قال الشيخ الجليل النحوي المقرئ قدوة أهل زمانه ووحيد عصره أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري رحمه الله:
الحمد لله ذي العزة والطول، والقوة والحول، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين مرسلا وأكرمهم عند الله منزلا، وسلم تسليما آخرا وأولا.
وبعد فإني لما رأيت قصيدة أبي مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني المقرئ رحمه الله تقصر عن كثير من معاني أصول القراءة وغيرها، إذ لا يقدر شاعر غيري على نظم جميعها، صنعت هذه القصيدة غير مفاخر له بها ولا مستعجز عنه، وكيف وقد اعتذر من التقصير فقال:
وقد بقيت أشياء بعد لطيفة
يلقنها باغي التعلم بالصبر
ولكن قصدت إلى ما لم يقصد إليه، ونبهت على ما ينبه عليه، من ذكر التعوذ والبسملة وميم الجمع وهاء الإضمار والمد والقصر وتحقيق الهمز الساكن والمتحرك وتسهيله في مجاريه كلها، ونقل الحركة إلى الساكن قبلها، وترتيب الهمزة الساكنة، والإظهار والإدغام، والروم والاشمام، والفتح والإمالة، وتفخيم الراءات واللامات وترقيقها، وفرش الحروف، والزوائد، واستقصيت ذلك كله.
واتبعت أصل ورش وأصل قالون في روايتيهما، وما تفرد به قالون دون ورش، فحافظ قصيدتي هذه يحصل على ثلاث روايات، ولا يحتاج إلى درس كتاب، ولا يعجز إن شاء الله عن جواب.
فليدع الله لي بالتوبة، والعصمة من الحوبة، ومن الحق الواجب، أن يدعو للمنصور والحاجب فهما فجرا هذا النهر من بحري، واستخرجا هذا الدرر من نحري، بصفحهما الجميل، وإحسانهما الجزيل، جزاهما الله حسن ثوابه، كما أجلساني لإقراء كتابه، وأخرجاني من ظلمة الشعراء، إلى نور القراء.
قلت مستعينا بالله: هذا آخر صدر كتابي الذي أعجز جميع اترابه، وميز صدق متابه:
0 تعليقات