عذيري من حليف ذي خصال لـ خليل مردم بك

عذيري من حليفٍ ذي خصالِ
بذائِعُها تجلُّ عن المثالِ

أتى ضيفًا فأصبحَ ربَّ بيتٍ
يحكَّمُ بالقطينِ وبالميال

وسمّى نفسَه قَسْرًا وصيًّا
عليَّ مفوّضًا في كلّ حال

وَما أنا باليتيم ولم أكُنْهُ
ولا شيخٌ دقيق العظمِ بال

وسمّى نفسَه دهرًا وليًّا
فساواني بربّاتِ الحِجال

ومنتديًا عليَّ برغمِ أنفي
ولستُ بقاصرٍ يوم النزال

يضنُّ عليَّ من مالي وَيسخو
عَلَى غيري بميرائي ومالي

يعلمني الخشونةَ في معاشي
وَيَنْعَمُ بالأطايبِ من غلالي

وَيحملني عَلَى زهْدٍ مريرٍ
ويأخذُ كلّ مرتخصٍ وَغالي

وَيأبى لي الغنى كَسْبًا حلالًا
وَيأْخذُ بالحرام أو الحلال

وَأخوف ما يخاف عليَّ منه
وَينذرني به شرَّ الوبال

هو الذهبُ الذي جمعتْ جُدودي
عَلَى الأيامِ والحججِ الخوالي

نفضتُ له الجرابَ وكلَّ جيبٍ
وقَوْصرةٍ وَما تحت الرحال

فبدّلني جزاه الله عني
عَلَى حسبِ المقاصدِ والفعال

قراطيسًا عليها (رأس مهرٍ)
وَقاها الله من (رأْس الغزال)

