لا يَصرِفَنَّكَ عَن قَصفٍ وَإِصباءِ
مَجموعُ رَأيِ وَلا تَشتيتُ أَهواءِ
وَاِشرَب سُلافًا كَعَينِ الديكِ صافِيَةً
مِن كَفِّ ساقِيَةٍ كَالريمِ حَوراءِ
صَفراءُ ما تُرِكَت زَرقاءُ إِن مُزِجَت
تَسمو بِحَظَّينِ مِن حُسنٍ وَلَألاءِ
تَنزو فَواقِعُها مِنها إِذا مُزِجَت
نَزوَ الجَنادِبِ مِن مَرجٍ وَأَفياءِ
لَها ذُيولٌ مِنَ العِقيانِ تَتبَعُها
في الشَرقِ وَالغَربِ في نورٍ وَظَلماءِ
لَيسَت إِلى النَخلِ وَالأَعنابِ نِسبَتُها
لَكِن إِلى العَسَلِ الماذِيِّ وَالماءِ
نِتاجُ نَحلِ خَلايا غَيرِ مُقفِرَةٍ
خُصَّت بِأَطيَبِ مُصطافٍ وَمَشتاءِ
تَرعى أَزاهيرَ غيطانٍ وَأَودِيَةٍ
وَتَشرَبُ الصَفوَ مِن غُدرٍ وَأَحساءِ
فُطسُ الأُنوفِ مَقاريفٌ مُشَمِّرَةٌ
خوصُ العُيونِ بَريآتٌ مِنَ الداءِ
مِن مُقرِبٍ عُشَراءٍ ذاتِ زَمزَمَةٍ
وَعائِذٍ مُتبَعٍ مِنها وَعَذراءُ
تَغدو وَتَرجَعُ لَيلًا عَن مَسارِبِها
إِلى مُلوكٍ ذَوي عِزٍّ وَأَحباءِ
كُلٌّ بِمَعقِلِهِ يُمضي حُكومَتَهُ
في حِزبِهِ بِجَميلِ القَولِ وَالراءِ
لَم تَرعَ بِالسَهلِ أَنواعَ الثِمارِ وَلا
ما أَينَعَ الزَهرَ مِن قَطرٍ وَأَنداءِ
زالَت وَزِلنَ بِطاعاتِ الجِماعِ فَما
يَنينَ في خُدُرٍ مِنها وَأَرجاءِ
حَتّى إِذا اِصطَكَّ مِن بُنيانِها قُرَصٌ
أَروَينَها عَسَلًا مِن بَعدِ إِصداءِ
وَآنَ مِن شُهدِها وَقتُ الشِيارِ فَلَم
تَلبَث بِأَن شُيِّرَت في يَومِ أَضواءِ
وَصَفَّقوها بِماءِ النيلِ إِذ بَرَزَت
في قِدرِ قَسٍّ كَجَوفِ الجُبِّ رَوحاءِ
حَتّى إِذا نَزَعَ الرُوّادُ رَغوَتَها
وَأَقصَتِ النارُ عَنها كُلَّ ضَرّاءِ
اِستَودَعوها رَواقيدًا مُزَفَّتَةً
مِن أَغبَرٍ قاتِمٍ مِنها وَغَبراءِ
وَكُمَّ أَفواهُها دَهرًا عَلى وَرَقٍ
مِن حُرِّ طينَةِ أَرضٍ غَيرِ مَيثاءِ
حَتّى إِذا سَكَنَت في دَنِّها وَهَدَت
مِن بَعدِ دَمدَمَةٍ مِنها وَضَوضاءِ
جاءَت كَشَمسِ ضُحىً في يَومِ أَسعُدِها
مِن بُرجِ لَهوٍ إِلى آفاقِ سَرّاءِ
كَأَنَّها وَلِسانُ الماءِ يَقرَعُها
نارٌ تَأَجَّجُ في آجامِ قَصباءِ
لَها مِنَ المَزجِ في كاساتِها حَدَقٌ
تَرنو إِلى شَربِها مِن بَعدِ إِغضاءِ
كَأَنَّ مازِجَها بِالماءِ طَوَّقَها
مَنزوعَ جِلدَةَ ثُعبانٍ وَأَفعاءِ
فَاِشرَب هُديتَ وَغَنِّ القَومَ مُبتَدِأً
عَلى مُساعَدَةَ العيدانِ وَالناءِ
لَو كانَ زُهدُكِ في الدُنيا كَزُهدِكَ في
وَصلي مَشَيتِ بِلا شَكٍّ عَلى الماءِ
0 تعليقات