رمضان عدت ولم تزل لـ أحمد سالم باعطب

رَمَضَانُ بِالحَسَنَاتِ كَفُّكَ تَزْخَرُ
وَالكَوْنُ فِي لأْلاءِ حُسْنِكَ مُبْحِرُ

يَا مَوْكِبًا أَعْلامُهُ قُدُسِيَّةٌ
تَتَزَيَّنُ الدُّنْيَا لَهُ وَتُعَطَّرُ

أَقْبَلْتَ رُحْمَى فَالسَّمَاءُ مَشَاعِلٌ
وَالأَرْضُ فَجْرٌ مِنْ جَبِينِكَ مُسْفِرُ

وَبَسَطْتَ بِالقُرُبَاتِ مَائِدَةَ الهُدَى
تَلْقَى بِهَا الأَرْوَاحُ مَا تَتَخَيَّرُ

هَتَفَتْ لِمَقْدَمِكَ النُّفُوسُ وَأَسْرَعَتْ
مِنْ حُوبِهَا بِدُمُوعِهَا تَسْتَغْفِرُ

لأَمَتْ بِتَوْبَتِهَا جِرَاحَ ذُنُوبِهَا
وَالنَّفْسُ تَسْمُو بِالصِّيَامِ وَتَطْهُرُ

***
رَمَضَانُ بِالقُرْآنِ لَيْلُكَ عَاطِرٌ
وَيَطِيبُ يَوْمُكَ بِالدُّعَاءِ وَيُزْهِرُ

كَمْ لِلْبُطُولَةِ فِيكَ مِنْ إِشْرَاقَةٍ
بِالنَّصْرِ تَسْحَبُ ذَيْلَهَا تَتَبَخْتَرُ

فَجَّرْتَ فِي بَدْرٍ يَنَابِيعَ الفِدَا
كُثْبَانُهَا مِسْكٌ يَضُوعُ وَعَنْبَرُ

أَرْضٌ تُرَبِّي النُّبْلَ فِي جَنَبَاتِهَا
نَشَأَتْ تُسَبِّحُ رَبَّهَا وَتُكَبِّرُ

أَرْضٌ مِنَ الإِيمَانِ تَنْسِجُ دِرْعَهَا
إِنْ دَقَّ نَاقُوسُ الْوَغَى تَتَفَجَّرُ

عَزَفَتْ سَنَابِكُ خَيْلِهَا أُنْشُودَةً
أَوْدَى بِهَا كِسْرَى وَجُنَّ القَيْصَرُ

***
وَحَمَلْتَ مِنْ حِطِّينَ أَرْوَعَ لَوْحَةٍ
مَا زِلْتَ ذَا شَغَفٍ بِهَا تَسْتَأْثِرُ

وَشَهِدْتَ مَعْرَكَةَ العُبُورِ صَحِيفَةً
فِي المَجْدِ تَهْزَأُ بِالغُزَاةِ وَتَسْخَرُ

***
رَمَضَانُ عُدْتَ وَلَمْ تَزَلْ خُطُوَاتُنَا
فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ بِنَا تَتَعَثَّرُ

رَمَضَانُ إِنَّا الصَّابِرُونَ عَلَى الأَذَى
تَدْمَى مَشَاعِرُنَا وَلا نَتَأَثَّرُ

رُوِيَتْ سُيُوفُ عُدَاتِنَا وَسُيُوفُنَا
بِيضٌ تَكَادُ مِنَ الصَّدَى تَتَكَسَّرُ

رَمَضَانُ عُدْتَ وَلَمْ تَزَلْ كَلِمَاتُنَا
يَغْتَالُهَا الصَّمْتُ الرَّهِيبُ فَتُقْبَرُ

رَمَضَانُ عُدْتَ وَلَمْ تَزَلْ بَسَمَاتُنَا
تَصْلَى العَذَابَ عَلَى الشِّفَاهِ فَتُصْهَرُ

لا النُّصْحُ أَخْصَبَ حِينَ أَجْدَبَ وَعْيُنَا
أَبَدًا وَلا عُذْرٌ يُقَالُ فَنُعْذَرُ

يَكْفِي عُقُوقًا أَنَّنَا مِنْ غَفْلَةٍ
نَخْتَالُ فِي نِعَمِ الإِلَهِ وَنَكْفُرُ

أَرْوَاحُنَا كَلَّتْ بِهَا عَزَمَاتُهَا
جَوْعَى تَسَحَّرُ بِالوُعُودِ وَتُفْطِرُ

رَمَضَانُ عَصْرُ الظُّلْمِ أَخْرَجَ قَيْأَةُ
فِي جُعْبَتَيَّ صَفَاقَةٌ وَتَجَبُّرُ

وَالسِّلْمُ مَهْزَلَةٌ يَبِيعُ فُصولَهَا
زَمَنٌ بِقَانُونِ الحِجَا مُتَحَجِّرُ

وَالعَدْلُ مَاتَ قُبَيْلَ سِنِّ بُلُوغِهِ
قَتَلَتْهُ أَطْمَاعٌ عَلَيْهِ تُسَيْطِرُ

وَالنَّازِحُونَ إِلَى المَجَازِرِ إِخْوَتِي
قَلْبٌ يَذُوبُ وَمُهْجَةٌ تَتَفَطَّرُ

هَذِي سَرَايِيفُو تَئِنُّ وَمَا رَأَتْ
مِنْ أَهْلِهَا مَنْ يَسْتَجِيبُ وَيَنْصُرُ

عَقِمَتْ دِيَارُ المُسْلِمِينَ فَلَمْ يَعُدْ
زَيْدُ بْنُ حَارِثَةٍ يَصُولُ وَجَعْفَرُ

***
رَمَضَانُ إِنْ أَبْصَرْتَنَا فِي غَابَةٍ
أَسْرَى وَرَوْضُ الطُّهْرِ فِينَا مُقْفِرُ

وَرَأَيْتَنَا أُمَمًا مُمَزَّقَةَ الخُطَا
وَشَبَابُهَا بِمَصِيرِهَا مُسْتَهْتَرُ

وَتَبَدَّلَتْ أَخْلاقُهَا وَتَحَوَّرَتْ
فَالخَوْفُ حُلْمٌ وَالضَّيَاعُ تَحَرُّرُ

وَالغَدْرُ حَزْمٌ وَالخِيَانَةُ فِطْنَةٌ
وَالصَّبْرُ أَنْ تَحْيَا وَحَقُّكَ مُهْدَرُ

فَارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ لَعَلَّنَا
بِوَسِيلَةٍ مِنْ رَبِّنَا نَتَغَيَّرُ

إرسال تعليق

0 تعليقات