من بعدما رحلوا.. لم يتركوا مِنكا
ماذا فعلتَ لهُمْ حتّى مَضَوا عنكا؟
واللهِ لا شيءَ، لكنْ كنُتُ أُخبرُهُم
أنَّ الحياةَ بعيدًا عنهُمُ ضَنكى!
بقيتُ مُنتظرًا دَهري وما رجعوا
أينَ النجومُ التي؟ هُمْ أطفؤوا تِلكَا..
لا ما شكوتُ، ولا أشكو إلى بشرٍ
ما في الضلوعِ لغير اللهِ لا يُشكى!
لبثتُ فيهم سنينًا لا أُخالفُهُم
إلى أنِ استبدلوا إيمانَهُم شَكّا
دمعي العزيزُ أهانوهُ بجفوتهم
وأصبحَ السِّترُ فيما بيننا هتكا
لا أقبلُ اليومَ أعذارًا، وإن صَدَقتْ
كلّا وقد دُكَّتِ الأحلامُ بي دَكّا
بقاءُ مَنْ أنتَ تستبقيهِ عاطفةً
أشدُّ واللهِ من هِجرانهِ فتكا!
كلّ الذي كنتُ أرجو من نهَياتنا
حِفظَ الدِّماءِ.. ولكنْ أمعنتْ سَفكا!
ما نحنُ عِشناهُ لا يُنسى.. وإن زَعمَت
أرواحُنا نَصرَها، أرواحُنا هَلْكى..
تَعبيرُ أوجُهِنَا.. ما عادَ يُشبهُنا
نواجهُ الفَرْحَ دمعًا، والأسى ضِحْكا
كأننا سَمكٌ، والسبتُ طمأننا
والذكرياتُ يهودٌ خبّؤوا الشَبْكا!
لو تفتح الآنَ قلبي ما وجدتَ بهِ
غيرَ الذي يَجرحُ الأسمَاعَ إنْ يُحكى
قلبي الروائيُّ، بَحرٌ إن رثى أحدًا
وفي روايتهِ.. لا يُتقنُ الحَبْكا!
ما اختارَ أُمنيةً إلا أتاهُ صَدىً
للحَظِّ يصرخُ: لا.. من هذهِ دعكا
هيَ الحياةُ.. تُعادي من يُعانِدُها
أمّا الحظوظُ، فدومًا تقتُلُ الأذكى..
لا الريحُ تحتي، ولا عانيتُ من قلقٍ
هذا التَبَلُّدُ في أعماقنا.. أنكى!
ومن يُطمئنُ بالأحلامِ أنفُسَهُ
تَجِدْهُ في واقعِ الدُّنيا رأى هُلكا
فيا صَريعَ الأماني في مُخيِّلَتي
لستُ امرئَ القيسِ حتّى أطلُبَ المُلْكا
بما تركتَ لها، لا ما جنيتَ بها
فلن تَعيشَ إذا لم تألفِ التَرْكا
لو أنّ هذا الأسى يُروى بدامِعَةٍ
لأرجعَ الدهرُ للإنسانِ ما يُبكى
والحزنُ أكفرُ مخلوقٍ بلا جَسَدٍ
ما صامَ يومًا، ولا صلّى، ولا زكّى
أنا الموحِّدُ، والآمالُ مُشركةٌ!
أُحبُّ ربي الذي لا يغفرُ الشركا..
خُلقتُ مُبتسمًا أبكي! فما فَرَحٌ
سَلَّمتُهُ القلبَ إلا اغتالَهُ، أوْ كَا
طَعمُ انتصاري على ذاتي وشَهوَتِها
أمِ السلامُ.. حَياةً، أيُّها أزكى؟
ما كنتُ نوحًا.. ولا الطوفانُ مَدَّ يَدًا
والله أوحى بأنْ لا تصنعِ الفُلكا..
0 تعليقات