سعودك لا ما تدعيه الكواكب لـ لسان الدين بن الخطيب

سُعُودُكَ لاَ مَا تَدَّعِيِهِ الْكَوَاكِبُ
وَجُودُكَ فِينَا لاَ السَّحَابُ السَّوَاكِبُ

يَغَصُّ الْغَمَامُ الْجَوْنُ يَوْمَ انْسِكَابِهِ
إِذَا صَدَرَتْ عَنْ رَاحَتَيْكَ الْمَوَاهِبُ

وَيَصْغُرُ عِنْدَ الشَّمْسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى
سَنَاهَا إِذَا دَارَتْ عَلَيْكَ الْمَوَاكِبُ

بِكَ ارْتَاحَ ديِنُ اللهِ فِي عُنْفُوَانِهِ
وَشيدَ رُكْنٌ مِنْهُ وَاعْتَزَّ جَانِبُ

وَأَصْبَحَتِ الأَيَّامُ رَائِقَةَ الْحُلَى
وَقَدْ حُلِّيَتْ مِنْهَا الطُّلاَ وَالتَّرَائِبُ

وَفَاخَرَ بَعْضُ الأَرْضِ بَعْضًا فَأَصْبَحَتْ
مَشَارِقُهَا تُزْري عَلَيْهَا الْمَغَارِبُ

لِوَاءُكَ مَنْصُورٌ وَحِزْبُكَ ظَافِرٌ
وَمُلْكُكَ مَحْفُوظٌ وَحِزْبُكَ غَالِبُ

وَرِفْدُكَ مَوْهُوبٌ وَعَزْمُكَ نَافِذٌ
وَبَأْسُكَ مَرْهُوبٌ وَسَهْمُكَ صَائِبُ

مَجَازُ الْمَعَانِي الْغُرِّ فِيكَ حَقِيقَةٌ
وَحُبُّكَ فَرْضٌ فِي الْعَقَائِدِ وَاجِبُ

فتهدي بك الأمداح قصد صوابها
إذا أغوزتها في سواك المذاهب

سَمَا بِكَ فِي الأَنْصَارِ بَيْتٌ سَمَا بِهِ
إِلى ذِرْوَةِ الْبَيْتِ الَّرفِيعِ الْمنَاسِبُ

وَأَطْلَعَ سَعْدٌ مِنْكَ بَدْرَ خَلاَفِةٍ
تُنِيرُ بِهِ الدُّنْيَا وَتُجْلَى الْغَيَاهِبُ

وَمَنْ ذَا لَهُ فَخٌر كَسَعْدٍ عَلَى الْوَرَى
فَسَعْدٌ وَزِيرٌ للنَّبِيّ وَصَاحِبُ

مَكَارِمُ لَمْ تَخْلَقْ عَلَى بُعُدِ الْمَدَى
وَلاَ شَابَ مِنْهَا الْخَالِصَ الْبَحْتَ شَائِبُ

لَكَ اللهُ مِنْ لَيْثٍ حَمَى حَوْزَةَ الْهُدَى
وَعَضْبٍ يَمَانٍ لَمْ تَخُنْهُ الْمَضَارِبُ

وَبَدْرِ كَمَالٍ ضاءَ تَلْتَاحُ حَوْلَهُ
مِنَ الأَمَرَاءِ الْغَالِبينَ الْكَوَاكِبُ

إِذَا ذُكِرَ الأَمْلاَكُ مَنْ مِثْلُ يُوسُفٍ
يُسَالِمُ فِي ذَاتِ الْهُدَى وَيُحَارِبُ

وَيُعْطي الرِّمَاحَ السَّمْهَرِيَّةَ حَقَّهَا
وَيَضْمَنُ عُتْبَى الدَّهْرِ وَالدَّهْرُ عَاتِبُ

وتضفو على أعطافه حُلَلُ الحُلي
مطهرة ما دَنَّسَتها المَعايِب

وَتَخْتَرِقُ الأَرْجَاءَ مِنْ طِيبِ ذِكْرِهِ
جنَائِبُ تَحْدُوهَا الصَّبَا وَالْجَنَائِبُ

هَلِ الْمِسْكُ مَفْتُوتٌ بِمَدْرَجَةِ الصَّبَا
أَمِ ادَّكرَتْ مِنْكَ الْعُلَى وَالْمَنَاقِبُ

