لَطَمَحتَ في الإِبراقِ وَالإِرعادِ
وَغَدا عَلَيَّ بِسَيلِ لَومِكِ غادِ
أَنتَ الفَتى كُلُّ الفَتى لَو أَنَّ ما
تُسديهِ في التَأنيبِ في الإِسعادِ
لا تُنكِرَن أَن يَشتَكي ثِقلَ الهَوى
بَدَني فَما أَنا مِن بَقِيَّةِ عادِ
كَم وَقعَةٍ لي في الهَوى مَشهورَةٍ
ما كُنتُ فيها الحارِثَ بنَ عُبادِ
رَحَلَ العَزاءُ مَعَ الرَحيلِ كَأَنَّما
أُخِذَت عُهودُهُما عَلى ميعادِ
جادَ الفِراقُ بِمَن أَضَنُّ بِنَأيِهِ
بِمَسالِكِ الإِتهامِ وَالإِنجادِ
وَكَأَنَّ أَفئِدَةَ النَوى مَصدوعَةٌ
حَتّى تَصَدَّعَ بِالفِراقِ فُؤادي
فَإِذا فَضَضتُ مِنَ اللَيالي فُرجَةً
خالَفنَها فَسَدَدنَها بِبِعادِ
بَل ذِكرَةٌ طَرَقَت فَلَمّا لَم أَبِت
باتَت تُفَكِّرُ في ضُروبِ رُقادي
أَغرَت هُمومي فَاستَلَبنَ فُضولُها
نَومي وَنِمنَ عَلى فُضولِ وِسادي
وَإِلى جَنابِ أَبي المُغيثِ تَواهَقَت
خوصُ العُيونِ مَوائِرُ الأَعضادِ
يَلقَينَ مَكروهَ السُرى بِنَظيرِهِ
مِن جِدِّهِ في النَصِّ وَالإِسآدِ
الآنَ جُرِّدَتِ المَدائِحُ وَانتَهى
فَيضُ القَريضِ إِلى عُبابِ الوادي
أَضحَت مَعاطِنُ رَوضِهِ وَمِياهُهُ
وَقفًا عَلى الرُوّادِ وَالوُرّادِ
عُذنا بِموسى مِن زَمانٍ أَنشَرَت
سَطَواتُهُ فِرعَونَ ذا الأَوتادِ
جَبَلٌ مِنَ المَعروفِ مَعروفٌ لَهُ
تَقيِيدُ عادِيَةِ الزَمانِ العادي
ما لِامرِىءٍ أَسرَ القَضاءُ رَجاءَهُ
إِلّا رَجاؤُكَ أَو عَطاؤُكَ فادي
وَإِذا المَنونُ تَخَمَّطَت صَولاتُها
عَسفًا بِيَومِ تَواقُفٍ وَطِرادِ
وَضَمائِرُ الأَبطالِ تَقسِمُ رَوعَها
فيها ظُهورُ ضَمائِرِ الأَغمادِ
وَالخَيلُ تَستَسقي الرِماحُ نُحورَها
مُستَكرَهًا كَعُصارَةِ الفِرصادِ
أَمتَعتَ سَيفَكَ مِن يَدَيكَ بِضَربَةٍ
لا تُمَتِعُ الأَرواحَ بِالأَجسادِ
مِن أَبيَضٍ لِبَياضِ وَجهِكَ ضامِنٌ
حينَ الوُجوهُ مَشوبَةٌ بِسَوادِ
قَد كادَ مَضرِبُهُ يُجالِدُ جَفنَهُ
لَو لَم تُسَكِّنهُ بِيَومِ جِلادِ
وَالسَيفُ مُغفٍ غَيرَ أَنَّ غِرارَهُ
يَقِظٌ إِذا هادٍ نَحاهُ لِهادِ
أَحيَيتَ ثَغرَ الجودِ مِنكَ بِنائِلٍ
قَد ماتَ مِنهُ ثَغرُ كُلِّ فَسادِ
جاهَدتَ فيهِ المالَ عَن حَوبائِهِ
وَالمالُ لَيسَ جِهادُهُ كَجِهادِ
ما لِلخُطوبِ طَغَت عَلَيَّ كَأَنَّها
جَهِلَت بِأَنَّ نَداكَ بِالمِرصادِ
وَلَقَد تَراءَتني بِأَمنَعِ جُنَّةٍ
لَمّا بَرَزتُ لَها وَأَنتَ عَتادي
مازِلتُ أَعلَمُ أَنَّ شِلوي ضائِعٌ
حَتّى جَعَلتُكَ مَوئِلي وَمَصادي
سَل مُخبِراتِ الشِعرِ عَنّي هَل بَلَت
في قَدحِ نارِ المَجدِ مِثلِ زِنادي
لَم أُبقِ حَلبَةَ مَنطِقٍ إِلّا وَقَد
سَبَقَت سَوابِقَها إِلَيكَ جِيادي
أَبقَينَ في أَعناقِ جودِكَ جَوهَرًا
أَبقى مِنَ الأَطواقِ في الأَجيادِ
وَغَدًا تَبَيَّنُ كَيفَ غِبُّ مَدائِحي
إِن مِلنَ بي هِمَمي إِلى بَغدادِ
وَمَفاوِزُ الآمالِ يَبعُدُ شَأوُها
إِن لَم تَكُن جَدواكَ فيها زادي
وَمِنَ العَجائِبِ شاعِرٌ قَعَدَت بِهِ
هِمّاتُهُ أَو ضاعَ عِندَ جَوادِ
0 تعليقات