لَعَمرُ أَبي عَمروٍ لَقَد ساقَهُ المَنا
إِلى جَدَثٍ يوزى لَهُ بِالأَهاضِبِ
لِحَيَّةِ جُحرٍ في وِجارٍ مُقيمَةٍ
تَنَمّى بِها سَوقُ المَنا وَالجَوالِبِ
أَخي لا أَخا لي بَعدَهُ سَبَقَت بِهِ
مُنَيَّتُهُ جَمعَ الرُقى وَالطَبائِبِ
فَعَينَيَّ لا يَبقى عَلى الدَهرِ فادِرٌ
بِتَيهورَةٍ تَحتَ الطِخافِ العَصائِبِ
تَمَلّى بِها طولَ الحَياةِ فَقَرنُهُ
لَهُ حِيَدٌ أَشرافُها كَالرَواجِبِ
يَبيتُ إِذا ما آنَسَ اللَيلَ كانِسًا
مَبيتَ الغَريبِ ذي الكَساءِ المُحارِبِ
مَبيتَ الكَبيرِ يَشتَكي غَيرَ مُعتَبٍ
شَفيفَ عُقوقٍ مِن بَنيِهِ الأَقارِبِ
بِها كانَ طِفلًا ثُمَّ أَسدَسَ فَاستَوى
فَأَصبَحَ لِهمًا في لُهومٍ قَراهِبِ
يُرَوَّعُ مِن صَوتِ الغُرابِ فَيُنتِحي
مَسامَ الصُخورِ فَهُوَ أَهرَبُ هارِبِ
أُتيحَ لَهُ يَومًا وَقَد طالَ عُمرُهُ
جَريمَةُ شَيخٍ قَد تَحَنَّبَ ساغِبِ
يُحامي عَلَيهِ في الشِتاءِ إِذا شَتا
وَفي الصَيفِ يَبغيهِ الجَنى كَالمُناجِبِ
فَلَمّا رَآهُ قالَ لِلَّهِ مَن رَأى
مِنَ العُصمِ شاةً مِثلَ ذا بِالعَواقِبِ
أَطافَ بِهِ حَتّى رَماهُ وَقَد دَنا
بِأَسمَرَ مَفتوقٍ مِنَ النَبلِ صائِبِ
فَنادى أَخاهُ ثُمَّ طارَ بِشَفرَةِ
إِلَيهِ اجتِزارَ الفَعفَعِيِّ المُناهِبِ
وَلِلَّهِ فَتخاءُ الجَناحَينِ لِقوَةٌ
تُوَسِّدُ فَرخَيها لُحومَ الأَرانِبِ
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ في جَوفِ وَكرِها
نَوى القَسبِ يُلقى عِندَ بَعضِ المَآدِبِ
فَخاتَت غَزالًا جاثِمًا بَصُرَت بِهِ
لَدى سَمُراتٍ عِندَ أَدماءَ سارِبِ
فَمَرَّت عَلى رَيدٍ فَأَعنَتَ بَعضَها
فَخَرَّت عَلى الرِجلَينِ أَخيَبَ خائِبِ
تَصيحُ وَقَد بانَ الجَناحُ كَأَنَّهُ
إِذا نَهَضَت في الجَوِّ مِخراقُ لاعِبِ
وَقَد تُرِكَ الفَرخانُ في جَوفِ وَكرِها
بِبَلدَةِ لا مَولىً وَلا عِندَ كاسِبِ
فُرَيخانُ يَنضاعانُ في الفَجرِ كُلَّما
أَحَسّا دَوِيَّ الريحِ أَو صَوتَ ناعِبِ
فَلَم يَرَها الفَرخانِ عِندَ مَسائِها
وَلَم يَهدَآ في عُشِّها مِن تَجاوُبِ
فَذلِكَ مِمّا يُحدِثُ الدَهرَ إِنَّهُ
لَهُ كُلُّ مَطلوبٍ حَثيثٍ وَطالِبِ
0 تعليقات