المنفى لـ أنس الدغيم

ولدتُ ولم تكنْ أمّي بغيّا
كوجهكَ أنتَ يشرقُ سرمديّا

كنجمٍ صار من صلصال روحٍ
ويسكنُ -حينَ يسكنُكَ- الثّريّا

وما وُلِد الهوى فردًا ولكنْ
ولدنا -حين شئتَ لنا- سويّا

وأنتَ البيتُ والمنفى وغيمٌ
بحجمِ الشّعرِ يمطرنا رويّا

وكنتَ وكان وجهي شطرَ أُخرى
بقايا مكّةٍ لبثتْ سِنيّا

وكنتَ دمشقَ تنزفُ ياسمينًا
لتدفعَ عنكَ سيفًا مزدكيّا

تصالحنا على فجرٍ جديدٍ
فكان الفجرُ يا أبتي عصيّا

وما زلنا نحاولُهُ ليأتي
على أشلائنا صبحًا نديّا

ونفرشُ كلّ راجمةٍ رُكامًا
لتلبسَ أنتَ ثوبًا عبقريّا

وكنتَ لأنّكَ المحمولُ فينا
ونسكنُ فيكَ منفانا الأبيّا

وهمْ قتلوكَ لمّا كنتَ كوْنًا
ولمّا كانَ وجهُكَ يوسفيّا

وهم ذئبُ القطيعِ وألفُ جُبٍّ
وسبعتُنا العجافُ تُعادُ غيّا

وهمْ مَن قدّ من دُبُرٍ قميصًا
ولكنْ كان سِجنُكَ (تدمريّا)

ومذْ أن صارَ حاكمهم إلهًا
وصارَ النّفطُ سلطانًا وليّا

خرجتُ على نصوصِ الملكِ بغيًا
وأحلى الموت حينَ تموتُ بَغيا

وهم بُعثوا وما بُعثوا كرامًا
فكانَ البعثُ موتًا أبجديّا

وما صلبوا مسيحًا كلّ يومٍ
صليبٌ يقتلُ الشّعبَ النّبيّا

ولا غُلبتْ بأدنى الأرضِ رومٌ
كما غُلبوا بأعلاها عُرِيّا

أنا المشنوقُ أعلى كلِّ بيتٍ
وأسفلَهُ سيحتضرونَ خِزيا

فإن يكُ دونَ هذا الشعرِ موتٌ
فحيّ على جلالِ الشّعرِ حيّا

وكمْ قزمٍ تولّانا صغيرًا
فصار اليومَ جبّارًا شقيّا

فما رُزقَ الشّجاعةَ في صِباهُ
و أوتيَ حُكمَ والدهِ صبيّا

فلمْ أرَ حاكمًا حرًّا كريمًا
ولم أرَ فيهمُ بشرًا سويّا

لقد وُلِدوا حرامًا من حرامٍ
وما ولدوا كريمًا أو أبيّا

سألعنُ أمّةً قد بايعتْهم
وأمًّا أنجبتْ كلبًا بغيّا

بلادي يا صلاةَ الماء قومي
ومرّي كالدّعاءِ على يديّا

وقومي يا بلادي من عظامي
ولحمي واعبري منّي إليّا

وضمّيني إلى خدّيكِ نخلًا
ليمطرَ أهلَهُ رُطَبًا جنيّا

فأنتِ اللّامَساسُ و كفُّ موسى
تواجِهُ كلَّ شامٍ سامِريّا

فتحيا أمّةٌ تُدعى عراقًا
وتسقطُ أمّةٌ قتلتْ عليّا

إرسال تعليق

0 تعليقات