ديمة الأشواق لـ عبد الحميد ضحا

كَانَ اللِّقَاءُ عَلَى رِيَاضٍ مُمْرِعِ
وَكَأَنَّنِي بَيْنَ السَّحَابِ بِمَرْبَعِ

وَالأُفْقُ صَارَ مُقَيَّدًا بِجَوَانِحِي
وَكَأَنَّنِي مَلِكُ النُّجُومِ الطُّلَّعِ

وَالْبَدْرُ صَارَ سَنَاهُ رَهْنَ لِقَائِنَا
فَالْكَوْنُ فِي الظُّلُمَاتِ إِلَّا مَوْضِعِي

فَأَخَذْتُ أَحْتَضِنُ السِّهَامَ كَأَنَّنِي
وَسَطَ الْوَغَى أَلْقَيْتُ كُلَّ الأَدْرُعِ

وَالسَّهْمُ مَا يُصِبِ الْفُؤَادَ فَإِنَّهُ
يَهَبُ الدُّنَى أَزْكَى دَمٍ مُتَضَوِّعِ

دَمِ عَاشِقٍ كَانَ الرَّنَا هُوَ حُلْمَهُ
فَإِذَا الرَّنَا مِلْكٌ لِقَلْبٍ قَدْ نُعِي

فَإِذَا الْحَيَاةُ تَعُودُ لِلْقَلْبِ الشَّجِي
وَيَصِيرُ نَبْعًا لِلْقَرِيضِ الْمُمْتِعِ

فَتَصِيرُ مُلْهِمَةَ الْخَلِيِّ بِشِعْرِهِ
فَيَرَى الْوَرَى: مَا قَبْلَهُ مِنْ مُبْدِعِ

هِيَ غُنْوَةٌ كُتِبَتْ بِقَلْبِي لَحْنُهَا
شَوْقُ الْحَنَايَا نَغْمَةٌ لَمْ تُسْمَعِ

هِيَ قِصَّةٌ فِي كُلِّ حَرْفٍ سَكْرَةٌ
كَالْحُلْمِ يَحْكِي لَذَّةً لَمْ تُقْمَعِ

هِيَ فَرْحَةٌ تَمْحُو الْأَسَى بِضِيَائِهَا
كَالشَّمْسِ تَبْدُو بَعْدَ لَيْلٍ مُتْرَعِ

هِيَ دَمْعَةُ الْأَشْوَاقِ وَالْفَرَحِ الَّتِي
جَعَلَتْ مَرَارَ الدَّمْعِ عَذْبَ الْمَدْمَعِ

هِيَ بَدْرُ لَيْلٍ مُظْلِمٍ قَدْ أَشْرَقَتْ
جَعَلَتْهُ لَيْلًا مُشْرِقًا لَمْ يَطْلُعِ

هِيَ دِيمَةٌ جَعَلَتْ فُؤَادِي جَنَّةً
قَدْ كَانَ قَفْرًا كَالصَّحَارِي الْبَلْقَعِ

هِيَ بَسْمَةٌ يَغْزُو ضِيَاهَا الْكَوْنَ، إِنْ
غَابَتْ، عَرَاهُ لَوْعةُ الْمُتَفَجِّعِ

كَمْ أَطْرَبَتْنِي مِنْ حِكَايَةِ عَاشِقٍ
فَعَلِمْتُ أَنَّ سِوَايَ كُلٌّ يَدَّعِي

أَنَا عَاشِقٌ مَا كَانَ يَوْمًا فِي الْوَرَى
أَحْكِي الْهَوَى بِصَفَائِهِ الْمُتَوَرِّعِ

أَحْكِي حِكَايَةَ عَاشِقٍ مُتَوَلِّهٍ
حَتَّى ظَنَنْتُ الْعِشْقَ فِيهِ مَصْرَعِي

إرسال تعليق

0 تعليقات