ما بكاء الكبير بالأطلال لـ الأعشى

ما بُكاءُ الكَبيرِ بِالأَطلالِ
وَسُؤالي فَهَل تَرُدُّ سُؤالي

دِمنَةٌ قَفرَةٌ تَعاوَرَها الصَيـ
ـفُ بِريحَينِ مِن صَبًا وَشَمالِ

لاتَ هَنّا ذِكرى جُبَيرَةَ أَو مَن
جاءَ مِنها بِطائِفِ الأَهوالِ

حَلَّ أَهلي بَطنَ الغَميسِ فَبادَو
لي وَحَلَّت عُلوِيَّةً بِالسِخالِ

تَرتَعي السَفحَ فَالكَثيبَ فَذا قا
رٍ فَرَوضَ القَطا فَذاتَ الرِئالِ

رُبَّ خَرقٍ مِن دونِها يُخرِسُ السَفـ
ـرَ وَميلٍ يُفضي إِلى أَميالِ

وَسِقاءٍ يوكى عَلى تَأَقِ المَل
ءِ وَسَيرٍ وَمُستَقى أَوشالِ

وَاِدِّلاجٍ بَعدَ المَنامِ وَتَهجيـ
ـرٍ وَقُفٍّ وَسَبسَبٍ وَرِمالِ

وَقَليبٍ أَجنٍ كَأَنَّ مِنَ الريـ
ـشِ بِأَرجائِهِ لُقوطَ نِصالِ

فَلَئِن شَطَّ بي المَزارُ لَقَد أَغـ
ـدو قَليلَ الهُمومِ ناعِمَ بالِ

إِذ هِيَ الهَمُّ وَالحَديثُ وَإِذ تَعـ
ـصي إِلَيَّ الأَميرَ ذا الأَقوالِ

ظَبيَةٌ مِن ظِباءِ وَجرَةَ أَدما
ءُ تَسَفُّ الكَباثَ تَحتَ الهَدالِ

حُرَّةٌ طَفلَةُ الأَنامِلِ تَرتَبـ
ـبُ سُخامًا تَكُفُّهُ بِخِلالِ

وَكَأَنَّ السُموطَ عَكَّفَها السَلـ
ـكُ بِعِطفَي جَيداءَ أُمِّ غَزالِ

وَكَأَنَّ الخَمرَ العَتيقَ مِنَ الإِ
سفَنطِ مَمزوجَةً بِماءٍ زُلالِ

باكَرَتها الأَغرابُ في سِنَةِ النَو
مِ فَتَجري خِلالَ شَوكِ السَيالِ

فَاِذهَبي ما إِلَيكِ أَدرَكَني الحِلـ
ـمُ عَداني عَن ذِكرِكُم أَشغالي

وَعَسيرٍ أَدماءَ حادِرَةِ العَيـ
ـنِ خَنوفٍ عَيرانَةٍ شِملالِ

مِن سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضـ
ـضُ وَرَعيُ الحِمى وَطولُ الحِيالِ

