صخرة الملتقى لـ إبراهيم ناجي

سأَلْتُكِ يا صخرَةَ المُلتقَى
متَى يجمَعُ الدَّهْرُ ما فَرَّقا!

فيا صخرَةً جمعَتْ مهجتَيْنِ
أفاءَا إلي حُسْنِها المُنْتَقَى

إذا الدَّهْـرُ لَجَّ بأقدارِهِ
أجَدَّا عَلَى ظَهرِها المَوثِقا

قَرَأْنَا عليكِ كتابَ الحياةِ
وفَضَّ الهوَى سِرَّها المُغْلَقا

نرَى الشمسَ ذائِبَةً في العُبابِ
وننتَظِرُ البَدْرَ في المُرْتَقَى

إذا نشَرَ الغربُ أثوابَـه
وأطلَقَ في النفْسِ ما أطلَقا

نقول: هلِ الشمسُ قَدْ خضَّبَتْه
وخَلَّتْ به دَمَها المُهْرَقا

أَمِ الغَرْبُ كالقَلْبِ دامي الجِراحِ
له طِلْبَةٌ عَزَّ أنْ تُلْحَقا

فيا صورَةً في نواحِي السَّحابِ
رأَيْنا بها هَمَّنا المُغْرِقا

لَنا اللهُ مِن صورةٍ في الضَّميـــرِ
يراهَا الفَتَى كلَّمَا أطْرَقا

يرَى صورَةَ الجُرْحِ طَيَّ الفؤادِ
مازالَ ملتَهِبًا مُحْرقا

ويأبَى الوفاءُ علَيه انْدِمالًا
ويأبَى التذَكُّرُ أنْ يُشْفِقا

ويا صخَرَةَ العَهْدِ أُبْتُ إليكِ
وقَدْ مُزّقَ الشَّمْلُ ما مُزِّقا

أُرِيكِ مَشِيبَ الفؤادِ الشَّهيدِ
والشَّيْبُ ما كَلَّلَ المَفْرِقا

شَكا أَسْرَه في حِبالِ الهَوَى
ووَدَّ علَى اللهِ أَنْ يُعْتَقا

فلَمَّا قضَى الحَظُّ فَكَّ الأسيـ
ــرِ حَنَّ إلَى أَسْرِهِ مُطْلَقا