لم تَدْرِ إذ سأَلتكَ ما أَسلاكها
أبكتْ أسىً أم قطعتْ أسلاكها
فغدتْ سوالِفها تحلَّى لؤلؤًا
من أدْمُعٍ لم تستطعْ إمساكها
فأرتك سفح الطلّ في مَوْليَّة
عُنيَ الحيا ببرودها إذ حاكها
ريَّا الأَديم من النعيم إذا بَدَتْ
فوق الحرير تَخالهُ قد شاكها
وتُطيلُ بَرْحَ صداي حين تجيل ما
بين البوارق والحيا مِسْواكها
كم بات يُذْكرُك العهودَ خيالُها
وتظنُّ أنَّ الدَّهرَ قد أنساكها
تأبى اللَّيالي أن تريك أَوانسًا
كم قد أزاركها الكرى وأرَاكها
أَفْلَتْنَ أشراكي غداةَ رميتها
وعلقتُ حين رَمينني أَشراكها
تأميلُها أسر النفوس وإنَّ في
تأميل مولانا الأَمير فِكاكها
ملك الهُدى يحيى الَّذي فاق الحيا
بمواهبٍ والت يَدايَ دِراكها
صادَ القلوبَ وقادها حبًّا وقد
جَعَلَ الهبات قيودَها وشباكها
من للثريَّا أن تكون نعالَه
من للهلال بأن يكون شراكها
عَزَمَاته كنجومِ قَذْفٍ ترتمي
وقد اغتدتْ آراؤهُ أفلاكها
فَبِجُودِهِ ترجو العُفاةُ حياتَها
وببأسه تخشى العُداةُ هلاكها
بزَّ الكواكب في الثرى عزمٌ له
أبدًا يُباري نَسْرَها وسِماكها
ومثيرة ظُلمَ العَجاجِ منيرة
من فوقها شُهبُ الظبا أفلاكها
من كلِّ معتادٍ لغارات الضحى
لاكتْ نواجذه الشكيمَ وساكها
وكلت إلى رأْدِ الضحى إقرابها
ولرمي أحداق العدا إعراكها
إنَّ الخلائقَ قد أرادَ صلاحَها
ربٌّ أراها منكمُ أملاكها
علماءها حكماءها صلحاءها
سمحاءها نجحاءها نسَّاكها
أدركتُم في العلم كلَّ حقيقةٍ
شأتِ العقول وأعجزتْ إدراكها
أعطى الخلافةَ كفؤهَا الأَوْلى بها
ربٌّ بحقِّك في الورى أعطاكها
عليا أبيكَ أبي محمَّدٍ الرضا
وعلا أبي حفصٍ أبيه حباكها
فلقد جَمَعْتَ أُمورَ طائفة الهُدى
عن مثل بعديها فكنت مِلاكها
كم موطنٍ أضحى حُسامك حاقنًا
فيه الدماء بأَنْ غدا سَفَّاكها
راعت نفوسَ الشركِ منك عزائمٌ
تركتْ أخا عزٍّ حِذَارًا شاكها
قد أوطنت نارَ الجحيم نفوسُهُمْ
من قبل أنْ يتبوَّأوا أدراكها
حتَّى لقد كادتْ قلوبُ الرومِ أنْ
تنسى بذكرك خيفةً إشراكها
وبأَرضِ أندلسٍ عزمتمْ روعةً
فرشت جنوبُهُمُ بها أحساكها
ولقد أراد اللهُ روع عداتها
وأمان روعتها إذ استرعاكها
عُصِمَتْ بأَوثقِ عروةٍ من أمركم
وصلت أكفهم بها استمساكها
بك أُحْيِيَتْ آمالهم ونفوسهم
إذ حاوبت أيدي العدا إنهاكها
فجميعهم من وافدٍ أو قاعدٍ
أهداك مهجته بل استهداكها
سكنت بظلِّك في الأَمان نفوسُهُمْ
حيث الأَماني قد أطلن دراكها
كم وافدٍ مستبدلٍ بمهاده
كورَ المطيِّ إليكمُ ووراكها
يَعْلو بشكركم الرّحالَ كما علت
وُرْقُ الحمام الساجعات أراكها
إن جبَّ قَصْدُ ذراك ذروة عرْمسٍ
فنداك يضمنُ عاجلًا إتماكها
قد أوشكت تعنو المغارب كلّها
وكذا المشارق أوشكت إيشاكها
كم مسكةٍ أرجتْ بذكرك مسكة
صيرت فكري فِهْرها ومداكها
وإذا عقيلةُ مَدْحةٍ زُفَّتْ إلى
عليائكم ولي النَّوى إملاكها
لا زالَ صنعُ اللهِ في مستقبلٍ
يُنْمِيكَ كلّ صنيعة أَولاكها
ما قلتَ للأَيَّام هاتِ تقاضيًا
عِدةَ المنى إلاَّ وقالتْ هاكها
0 تعليقات