لَم تَعَطَّف عَلى حُوارٍ وَلَم يَقـ
ـطَع عُبَيدٌ عُروقَها مِن خُمالِ

قَد تَعَلَّلتُها عَلى نَكَظِ المَيـ
ـطِ وَقَد خَبَّ لامِعاتُ الآلِ

فَوقَ دَيمومَةٍ تَغَوَّلُ بِالسَفـ
ـرِ قِفارٍ إِلّا مِنَ الآجالِ

وَإِذا ما الضَلالُ خيفَ وَكانَ الـ
ـوِردُ خِمسًا يَرجونَهُ عَن لَيالِ

وَاِستُحِثَّ المُغَيِّرونَ مِنَ القَو
مِ وَكانَ النُطافُ ما في العَزالي

مَرِحَت حُرَّةٌ كَقَنطَرَةِ الرو
مِيِّ تَفري الهَجيرَ بِالإِرقالِ

تَقطَعُ الأَمعَزَ المُكَوكِبَ وَخدًا
بِنَواجٍ سَريعَةِ الإيغالِ

عَنتَريسٌ تَعدو إِذا مَسَّها السَو
طُ كَعَدوِ المُصَلصِلِ الجَوّالِ

لاحَهُ الصَيفُ وَالصِيالُ وَإِشفا
قٌ عَلى صَعدَةٍ كَقَوسِ الضَاللِ

مُلمِعٍ لاعَةِ الفُؤادِ إِلى جَحـ
ـشٍ فَلاهُ عَنها فَبِئسَ الفالي

ذو أَذاةٍ عَلى الخَليطِ خَبيثُ الـ
ـنَفسِ يَرمي مَراغَهُ بِالنُسالِ

غادَرَ الجَحشَ في الغُبارِ وَعَدّا
ها حَثيثًا لِصُوَّةِ الأَدحالِ

ذاكَ شَبَّهتُ ناقَتي عَن يَمينِ الـ
ـرَعنِ بَعدَ الكَلالِ وَالإِعمالِ

وَتَراها تَشكو إِلَيَّ وَقَد آ
لَت طَليحًا تُحذى صُدورَ النِعالِ

نَقَبَ الخُفِّ لِلسُرى فَتَرى الأَنـ
ـساعَ مِن حِلِّ ساعَةٍ وَاِرتِحالِ

أَثَّرَت في جَناجِنٍ كَإِرانِ الـ
ـمَيتِ عولينَ فَوقَ عوجٍ رِسالِ

لا تَشَكّي إِلَيَّ مِن أَلَمِ النِسـ
ـعِ وَلا مِن حَفًا وَلا مِن كَلالِ

لا تَشَكّي إِلَيَّ وَاِنتَجِعي الأَسـ
ـوَدَ أَهلَ النَدى وَأَهلَ الفِعالِ

فَرعُ نَبعٍ يَهتَزُّ في غُصُنِ المَجـ
ـدِ غَزيرُ النَدى شَديدُ المِحالِ

عِندَهُ الخَزمُ وَالتُقى وَأَسا الصَر
عِ وَحَملٌ لِمُضلِعِ الأَثقالِ

وَصِلاتُ الأَرحامِ قَد عَلِمَ النا
سُ وَفَكُّ الأَسرى مِنَ الأَغلالِ

وَهَوانُ النَفسِ العَزيزَةِ لِلذَكـ
ـرِ إِذا ما اِلتَقَت صُدورُ العَوالي

وَعَطاءٌ إِذا سَأَلتَ إِذا العِذ
رَةُ كانَت عَطِيَّةَ البُخّالِ

وَوَفاءٌ إِذا أَجَرتَ فَما غُر
رَت حِبالٌ وَصَلتَها بِحِبالِ

أَريَحِيٌّ صَلتٌ يَظَلُّ لَهُ القَو
مُ رُكودًا قِيامَهُم لِلهِلالِ

إِن يُعاقِب يَكُن غَرامًا وَإِن يُعـ
ـطِ جَزيلًا فَإِنَّهُ لا يُبالي

يَهَبُ الجِلَّةَ الجَراجِرَ كَالبُسـ
ـتانِ تَحنو لِدَردَقٍ أَطفالِ

وَالبَغايا يَركُضنَ أَكسِيَةَ الإِض
ريجِ وَالشَرعَبِيَّ ذا الأَذيالِ

