذَّ مِنَ اللِّقَا
وَأنْدَى عَلَى الأَكْبَادِ مِنْ سَاعَةِ الْقُرْبِ

وَأَحْلَى مِنَ الْعُتْبَى وَأَشْهَى مِنَ الرِّضَى
إِذَا جَاءَ مِنْ بَعْدِ الْقَطِيِعَةِ وَالْعَتْبِ

سَأَذْهَبُ فِي اللَّذَّاتِ مِلْءَ أَعِنَّتِي
وَأَرْكِضُ خَيْلَ اللَّهْو فِي طَلَقِ رَحْبِ

وَإِنَّ وِدَادِي فِي الْخَلِيفَةِ يُوسُفٍ
يُكَفِّرُ عِنْدَ اللهِ مَا كَانَ مِنْ ذَنْبِي

سُلاَلَةُ أَنْصَارِ الْهُدَى وَحُمَاتُهُ
وَوَارِثُ حِزْبِ اللهِ نَاهِيكَ مِنْ حِزْبِ

مُحَيَّا كَمِثْلِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى
وَكَفُّ كَمَا حُدِّثْتَ عَنْ وَاكِفِ السُّحْبِ

يُصَاحِبُهُ التَّوْفِيقُ في كُلِّ وِجْهَةٍ
وَيَقْدُمُ مِنْهُ الْجَيْشَ جَيْشٌ مِنَ الرُّعْبِ

بِهِ نَظَمَ اللهُ الشَّتَاتَ فَأَصْبَحَتْ
نُفُوسُ الْبَرَايَا وَهْيَ آمِنَةُ السِّرْبِ

فَدَامَ قَرِيرَ الْعَيِنِ فِي ظِلِّ عِيشَةٍ
تُنِيفُ مَعَالِيهِ عَلَى رُتَبِ الشُّهْبِ

وَلاَ بَرِحَتْ أَيَّامُهُ وَزَمَانُهُ
مَآثِرُهَا تُحْيَ بِهَا دَوْلَةُ الْعُرْبِ

إرسال تعليق

0 تعليقات