تطيرُ مع الهوا يومًا وَيومًا
تذوبُ إذا أُصيبتُ بالبلال

وتأكلُ نفسَها إنْ لم ينلها
فسادُ العثِّ أو قرض النمال

وَتنقضُ وَهي في جيبي وَتبلى
فأرثي للنواقص والبوالي

وَتعجز كالعجائز عن صعودٍ
وتهبط للبلى بخطىً عجال

رَعى سِربي فأجَدَبَ كلَّ مرعى
فكاد يموت عن فَرْطِ الهزال

وَباعدَ بين إخوانٍ وَأهلٍ
فلجّوا في التقاطعِ والتَقالي

وشاركني فكان الغُرمَ حظي
وَخُصِّصَ بالغنيمَةِ والنوال

ومن حبِ السلامِ حوى سلاحي
ليكفيني ممارسةَ القتال

وأنقض بعد ذا ظهري بعبءٍ
يؤودُ الراسيات من الجبال

فدرّبني عَلى حملِ الرزايا
وَأوصاني بصبرٍ واحتمال

وكَمَّ فمي عن الشكوى لكيلا
يسير بغيبةٍ يومًا مقالي

وَأحرجني فأخرجني فلما
رآني بالمنية لا أُبالي

دعاني للتفاهم بعد أخذٍ
وَردٍّ واختلافٍ واقتتال

وَعانقني بزنديه احتفاءً
وصافحني بهزٍ واحتفال

فطوّقني بأدهى من أفاعي
وَشَدَّ يدي عَلَى حدِّ النصال

وهشَّ وبشَّ مبتسمًا فيا مَنْ
رأى ذئبًا تبسَّم للسِخال

وأقْسمَ لا يفاوضنا إذا لمْ
نظل من السكينةِ في ظلال

فخفَّضَ صوتَه حتى المنادي
وما جهر المؤذنُ والمتالي

وعاهدني وسمّاني حليفًا
فَلَمْ أشققْ عليه ولم أُغال

تقبّلتُ القليلَ النَزْرَ وعدًا
يكدر بالتعللِ والمطال

وليس لغلةِ الصادي شفاءٌ
ببرقٍ خلَّبٍ أو لمع آل

وواعدني إلى أجلٍ مسمى
يكون قضاؤه عهدَ انتقال

فكاد يكون من مكرٍ وكيدٍ
ودسٍ عصر فوضى واختلال

لقينا في سبيل العهدِ ما لَمْ
نلاق مِنْ انتدابٍ واحتلال

فكم من حاذقٍ فَطِنٍ تغابى
وداهيةٍ تظاهر بالخبال

وكم من ضابطٍ أو مستشارٍ
تحذلق بالتجنّي والدلال

تحدانا معاكسةً وكيدًا
وَأعيانا بأشباهِ الرجال

وَخامَرَ كلَّ فَدْمٍ أو زنيمٍ
وَشايَع من طواغيتِ الضلال

أتذكرُ إذْ تجنّى الذئبُ يومًا
عَلى حَمَلٍ بتكديرِ الزلال؟

إذا استنجزت مَنْ عاهدتَ وَعدًا
تشاغل بالتنحنحِ والسُعال

ويسمعني إذا استوضحت منه
وليس بشاعرٍ لغةَ الخيال

يقول الإنكليز أبَتْ وَهذي
جيوشُ التركِ تنذر بالصيال

وَما يدريك أن يحتجَّ ناس
عَلَى التصديقِ في القطب الشمالي؟

وَجرّدَ سيفَه عشرين عامًا
لتأديبِ (العصاة) من الأهالي

فلما اجتاحتِ الغرباءُ داري
شكا السيفَ الجزازَ من الكلال

سلِ (الإسكندرونة) عن أُمورٍ
من الإغرابِ لم تخطرْ ببال

أمِن إربِ السياسةِ خذلُ حلفٍ
وإيثارُ الخصيمِ عَلَى المُوالي؟

وَربّ روايةٍ سمجتْ وَطالتْ
بأطرافِ (الجزيرة) والأعالي

أليس من السماجةِ أن صوتَ ال
ملقنِ من وراء الستر عال؟

وأشخاص الروايةِ من ذكورٍ
ونسوانٍ قرود أو سَعالُ

نَزَتْ تَسْتَنُّ في الميدانِ جربى
وقرعى والعجاف من الفصال

وأحجمتِ العتاقُ منَ المذاكي
تملْمل في اللِّجامِ وبالشِكال

أتحرقني بنفطي في بلادي
وَتورثُها الصعاليك الجوالي؟

ولم أذنبْ وَما قارفتُ إثْمًا
سوى أني وَصلتُ بكُمْ حِبالي

هبوا أنَّ الأصاغرَ خالفونا
فَلِمْ تصغون للهمجِ الضئال

ولم تخلُ الملائكُ من رجيمٍ
فهلْ تخلو الشعوبُ من الرذال؟

بعثنا بالأمينِ لكم ومن ذا
يساوي بالأمين (أبا رِغال)؟

أقول ونحن في عهدِ التَّصافي
سقاك الله يا عهدَ النِّضال

ولَمْ تخلُ السياسةُ من خداعٍ
وما كلُّ السياسةِ باحتِيال

ألا قلْ للرَّسولِ بلغت عُذْرًا
وكنتَ في السَّوابقِ في المجال

سَمَتْ لكَ في النَّوازِلِ كلُّ عينٍ
كما تسمو العيونُ إلى الهلال

أيرفضُ غابنٌ طمعًا ويرضى
غبينٌ؟ ذاك من عَنَتِ اللَّيالي

ويعطي باليمينِ عطاءَ كزٍّ
ويأخذُ بعدَ لأيٍ بالشمال؟

ويلحق في كتابِ العهدِ ذيلًا
كذيلِ الضَّبِّ ذي عَقدٍ طوال؟

ألا فانبذْ إليهِ عَلَى سواءٍ
ولا تلحفْ عليه في السؤال

وإنْ جادلتَ في أمرٍ فَأجْمِلْ
فما استقْصى كريمٌ في الجدال

فما أنا بالحريص عَلَى وصالٍ
إذا ما باتَ يرغبُ عن وِصالي

فكمْ مِنْ عاشقٍ جافى محبًّا
تَجاوَزَ في دَلالٍ واعتلال

ولولا أن يقالَ: النَّقضُ نقضٌ
لقلتُ له أقِلني قَدْ بدالي

رأيتُ الداءَ أعْضَلَ دونَ كَيٍّ
فأينَ الكَيُّ للداءِ العِضال

أما لك قد شببْتَ كما أقروا
عن الأطواقِ فانشطْ مِنْ عِقال

إرسال تعليق

0 تعليقات