لِمَن العيونُ الفاتراتُ ذبولا
ومَنِ الخيالُ موسِّدًا محمولا
يا همّ قلبي في صبا أيامه
وسهاد عيني في الليالي الأولى
عيناي كذّبتا وقلبي لم تدع
دقاتُه شكًا ولا تأويلا
يا أيها الملك العليل أفق تجد
مضناك بين العائدين عليلا
يوم المآب كم انتظرتك باكيًا
وبعثتُ أحلامي إليك رسولا
خاطبت عنك فما تركت مخاطبًا
وسألت حتى لم أدع مسؤولا
وغرقتُ في الأمل الجميل فلم أدع
متخيَّلًا عذبًا ولا مأمولا
وبكيتُ من يأسي عليك فلم أذر
عند المحاجر مدمعًا مبذولا
وأسائل الزمن الخفيّ لعله
يشفي أوامًا أوامًا أو يبل غليلا
يا أيها الزمن الذي أسراره
لا تستطيع لها العقول وصولا
بالله قل أوَ ما وراءك لحظة
جمعت خليلًا هاجرًا وخليلًا
هي لحظةٌ وهي الحياة ومن يعش
من بعدها يجد الحياة فضولا
مرَّ الظلام وأنت ملء خواطري
ودنا الصباح ولم أزل مشغولا
وأتى النهار على فتى أمسى بما
حمل النهار من الشؤون ملولا
وكذا الحياةُ تملُّ إن هي أقفرت
ممن يهوّن عِبئها المحمولا
كد على كدٍّ ولست ببالغ
إلا ضنى متتابعًا ونحولا
صدأ الحوادث بدّل الإشراق في
فكري وكدّر خاطري المصقولا
وتتابع الأنواء في أفق الصّبا
لم يُبق لي صحوًا أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي وزالت دوحة
مدت لنا ظل الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا
ويثور بي حبي فإن لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلت بنبعه أرد الهوى
فأذاقنيه محطمًا ووبيلا
ما راعني ما ذقته وخشيت أن
ألقاك بالداء الدفين جهولا
فأشدّ ما عانى الفؤاد صبابةٌ
شبّت وظل دفينها مجهولا