عفت أربع الحلات للأربع الملد لـ أبي تمام

عَفَت أَربُعُ الحِلّاتِ لِلأَربُعِ المُلدِ
لِكُلِّ هَضيمِ الكَشحِ مَجدولَةِ القَدِّ

لِسَلمى سَلامانٍ وَعَمرَةِ عامِرٍ
وَهِندِ بَني هِندٍ وَسُعدى بَني سَعدِ

دِيارٌ هَراقَت كُلَّ عَينٍ شَحيحَةٍ
وَأَوطَأَتِ الأَحزانَ كُلَّ حَشًا صَلدِ

فَعوجا صُدورَ الأَرحَبِيِّ وَأَسهِلا
بِذاكَ الكَثيبِ السَهلِ وَالعَلَمِ الفَردِ

وَلا تَسأَلاني عَن هَوىً قَد طَعِمتُما
جَواهُ فَلَيسَ الوَجدُ إِلّا مِنَ الوَجدِ

حَطَطتُ إِلى أَرضِ الجُدَيدِيِّ أَرحُلي
بِمَهرِيَّةٍ تَنباعُ في السَيرِ أَو تَخدي

تَؤُمُّ شِهابَ الحَربِ حَفصًا وَرَهطُهُ
بَنو الحَربِ لا يَنبو ثَراهُم وَلا يُكدي

وَمَن شَكَّ أَنَّ الجودَ وَالبَأسَ فيهِمُ
كَمَن شَكَّ في أَنَّ الفَصاحَةَ في نَجدِ

أَنَختُ إِلى ساحاتِهِم وَجَنابِهِم
رِكابي وَأَضحى في دِيارِهِم وَفدي

إِلى سَيفِهِم حَفصٍ وَمازالَ يُنتَضى
لَهُم مِثلُ ذاكَ السَيفِ مِن تِلكَ الغِمدِ

فَلَم أَغشَ بابًا أَنكَرَتني كِلابُهُ
وَلَم أَتَشَبَّث بِالوَسيلَةِ مِن بُعدِ

فَأَصبَحتُ لا ذُلُّ السُؤالِ أَصابَني
وَلا قَدَحَت في خاطِري رَوعَةُ الرَدِّ

يَرى الوَعدَ أَخزى العارِ إِن هُوَ لَم تَكُن
مَواهِبُهُ تَأتي مُقَدَّمَةَ الوَعدِ

فَلَو كانَ ما يُعطيهِ غَيثًا لَأَمطَرَت
سَحائِبُهُ مِن غَيرِ بَرقٍ وَلا رَعدِ

دَرِيَّةُ خَيلٍ ما يَزالُ لَدى الوَغى
لَهُ مِخلَبٌ وَردٌ مِنَ الأَسَدِ الوَردِ

مِنَ القَومِ جَعدٌ أَبيَضُ الوَجهِ وَالنَدى
وَلَيسَ بَنانٌ يُجتَدى مِنهُ بِالجَعدِ

وَأَنتَ وَقَد مَجَّت خُراسانُ داءَها
وَقَد نَغِلَت أَطرافُها نَغَلَ الجِلدِ

وَأَوباشُها خُزرٌ إِلى العَرَبِ الأُلى
لِكَيما يَكونَ الحُرُّ مِن خَوَلِ العَبدِ

لَيالِيَ باتَ العِزُّ في غَيرِ بَيتِهِ
وَعُظِّمَ وَغدُ القَومِ في الزَمَنِ الوَغدِ

وَما قَصَدوا إِذ يَسحَبونَ عَلى المُنى
بُرودَهُمُ إِلّا إِلى وارِثِ البُردِ

وَراموا دَمَ الإِسلامِ لا مِن جَهالَةٍ
وَلا خَطَإٍ بَل حاوَلوهُ عَلى عَمدِ

فَمَجّوا بِهِ سَمًّا وَصابًا وَلَو نَأَت
سُيوفُكَ عَنهُم كانَ أَحلى مِنَ الشَهدِ

ضَمَمتَ إِلى قَحطانَ عَدنانَ كُلَّها
وَلَم يَجِدوا إِذ ذاكَ مِن ذاكَ مِن بُدِّ

فَأَضحَت بِكَ الأَحياءُ أَجمَعُ أُلفَةً
كَما أُحكِمَت في النَظمِ واسِطَةُ العِقدِ

وَكُنتَ هُناكَ الأَحنَفَ الطِبَّ في بَني
تَميمٍ جَميعًا وَالمُهَلَّبَ في الأَزدِ

وَكُنتَ أَبا غَسّانَ مالِكَ وائِلٍ
عَشِيَّةَ دانى حَلفَهُ الحِلفُ بِالعَقدِ

وَلَمّا أَماتَت أَنجُمُ العَرَبِ الدُجى
سَرَت وَهيَ أَتباعٌ لِكَوكَبِكَ السَعدِ

وَهَل أَسَدُ العِرّيسِ إِلّا الَّذي لَهُ
فَضيلَتُهُ في حَيثُ مُجتَمَعُ الأُسدِ

فَهُم مِنكَ في جَيشٍ قَريبٍ قُدومُهُ
عَلَيهِمُ وَهُم مِن يُمنِ رَأيِكَ في جُندِ

وَوَقَّرتَ يافوخَ الجَبانِ عَلى الرَدى
وَزِدتَ غَداةَ الرَوعِ في نَجدَةِ النَجدِ

رَأَيتَ حُروبَ الناسِ هَزلًا وَإِن عَلا
سَناها وَتِلكَ الحَربُ مُعتَمَدُ الجِدِّ

فَيا طيبَ مَجناها وَيا بَردَ وَقعِها
عَلى الكَبِدِ الحَرّى وَزادَ عَلى البَردِ

وَرَفَّعتَ طَرفًا كانَ لَولاكَ خاشِعًا
وَأَورَدتَ ذَودَ العِزِّ في أَوَّلِ الوِردِ

فَتىً بَرَّحَت هِمّاتُهُ وَفِعالُهُ
بِهِ فَهوَ في جُهدٍ وَما هُوَ في جَهدِ

مَتَتُّ إِلَيهِ بِالقَرابَةِ بَينَنا
وَبِالرَحِمِ الدُنيا فَأَغنَت عَنِ الوُدِّ

رَأى سالِفَ الدُنيا وَشابِكَ آلِهِ
أَحَقَّ بِأَن يَرعاهُ في سالِفِ العَهدِ

فَيا حُسنَ ذاكَ البِرِّ إِذ أَنا حاضِرٌ
وَيا طيبَ ذاكَ القَولِ وَالذِكرِ مِن بَعدي

وَما كُنتُ ذا فَقرٍ إِلى صُلبِ مالِهِ
وَما كانَ حَفصٌ بِالفَقيرِ إِلى حَمدي

وَلَكِن رَأى شُكري قِلادَةَ سُؤدُدٍ
فَصاغَ لَها سِلكًا بَهِيًّا مِنَ الرِفدِ

فَما فاتَني ما عِندَهُ مِن حِبائِهِ
وَلا فاتَهُ مِن فاخِرِ الشِعرِ ما عِندي

وَكَم مِن كَريمٍ قَد تَخَضَّرَ قَلبُهُ
بِذاكَ الثَناءِ الغَضِّ في طُرُقِ المَجدِ

إرسال تعليق

0 تعليقات