بأكثبة الدهناء منهم منازل
وأندية يغدو عليها المقاول
تنافس أيّام المكارم بينها
بألسنة يهتزّ منها مناصل
ندامى الندى والخمر تسعى عليهمُ
بأزلامهم لُعس الشفاه عقائل
وفي الحيّ بيضاء التراقي كأنّها
صفيحة هنديّ جلاها الصياقل
تميمية لم يعرف الذلّ قومُها
ولا نكباتِ الدهر وهي غوائل
وفي قضُب الخطّي يهتزّ حولها
مَشابهُ من أعطافها وشواكل
أبيت لها في مثل هميّ وشعرِها
من الليل أسري والمطايا ذوامِلُ
ومن حبّها أني أكتِّم حبها
وأنّي بها صبٌّ كأنّيَ ذاهل
أُداري الهوى عنها وأخضع للعدى
وأخشى عليها ما تجرّ الغوائل
وقد جعلت تبأى علينا بقومها
وفي وجهها شغل عن الفخر شاغل
فقلت لها صه يا ابنة القيل إننا
بنو المجد نرمي دونه ونناضل
وإنا لمن قوم همُ ورثوا العلى
على حين لم تخلق تميمٌ ووائلُ
ألم تر أن الناس في كلّ موطن
تحلّ حلول الموت فيها الصّواهل
إذا ما كميٌّ لم يجد طرقَ دِرعه
ولم يدر يومَ السيف أين الحمائل
وإنا لنعظي يعربًا حقّ يعرب
وإنا سوانا من سواها الأباطل
وهبنا تركنا أن نعدّد ما خلا
وسارت به منّا القرون الأوائل
أليس لنا في عصرنا من ملوكنا
من الفخر ما نعلو به ونطاول
لنا مثل يحيى والبريّة كلّها
له خول حتى الملوك العباهل
فتى لو ترى الأنواء في الجود رأيه
لما انجاب غيمٌ عن قرى الأرض هاطل
ولو صالت الأسدُ الغضاب مصالَهُ
لما امتنعت منها الجيوش الجحافل
ولو فصل الله الحكومةَ فصلَه
لما اختلفت بالمشكلات الأقاول
ولو علم الناس الخفيّات مثله
لما كان في الأرض العريضة جاهل
به نصرةُ الأحساب إن قام داغِلٌ
يفاخره أو ذو لسان يجادل
فلو لم يكن في مفخر غيرُ حبّه
كفاني إذا التفّت عليّ المحافل
وإنّي له من أسعد الناس كلهم
لئن لم تحاربني عليه القبائل
ستنظم لي فيه نزارٌ مكايدا
ويحسدني عاف عليه ونائل
إذا كنتَ مدّاحَ الملوك فمثله
وإلا فلم تلهج بما أنت قائل
فما الصدق كل الصدق إلا مديحه
وإلا فإن القولَ إفكٌ وباطل
ولا الناس في كنه الحقيقة غيرُه
ولا بعده إلا السوام القلائل
فمن كان منهم عاجزا فهو قادر
ومن كان منهم ناقصا فهو كامل
فلا جالت الفرسانُ إلا لنصره
ولا حملتها المقرباتُ الصواهل
ولا قلّبت تلك السلاح أكفُّها
ولا وصلت تلك الأكفَّ الأنامل
ألا إنما أنت الحياة لعاقل
وإلا فما للعيش بعدك طائل
وكل مليك غيرك اليومَ سُوقةٌ
وكل جواد غيرَك اليوم باخل
لقد جمع اللَه العلى لك كلها
وتمت لعصر أنت فيه الفضائل
وأدرك راج منك ما هو طالب
وأعطيَ دهرٌ منك ما هو آمل
ودارت رحى الهيجا عليك بأسرها
ولاذت بحقويك القنا والقنابل
فتضربهم ما دام للسيف قائم
وتطعنهم ما دام للرمح عامل
كأنك تعتد الوشيج حدائقا
مفوفة تستنُّ فيها جداول
أو الخمر صرفا ما يمجّ لك الطلى
أو المسكَ ما تسفي عليك القساطل
وأنت ربيع الناس والجيش نازل
وأنت قريع الجيش والجيش راحل
فلا حيةٌ إلا لها منك قاتل
ولا أسدٌ إلا له منك آكل
لقد دام من والاك في ظل غبطة
وأمُّ الذي يشقى بسُخطك هابل
وما لامرئٍ من خوف بأسك مهرب
ولكنما الدنيا عليه حبائل
رضاك رضى الدنيا إذا هي أقبلت
وسخطك سخط الدهر والدهر غائل
وحربك حربٌ ليس يصلى بنارها
وأمرك أمر للفرائض هائل
نظرت فما للملك غيرك حازم
لبيب ولا في الناس غيرَك عاقل
ولا في بلاد الله غيرك معقل
لحر إذا ما قيل أين المعاقل
وأقسم ما في غير نفسك منة
لمجد ولا في طبع غيرك نائل
بهذا ألاقي الله يوم لقائه
وهذا هو الحق الذي أنا قائل
وإن كنت قد حسنت ظني بالورى
وغير الورى من حسن ما أنت فاعل
تريع ولم يعطفك غيرك عاطف
وتعطي ولم يسألك غيرك سائل
وما يبتغي العافي لديك وسيلة
إذا ابتغيت عند الملوك الوسائل
شهدت ولم أكتمكها من شهادة
بأنك للدنيا وللدين كافل
وأنك أوفى العالمين بذمة
وأطولهم باعا إلى ما تحول
وأسمحهم كفا إذا جاد جائد
واربطهم جأشا إذا صال صائل
فما للواء الدين غيرك رافع
ولا لقناة الدين غيرَك حامل
ولا بارق من غير بشرك لامع
ولا عارض من غير كفّك هامل
فمن كان مسبوقا فإنك سابق
ومن كان مفضولا فإنك فاضل
إذا طلب الجهالُ يوما دلائلا
على الشمس لم تُطلب عليك دلائل
0 تعليقات