شتّانَ بينَ المالكَيْنِ نِصابا
ملكَ القلوبَ ويملكونَ رِقابا
و ملكتُ من هذا الغرامِ قليلَه
فاستفتَحا بقليلهِ الأبوابا
قلبي وعقلي والقوافي منذُ أنْ
زمّلْتَها تتصيّدُ الكُتّابا
ما كانَ كلُّ الصّيدِ في جوفِ الفَرا
حتّى تمعّنَ واتِري فأصابا
هذا الفؤادُ أنا الذي خبّأْتُه
عن مقلتَيكَ فصادفَ الأهدابا
علّقتُ بينَ البُردتَينِ مدائحي
و سوايَ يعلَقُ غادةً وكَعابا
لا ناعسَ الطّرفِ الذي بايعتُه
في النّومِ كنتَ ولم أكُ السّيّابا
إنّي وما عُلِٰمْتُ منطقَ طائرٍ
أشدو بذكركَ جَيئةً وذهابا
للهِ طبْعُ الوردِ يُخفي عطرَهُ
و يُقيمُ مِن ألوانهِ حُجّابا
حاولتُهُ أو كِدتُ لولا أنْ رأى
بُرهانَه قلبي فعادَ وتابا
و صفا إناءُ الحُبِّ رقَّ زجاجُهُ
حتّى رأيتُ وما رأيتُ شرابا
لكنّ ماءً سالَ أو كالماءِ مِن
و على حواشيهِ فشَفَّ وطابا
صُنِعتْ على عينِ الرّحيقِ كؤوسُهُ
فكأنّما شرَحَتْ بهِ الأسبابا
أرجعْتُ فيهِ الطّرفَ واسترجعتُهُ
في كرّتَينِ فغابَ فيهِ وآبا
ما بينَ منبرهِ وموضعِ قبرِهِ
خطّ الجمالُ لقارئيهِ كِتابا
قرأتْ على يدهِ الشّعوبُ ولم يزلْ
في كلِّ سطرٍ يشرحُ الآدابا
في غارِهِ الجبليِّ لم يكُ خاليًا
كان المدى يتعلّمُ الإعرابا
مِن (قُمْ فأنذرْ) لم يُدثِّرْ عينَهُ
نومٌ ودثّرَ عاريًا ومُصابا
حافٍ وما مِن حبّةٍ في مكّةٍ
لم يحتمِلْ عنها دمًا وعذابا
عارٍ عن الدّنيا وأوّلَ كلِّ (بسم اللهِ)
يفتحُ في المعارجِ بابا
الأسودانِ على خريطةِ فقرهِ
يتوزّعانِ مآذنًا وقِبابا
نِعمَ الإدامُ الخَلُّ حينَ مُحاصَرٌ
في الشِّعْبِ يفتحُ للجياعِ شِعابا
ما كانَ عَدّاسٌ لِيؤمنَ قلبُهُ
لو لم يجدَهُ السُّكَّرَ العنّابا
سبحانَ مَن أسرى به ليلًا ومَن
أدناهُ مِن قوسِ الجلالةِ قابا
و ارتَدَّ مِن أعلى ليخصِفَ نعلَهُ
و يُطاعِمَ الفقراءَ والأصحابا
خُلُقٌ كأنّ الوَدْقَ من أعطافِهِ
و خِلالِهِ يُهدي الوجودَ سَحابا
خُلُقٌ هو القرآنُ هذّبَ حُسنُهُ
عربًا وزكّى يُمْنُهُ أعرابا
و الحبُّ يبدأ بالقلوبِ فكلّما
(بانتْ سعادُ) وجدتَ قلبكَ ذابا
كان الطريقُ مُطوَّقًا بحمامةٍ
لم تبنِ عُشًّا بل بنَتْ محرابا
لا حُزنَ فيهِ معيّةُ المولى هنا
بدمِ الرّضا تتحسّسُ الأعصابا
يا (مِن ثنيّاتِ الوداعِ) ويومَها
يا راكبًا لا يُشبهُ الرُّكّابا
مَن صاغَ مِن تَمْرٍ سُواعًا لا كمَن
بالحُبِّ والإيمانِ صاغَ شبابا
فكأنّ كلّ مهاجرٍ في أوْسِهِ
(سعدٌ) و(يثربَ) أصبحتْ خَبّابا
تتفاوتُ الأقدارُ بالتّقوى ولا
يتفاوتونَ نُهىً ولا أنسابا
والنّفسُ لا ترقى إذا لم تقترفْ
بقُباءَ مِن أثَرِ السُّجودِ تُرابا
يومَ التقى الجمعانِ ضجّ رِداؤهُ
بدعائهِ ودعا الخصومُ سَرابا
بالعُدوةِ الدّنيا أقامَ عريشَهُ
والرّكبُ أسفلَ منهُ خارَ وخابا
والمجدُ لا يُؤتى لمَنْ لم يأتِهِ
قَدَرُ المعالي أن تُقادَ غِلابا
ما كان للطّلقاءِ أنْ يستقسِموا
مِن بعدِه الأزلامَ والأنصابا
لمّا عفا وهو المُقَدِّرُ رحمةً
وبكى لهم وهو العزيزُ جَنابا
يا أيها الرّيمُ الذي لم يستترْ
عن طالبٍ لا يُشبهُ الطُّلّابا
ما حلّ أزرارَ البنفسجِ زائرٌ
إلا وشقّ على الأريجِ ثيابا
يا سيّدًا ومحمّدًا يا رحمةً
للعالمينَ ونِعمةً وثَوابا
ما كانَ صدرٌ مثلَ صدركَ عامرًا
بالحُبِّ هم مَن صدّروا الإرهابا
كوثَرْتَ آيَ اللهِ في أرواحنا
وتخندقوا مِن حولنا أحزابا
أحييتَ بالقرآنِ إنسانيّةً
وتقاسموا دُنيا الورى أقطابا
لو أنّهم عرفوكَ لاعتاضوا عن الـ
ـدّمِ ياسمينًا والحرابِ حُبابا
ولأسّسوا للخيرِ أعظمَ دولةٍ
ولَصالحَ السيفُ الصّقيلُ قِرابا
جمّلتُ شِعري حينَ لم أختَرْ له
من غيرِ كأسِكَ سُكّرًا ورُضابا
يا ليتني أُحُدٌ أوَ انّي فوقَهُ
حجرٌ يُحَبُّ وحبّةٌ تتصابى
بالغتُ في هذا الدُّنُوِّ ولم ولا
كعْبًا بلغتُ ولا بلغتُ كِلابا
ما كان ربّي أن يُعذّبَ شيبةً
شابتْ بهِ ودمي بحُبّكَ شابا
0 تعليقات