أمنك اجتياز البرق يلتاح في الدجى لـ ابن هانئ الأندلسي

أمِنْكِ اجْتِيازُ البرْقِ يلتاحُ في الدُّجى
تَبَلّجْتِ مِنْ شَرْقِيّهِ فتبلّجَا

كأنّ به لمّا شَرى منكِ واضحًا
تبسّم ذا ظَلمٍ شنيبًا مُفَلَّجا

مُطارُ سنىً يُزجي غمامًا كأنّما
يُجاذبُ خَصْرًا في وشاحك مُدمجا

ينوءُ إذا ما ناءَ منك رُكامُه
برادفَةٍ لا تَستَقِلُّ منَ الوَجَى

كأنّ يدًا شَقّتْ خِلالَ غُيومِهِ
جُيوبًا أوِ اجتابَتْ قباءً مُفرَّجا

هلمّا نُحيّي الأجرَعَ الفردَ واللّوى
وعُوجا على تلك الرّسومِ وعَرّجَا

مواطىءُ هِنْدٍ في ثَرىً مُتَنَفِّسٍ
تَضَوّعَ مِنْ أردانِها وتأرّجا

مُنَعَّمَةٌ أبْدَتْ أسِيلًا مُنَعَّمًا
تضرّجَ قبلَ العاشقين وضرّجا

إذا هَزّ عِطْفَيْها قَوامٌ مُهَفْهَفٌ
تَداعى كثِيبٌ خَلفَهَا فترَجْرَجا

أنافِسُ في عِقْدٍ يُقبّلُ نَحْرَها
وأحْسُدُ خَلخالًا عليها ودُمْلُجا

لقد فُزتُ يوم النابضين بنظرةٍ
فلم تَلْقَ إلاّ بَدْرَ تّمٍ وهَودَجا

وأسْعَدَني مُرْفَضُّ دمعي كأنها
تَساقَطُ رأدَ اليْومِ دُرًّا مُدَحْرَجا

ألَذُّ بما تَطْويه فيكِ جَوانحي
وأشجى تَباريحًا وأسْتعْذِب الشَّجا

أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَلِّسًا
يجوز الفَلا أو ساريَ الليل مُدلِجا

ترفّعَ عنّا سِجْفُه فكأنّه
يُحيّي بيحيَى صبْحَه المتبَلِّجا

ترامَى بنا الأكوارُ في كلّ صَحصَحٍ
تَظَلُّ المهاري عُسَّجًا فيه وُسَّجا

سَرَينا وفودَ الشّكر من كلّ تلعةٍ
إذا ما وَزَعنا الليلَ باسمك أُسرجا

غمَرْتَ ندىً جزْلًا فلا البْرقُ خُلَّبًا
لديكَ ولا المزْنُ الكنَهْوَرُ زِبرِجا

وما أمَّكَ العَافُونَ إلاّ تعرّفُوا
جنابَكَ مأنُوسًا وظِلَّكَ سَجسَجا

ولم تُرَ يوْمًا غيرَ عاقِدِ حُبوةٍ
لتدبيرِ مُلْكٍ أو كمِيًّا مُدَجَّجَا

وكنْتَ إذا ثارَتْ عَجاجَةُ قَسْطَلٍ
فجَلّلَتِ الأفقَ البَهيمَ يَرَندَجا

تخلّلْتَها في المَعرَكِ الضَّنكِ مُقدِمًا
وخُضْتَ غِمارَ الموت فيها مُلجِّجا

فلم ترَ إلاّ بارقًا متألّقًا
تخَلّلَهَا أو كَوكَبًا مَتأجّجا

فداؤك نفسي ماجِدًا ذا حفيظَةٍ
يُدير رَحى العَليا على قُطُبِ الحِجى

وسيّدَ ساداتٍ إذا ما رأيتَه
عَرَفْتَ يمَانيّ النّجار متوَّجا

تألّقَ في أوضاحِهِ وحُجُولِهِ
فلم تَرَ عيني منظرًا كان أبهَجا

لقد نَبّهَ الآدابَ بعدَ خُمُولِها
وجَدّدَ منها عافِي الرّسمِ مَنهَجا

له شِيمَةٌ كالأرْيِ صَفْوٌ سِجالُها
وما السَّمُّ إلاّ أن يُقانَى ويُمزَجا

ألا لا يَرُعْه بأسُ يومِ كريهةٍ
فلن يَذعَرَ اللّيثُ الهِزَبْرُ مُهَجهِجا

نَحى المغربَ الأقصى بسَطْوةِ بأسِهِ
فغادَرَه رَهْوًا وقد كان مُرتَجا

مُطِلاٍّ على الأعداءِ يُنهِجُ بينها
بسُمْرِ العوالي والقواضِبِ مَنهَجا

ليالي حُروبٍ شِدْتَ فيها لجعْفَرٍ
مَآثِرَ لم يُخْلِفْنَه فيك ما رجا

وكمْ بِتَّ يقظانَ الجفونِ مُسهَّدًا
تُريهِ شُموسَ الرأيِ في غَسَقِ الدُّجى

فلاحَظَ عَضْبًا عن يمينكَ مُرْهَفًا
وطِرْفًا جَوادًا عن يسارك مُسْرَجا

وكم لكَ من يوْمٍ بها جِدِّ مُعلَمٍ
يُصَلّي الأعادي جَمرَه المُتَوَهِّجا

تَقومُ به بينَ السّماطَينِ خاطِبًا
إذا يومَ فَخْرٍ ذو البيانِ تَلجْلَجا

أيا زكريّاءَ الأغَرّ أهِبْ بَها
وقائعَ ألهَجْنَ القريضَ فألهِجا

لِتَهْنِئْكَ أمثالُ القوافي سوائرًا
وكُنْتَ حرِيًّا أن تُسَرّ وتُبْهَجا

فَدُمْ للشّبابِ المُرجَحِنّ وعَصْرِهِ
تُؤمَّلُ فينا للخُطوب وتُرتَجَى

إرسال تعليق

0 تعليقات