لمن صولجان فوق خدك عابث لـ ابن هانئ الأندلسي

لمن صَولجانٌ فوقَ خدّكِ عابِثُ
ومَن عاقدٌ في لحظ طرفكِ نافثُ

ومَن مذنِبٌ في الهجرِ غيَركِ مجرمٌ
ومَن ناقضٌ للعهدِ غيرَكِ ناكث

مليكٌ إذا مالَ الرّضى بجفونِهِ
رأيتَ مُميتًا بينَ عينيهِ باعِث

عيونَ المها لا سهمُكُنّ ملبَّثٌ
ولا أنا مما خامَرَ القلبَ لابث

أيحسَبُ ساري الليلةِ البدرَ واحدًا
وفي كِلَلِ الأظعانِ ثانٍ وثالث

سرينَ بقُضْبِ البانِ وهي موائدٌ
تثنّى وكُثبِ الرّمل وهي عثاعث

أُريدُ لهذا الشمل جمعًا كعهدنا
وتأبَى خطوبٌ للنوى وحوادث

عَبِثتُ زمانًا بالليالي وصَرفِها
فها هي بي لو تعلمون عوابث

لئن كان عشقُ النفس للنفس قاتلًا
فإنيَ عن حتفي بكفِّيَ باحِث

وإن كان عمرُ المرءِ مثلَ سَماحِهِ
فإنّ أميرَ الزّاب للأرْض وارث

إذا نحن جئناه اقتسمنا نوالَه
كما اقتُسمتْ في الأقربينَ الموارث

وإنّ حرامًا أن يُؤمَّلَ غيرُه
كما حُرّمَتْ في العالَمين الخبائث

تَبَسَّمتِ الأيّامُ عنه ضواحكًا
كما ابتسمت حُوُّ الرياضِ الدمائث

وسَدّ ثُغورَ المُلكِ بعدَ انثلامِها
وقد أظلمتْ تلك الخطوبُ الكوارث

فما راد في بُحبوحة المُلك رائدٌ
ولا عاثَ في عِرّيسةِ اللّيثِ عائث

وقد كان طاحَ المُلكُ لولا اعتِلاقُه
حبائِلَ هذا الأمْرِ وهيَ رَثائِث

رَمَى جبلَ الأجبال بالصَّيْلَمِ التي
يغشّي جبينَ الشمس منها الكثاكث

وما راعهمْ إلاّ سُرادقُ جعفرٍ
تحُفُّ به أُسْدُ اللّقاءِ الدّلاهِث

فَجدّلهم عن صهوة الطِّرف راكبٌ
وأظعنهمْ عن جانب الطودِ ماكث

صقيلُ النُّهى لا ينكثُ السيفُ عهدَه
إذا غرّتِ القومَ العهودُ النكائث

مُضاعَفُ نسج العِرضِ يمشي كأنما
يلُوثُ به سِرْبالَ داودَ لائث

قديمُ بناءِ البيتِ والمجد أُسِّسَتْ
قواعدُه شرُّ الأمورِ الحدائث

سريعٌ إلى داعي المكارم والعُلى
إذا ما استريث النكس والنكس رائث

وما تستوي الشَّغواءُ غيرَ حثيثةٍ
قوادمُها والكاسراتُ الحثائث

شَجًا لِعِداه لا مزار نفوسهم
قريبٌ ولا الأعمار فيهِم لوابث

لَعمري لئن هاجُوكَ حربًا فإنّها
أكُفُّ رجالٍ عن مُداها بواحث

تركتَ فؤادَ الليثِ في الخيس طائرًا
وقد كان زأْآرًا فها هو لاهِث

فلا نُقِضَ الرأيُ الذي أنتَ مُبرمٌ
ولا خُذِل الجيشُ الذي أنت باعث

تورّعتَ عن دنياكَ وهي غَريرةٌ
لها مبسِمٌ بَردٌ وفرعٌ جُثاجِث

وما الجودُ شيئًا كان قبلك سابقًا
بل الجودُ شيءٌ في زمانك حادث

كأنّك في يومِ الهِياجِ مرَنَّحٌ
تهِيجُ المثاني شَجْوَه والمثالث

لئن أثَّ ما بيني وبينك في النّدى
فإنّ فروع الواشجات أثائث

نظمتُ رقيقَ الشعر فيك وجَزلَه
كأنّيَ بالمَرجان والدُّرّ عابث

سقيتُ أعاديكَ الذُّعافَ مُثَمَّلاَ
كأنّ حُبابَ الرّملِ من فيّ نافث

حلفتُ يمينًا إنّني لكَ شاكرٌ
وإنّي وإنْ برّتْ يميني لحانث

وكيف ولم تشكركَ عنّي ثلاثةٌ
وما ولدتْ سامٌ وحامٌ ويافث

إرسال تعليق

0 تعليقات