ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى لـ زهير بن أبي سلمى

أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى
مِنَ الأَمرِ أَو يَبدو لَهُم ما بَدا لِيا

بَدا لِيَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَزادَني
إِلى الحَقِّ تَقوى اللَهِ ما كانَ بادِيا

بَدا لِيَ أَنَّ الناسَ تَفنى نُفوسُهُم
وَأَموالُهُم وَلا أَرى الدَهرَ فانِيا

وَأَنّي مَتى أَهبِط مِنَ الأَرضِ تَلعَةً
أَجِد أَثَرًا قَبلي جَديدًا وَعافِيا

أَراني إِذا ما بِتُّ بِتُّ عَلى هَوىً
وَأَنّي إِذا أَصبَحتُ أَصبَحتُ غادِيا

إِلى حُفرَةٍ أُهدى إِلَيها مُقيمَةٍ
يَحُثُّ إِلَيها سائِقٌ مِن وَرائِيا

كَأَنّي وَقَد خَلَّفتُ تِسعينَ حِجَّةً
خَلَعتُ بِها عَن مَنكِبَيَّ رِدائِيا

بَدا لِيَ أَنّي لَستُ مُدرِكَ ما مَضى
وَلا سابِقًا شَيئًا إِذا كانَ جائِيا

أَراني إِذا ما شِئتُ لاقَيتُ آيَةً
تُذَكِّرُني بَعضَ الَّذي كُنتُ ناسِيا

وَما إِن أَرى نَفسي تَقيها كَريهَتي
وَما إِن تَقي نَفسي كَرائِمُ مالِيا

أَلا لا أَرى عَلى الحَوادِثِ باقِيا
وَلا خالِدًا إِلّا الجِبالَ الرَواسِيا

وَإِلّا السَماءَ وَالبِلادَ وَرَبَّنا
وَأَيّامَنا مَعدودَةً وَاللَيالِيا

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَهلَكَ تُبَّعًا
وَأَهلَكَ لُقمانَ بنَ عادٍ وَعادِيا

وَأَهلَكَ ذا القَرنَينِ مِن قَبلِ ما تَرى
وَفِرعَونَ جَبّارًا طَغى وَالنَجاشِيا

أَلا لا أَرى ذا إِمَّةٍ أَصبَحَت بِهِ
فَتَترُكُهُ الأَيّامُ وَهيَ كَما هِيا

أَلَم تَرَ لِلنُعمانِ كانَ بِنَجوَةٍ
مِنَ الشَرِّ لَو أَنَّ اِمرَأً كانَ ناجِيا

فَغَيَّرَ عَنهُ مُلكَ عِشرينَ حِجَّةً
مِنَ الدَهرِ يَومٌ واحِدٌ كانَ غاوِيا

فَلَم أَرَ مَسلوبًا لَهُ مِثلُ مُلكِهِ
أَقَلَّ صَديقًا باذِلًا أَو مُواسِيا

فَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ
بِأَرسانِهِنَّ وَالحِسانَ الغَوالِيا

وَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرى
بِغَلّاتِهِنَّ وَالمِئينَ الغَوادِيا

وَأَينَ الَّذينَ يَحضُرونَ جِفانَهُ
إِذا قُدِّمَت أَلقَوا عَلَيها المَراسِيا

رَأَيتُهُمُ لَم يُشرِكوا بِنُفوسِهِم
مَنِيَّتَهُ لَمّا رَأَوا أَنَّها هِيا

خَلا أَنَّ حَيًّا مِن رَواحَةَ حافَظوا
وَكانوا أُناسًا يَتَّقونَ المَخازِيا

فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ
كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا

فَقالَ لَهُم خَيرًا وَأَثنى عَلَيهِمُ
وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا

وَأَجمَعَ أَمرًا كانَ ما بَعدَهُ لَهُ
وَكانَ إِذا ما اِخلَولَجَ الأَمرُ ماضِيا

إرسال تعليق

0 تعليقات