وَجِيادًا كَأَنَّها قُضُبُ الشَو
حَطِ تَعدو بِشِكَّةِ الأَبطالِ

وَالمَكاكيكَ وَالصِحافَ مِنَ الفِضـ
ـضَةِ وَالضامِزاتِ تَحتَ الرِجالِ

رُبَّ حَيٍّ أَشقاهُمُ آخِرَ الدَهـ
ـرِ وَحَيٍّ سَقاهُمُ بِسِجالِ

وَلَقَد شُبَّتِ الحُروبُ فَما غُمـ
ـمِرتَ فيها إِذ قَلَّصَت عَن حِيالِ

هَأُلى ثُمَّ هَأُلى كُلًّا اِعطَيـ
ـتَ نِعالًا مَحذُوَّةً بِمِثالِ

فَأَرى مَن عَصاكَ أَصبَحَ مَخذو
لًا وَكَعبُ الَّذي يُطيعُكَ عالي

أَنتَ خَيرٌ مِن أَلفِ أَلفٍ مِنَ القَو
مِ إِذا ما كَبَت وُجوهُ الرِجالِ

وَلِمِثلِ الَّذي جَمَعتَ مِنَ العُد
دَةِ تَأبى حُكومَةَ المُقتالِ

جُندُكَ التالِدُ العَتيقُ مِنَ الـ
ـساداتِ أَهلِ القِبابِ وَالآكالِ

غَيرُ ميلٍ وَلا عَواويرَ في الهَيـ
ـجا وَلا عُزَّلٍ وَلا أَكفالِ

وَدُروعٌ مِن نَسجِ داوُودَ في الحَر
بِ وَسوقٌ يُحمَلنَ فَوقَ الجِمالِ

مُلبَساتٌ مِثلَ الرَمادِ مِنَ الكُر
رَةِ مِن خَشيَةِ النَدى وَالطِلالِ

لَم يُيَسَّرنَ لِلصَديقِ وَلَكِن
لِقِتالِ العَدُوِّ يَومَ القِتالِ

لِاِمرِئٍ يَجعَلُ الأَداةَ لِرَيبِ الـ
ـدَهرِ لا مُسنَدٍ وَلا زُمّالِ

كُلَّ عامٍ يَقودُ خَيلًا إِلى خَيـ
ـلٍ دِفاقًا غَداةَ غِبِّ الصِقالِ

هُوَ دانَ الرَبابَ إِذ كَرِهوا الديـ
ـنَ دِراكًا بِغَزوَةٍ وَصِيالِ

ثُمَّ أَسقاهُمُ عَلى نَفَدِ العَيـ
ـشِ فَأَروى ذَنوبَ رِفدٍ مُحالِ

فَخمَةً يَلجَأُ المُضافُ إِلَيها
وَرِعالًا مَوصولَةً بِرِعالِ

تُخرِجُ الشَيخَ مِن بَنيهِ وَتُلوي
بِلَبونِ المِعزابَةِ المِعزالِ

ثُمَّ دانَت بَعدُ الرِبابُ وَكانَت
كَعَذابٍ عُقوبَةُ الأَقوالِ

عَن تَمَنٍّ وَطولِ حَبسٍ وَتَجميـ
ـعِ شَتاتٍ وَرِحلَةٍ وَاِحتِمالِ

مِن نَواصي دودانَ إِذ كَرِهوا البَأ
سَ وَذُبيانَ وَالهِجانِ الغَوالي

ثُمَّ وَصَلتَ صِرَّةً بِرَبيعٍ
حينَ صَرَّفتَ حالَةً عَن حالِ

رُبَّ رَفدٍ هَرَقتَهُ ذَلِكَ اليَو
مَ وَأَسرى مِن مَعشَرٍ أَقتالِ

وَشُيوخٍ حَربى بِشَطّي أَريكٍ
وَنِساءٍ كَأَنَّهُنَّ السَعالي

وَشَريكَينِ في كَثيرٍ مِنَ الما
لِ وَكانا مُحالِفَي إِقلالِ

قَسَما الطارِفَ التَليدَ مِنَ الغُنـ
ـمِ فَآبا كِلاهُما ذو مالِ

لَن تَزالوا كَذَلِكُم ثُمَّ لا زِلـ
ـتَ لَهُم خالِدًا خُلودَ الجِبالِ

إرسال تعليق

0 تعليقات