من لين قَدٍّ وقَلب فيَّ تشديدُ
للصبر والشوق إبلاءٌ وتجيدُ
والخدّ من شَجَنٍ بالدّمع خدده
طَيرٌ له سحرًا في الدَّوح تغريدُ
وارحمتاه لموجوع ألمّ به
للطَّرف والقلب في الأحشاء تَنكيدُ
فالقلبُ يحرَق لولا الطرفُ مُنسَجمٌ
والطرفُ يغرَق لولا القلبُ موقودُ
يا هاجري عبثًا هل في اللقا طَمَعٌ
كيما يُؤمّل قُربًا منك مَبعُودُ
أوعَدتُه باللقا وَعدًا فهامَ فهل
يهدا بذلك مودوعٌ وموعودُ
قد ضاعَ قلبي لمّا ضاع منك شذى
فهل فديتك ما قد ضاع مردود
في ذمّة اللَه ما لاقاه من وَصَب
مُتَيّمٌ برزايا البَين مكمود
ارحم بوصلك صبًا كنت تعهده
قبل الصبابة منه الصبر معهود
يبيتُ لا سهرت عيناك يُزعجه
وجُود شَوق لديه الصَّبرُ مفقود
هل سوء حظي رعاك اللَه أوقفني
في الجهد أم كل من يهواك مجهود
إن أبك تضحَك وإن أسهر تَنَم فلذا
طرفي وطرفُك مغمورٌ ومغمود
كم ذمّ حبّيك عذالي وما كذبوا
بل حُبّ أحمد في الدارين محمود
مَن زاره سيرى أو زاره مُحيَت
وذاك بالفوز مسعوف ومسعود
هل معهد قد صدرنا عن موارده
سُكّان مكّة بعد البَين مورود
وهل بلؤلؤ دمع ثم مُنتشرق
قبل المنية عقد الوصل منضود
وهل لكسري باب الجبر مُنفتحٌ
وهل بوصلي باب الهجر مسدود
بيضُ الليالي إذ لم تُنعموا برضى
على المتيّم يا عُربِ الحِمى سود
قد أطلع اللَه من آفاقكم قمرًا
نارت بطلعته الأحياء والبيد
ظلت تلين لذكراه القلوب كما
كانت تلين لنعليه الجلاميد
إن يَمش في الرمل لم يُشهَد له أثرٌ
وفي الصخور له التأثير مشهود
كم فجّرت يده عينًا تفيضُ وكم
بعد العمى ردّها ما ذاك مجحود
مَن ذا يقاسيه بأسًا أو يُقايسه
حلمًا تظل أجاميدَ الأماجدُ
فَمن مسيرة شهر من مهابته
قلب المُعاند مردوع ومرعود
وفي المعامع لا قرنٌ يُمارسُه
تفرّ إن كرّ في الهيجا الصناديد
هذا وبالرأفة الرحمن يمدحه
والعفو شيمته والحلم والجود
أزكى الأنام وأتقاهم وأرحمهم
منه المُسيء بحُسن العفو مرفود
يلقى من الجود مَن وافاه ذا أمل
ما ليس يلقى من الآباء مولود
أزكى صلاة وتسليم قد اتصلا
عليه ما سبّح الرحمن موجود
0 تعليقات