أدالَ اللهُ (جلَّقَ) من عداها
وَأحسنَ عن أضاحيها عزاها
فكم حملتْ عن العربِ الرزايا
كذاك الأُمُّ تدفعُ عن حماها
مضتْ عشر عليها حالكات
كقطعِ الليلِ لم يكشفْ دجاها
أعادتْ عصرَ (تيمورٍ) إليها
فظنتْ مرةً أُخرى غزاها
وَما شابتْ لها الأطفالُ لكنْ
بشرعِ طغاتِها وَردتْ رداها
عرفنَا يومَ (يوسف) مبتداها
فهلْ مِنْ مخبرٍ عن منتهاها
(أَيوسفُ) والضحايا اليومَ كثرٌ
ليهنك كنتَ أولَ من بداها
زكا نبتُ البلادِ وَليس بدْعًا
زكيّاتُ الدما كانت حياها
فديتُك قائدًا حيًّا وَميْتا
رفعتَ لكل مكرمة صُواها
غضبتْ لأُمةٍ منها معدٌ
فأرضيتَ العروبةَ والإِلها
فيالك راقدًا نبّهتَ شَعبًا
وأيقظتَ النواظرَ من كراها
وَيا لك ميِّتًا أحييتَ منا
نفوسًا لا تقرُّ عَلَى أذاها
سمتْ بك للمعالي نفسُ حرٍ
لقدْ كانت منيّتها مناها
هويتَ عَلَى المنيةِ لا تبالي
كما تهوى الثواقبُ من سماها
فدًا لك بل لنعلك كلُّ تاجٍ
تصرّفه الطغاةُ عَلَى هواها
مصيبةُ (ميسلون) وَإن أَمضّتْ
أخفُّ وَقيعة مما تلاها
فما من بقعةٍ بدمشق إلاّ
تمثل ميسلونَ وَما دهاها
فروعُ النارِ قد طالتْ ذراها
وَبالدمِ لم يزلْ رطْبًا ثراها
فسلْ عمّا تصبّبَ من دماءٍ
تخبّركَ الحقيقةَ (غوطتاها)
وَلم أر جنّةً أمسى بنوها
وقودَ النارِ فائرةٍ سواها
وَما زالتْ بقايا السيفِ منهم
تعاني غربةً شطّتْ نواها
هُمُ كتبوا صحائفَ خالداتٍ
أرى صدرَ الزمانِ لقدْ وَعاها
وَمحنتُهمْ عَلَى مرِّ الليالي
يرنُّ بسمعِ الدنيا صداها
عشقتُ دمشق إِذْ هِيَ دارُ خلدٍ
مقيم سعدُها دانٍ جناها
فلما شبّتِ النيرانُ فيها
وَطال لهيبُها أعلى ذراها
أرتنيها المحبةُ بيتَ نارٍ
يلوح (لموبذ) وَهْنًا سناها
عبدناها نعيمًا أو جحيمًا
وألهمتِ النفوسُ بها هداها
وكان تمامَ محنتِها أمورٌ
لقد ضحكَ الزمانُ بها سفاها
بهزلِ الدهرِ تاه بها وضيعٌ
كما إبليسُ في الفردوس تاها
وَشرذمةٌ تسابق في المخازي
عجبتُ لربنا أنّى براها
أظنُّ مقاطعَ المأساةِ تمّتْ
بمهزلة تَظرَّفَ من رواها
إذا ما ليلةٌ حلكتْ وَطالتْ
فأجدرْ أن يكونَ دنا ضحاها
وَعاقبةُ الشدائدِ والرزايا
إلى فرجٍ إذا بلغتْ مداها
سأقصرُ فالقوافي اليوم جمرٌ
أخافُ على المسامعِ من لظاها
0 تعليقات