لَعَمْرُكَ مَا نَدْرِي إِذَا مَا سَمَتْ بِنَا
بِمَجْلِسِكَ السَّامِي الْجَلاَلِ الْمَرَاتِبُ

وَقَرَّتْ بِمَرْآكَ الْعُيُوِنُ وَقُيِّدَتْ
بِمِنْطقِكَ الْفَصْلِ الْحِسَانِ الْغَرَائِبُ

أَتِلْكَ شَمُولٌ صِرْفَةٌ أَمْ شَمَائِلٌ
وَهَلْ ضَرَبٌ عَذْبُ الْجَنا أَمْ ضَرَائِبُ

مَهَابَةُ مُلْكِ فِي مَخيلَة رَحْمَةٍ
كَمَا اسْتَرْسَلَتْ عِنْدَ الْبُرُوقِ السَّحَائِبُ

أَمَا وَالْقِلاَصِ الْبُدْنِ فِي لُجَجِ الْفَلاَ
غَوَارِبَ حَتَّى مَا تَبينَ الْغَوَاربُ

إِذَا هَاجَ بَحْرُ الآلِ مِنْ هَبَّةِ الصَّبَا
فَهُنَّ طَوافٍ فِي السًّرَابِ رَوَاسِبُ

قطَعْنَ إلى الْبيْتِ الْعَتِيقِ عَلَى الْوَجَى
مَفَاوِزَ لاَ تَنْجُو بِهِنَّ النَّجَائِبُ

لأَنْتَ عِمَادُ الْمُلْكِ وَالله رَافِعٌ
وَأَنْتَ حُسَامُ الدِّيِنِ وَاللهُ ضَارِبُ

نَدَبْتَ إلَى الأَمْنِ الْبِلاَدَ وَأَهْلَهَا
وَلاَ قَلْبَ إِلاَّ بِالْمَخَافَةِ وَاجِبُ

وَسَكَّنْتَ بَحْرَ الْخَطْبِ وَاللَّجُّ مزْبِدٌ
وَمَوْجْ الرَّدَى آِتيُّهُ مُتَرَاكِبُ

وَصُلْتَ عَلَى الشَّكِّ الْمُلَجْلِج بِالْهُدَى
وَقَدْ رُجِمَتْ فِيهِ الظُّنُونُ الْكَوَاذِبُ

وَأَوضَحْتَ طُرْقَ الْحَقِّ لِلْخَلْقِ بَعْدَمَا
عَفَتْ مِنْهُ آثَارٌ وَمُحَّتْ مَذَاهِبُ

وَوَافَقَ شَهْرُ الصَّوْمِ مِنْكَ خَلِيفةً
لَهُ فِي مَقَامِ الذِّكْرِ قَلْبٌ يُرَاقِبُ

وَأَزْمَعَ عَنْكَ الشَّهْرُ لاَ عَنْ مَلاَلَةٍ
فَقَدْ كَمُلَتْ بِالْبِرِّ مِنْهُ الْمَآرِبُ

وَوَافَاكَ عيدُ الْفِطْرِ يَطْوِي لَكَ الْمَدَى
وَحُطَّتْ لَهُ فِي مُنْتَداكَ الرَّكَائِبُ

وَمَا هُوَ إِلاَّ مِنْ عُفَاتِكَ قَدْ أَتَى
تُرَغِّبُهُ فِيمَا لَدَيْكَ الَّرغَائِبُ

أَمَوْلاَيَ خُذْهَا فِي امْتِدَاحِكَ غَادَةً
تَغَارُ بِمَرْآهَا الْحِسَانُ الْكَوَاعِبُ

وَرَوْضَ بَنَانٍ أَيْنَعَتْ وَرَقَاتُهُ
وَقَدْ سَحَّ فِيهَا مِنْ بَنَانِكَ سَاكِبُ

وَلاَ زِلْتَ تَجْنِي النَّصْرَ مِنْ شِجَر الْقَنَا
وَتُدْنِي الأَمَانِي وَهْيَ شُمسٌ مَصَاعِب

وَتُثْنِي بِعَلْيَاكَ الَّركَائِبُ في السُّرىَ
وَلَوْ سَكَتُوا أثْنَتْ عَلَيْكَ الْحَقَائِبُ

إرسال تعليق

0 تعليقات