رمضان أقبل يا أولي الألباب لـ خير الدين وانلي

رمضان أقبل يا أولي الألباب
فاستقبلوه بعد طول غياب

عام مضى من عمرنا في غفلة
فتنبهوا فالعمر ظلّ سحاب

وتهيؤوا لتصبّر ومشقةّ
فأجور من صبروا بغير حساب

الله يجزي الصائمين لأنّهم
من أجله سخروا بكل صعاب

لا يدخل الريّان إلا صائم
أكرم بباب الصوم في الأبواب

ووقاهم المولى بحرّ نهارهم
ريح السموم وشرّ كل عذاب

وسقوا رحيق السلسبيل مزاجه
من زنجبيل فاق كل شراب

هذا جزاء الصائمين لربهم
سعدوا بخير كرامة وجناب

لصوم جنّة صائم من مأثم
ينهى عن الفحشاء والأوشاب

الصوم تصفيد الغرائز جملة
وتحرّر من ربقة برقاب

ما صام من لم يرع حقّ مجاور
وأخوّة وقرابة وصحاب

ما صام من أكل اللحوم بِغيبة
أو قال شرا أو سعى لخراب

ما صام من أدّى شهادة كاذب
وأخلّ بالأخلاق والآداب

الصوم مدرسة التعفّف والتقى
وتقارب البعداء والأغراب

الصوم رابطة الإخاء قويّة
وحبال ودّ الأهل والأصحاب

الصوم درس في التساوي حافل
بالجود والإيثار والترحاب

شهر العزيمة والتصبّر والإبا
وصفاء روح واحتمال صعاب

كم من صيام ما جنى أصحابه
غير الظمأ والجوع والأتعاب

ما كلّ من ترك الطعام بصائم
وكذاك تارك شهوة وشراب

الصوم أسمى غاية لم يرتق
لعلاه مثل الرسل والأصحاب

صام النبي وصحبه فتبرؤوا
عن أن يشيبوا صومهم بالعاب

قوم هم الأملاك أو أشباهها
تمشي وتأكل دثّرت بثياب

صقل الصيام نفوسهم وقلوبهم
فغدوا حديث الدهر والأحقاب

صاموا عن الدنيا وإغراءاتها
صاموا عن الشهوات والأراب

سار الغزاة إلى الأعادي صُوّما
فتحوا بشهر الصوم كلّ رحاب

ملكوا ولكن ما سهوا عن صومهم
وقيامهم لتلاوة وكتاب

هم في الضحى آساد هيجاءٍ لهم
قصف الرعود و بارقات حراب

لكنّهم عند الدجى رهبانه
يبكون ينتحبون في المحراب

أكرم بهم في الصائمين ومرحبا
بقدوم شهر الصيد والأنجاب