عَلى تَعميرِ نوحٍ ماتَ نوحُ
فَنائِحَةٌ لِأَمرٍ ما تَنوحُ
أَمَعلولًا بِعَبرَتِهِ عَليلا
لَحاهُ عَلى البُكا لاح صَحيحُ
فَكَيفَ الصَبرُ أَم كَيفَ التَعَزّي
وَمِن عِرنينِهِ وَلَدي ذَبيحُ
رَقَيتُ رُعافَه فَأَبى رُقوءًا
وَدامَ وَمَزجُهُ دَمِيَ السَفوحُ
وَجَرَّحَ كُلَّ جارِحَةٍ بِجِسمي
مُفَضَّضُهُ وَمُذهَبُهُ الجَريحُ
فَلَمّا ماتَ مُتُّ أَسىً عَلَيهِ
كَأَنّي كُنتُ جِسمًا وَهوَ روحُ
فَنادَيتُ القَريحَةَ أَبِّنيهِ
فَقالَت نعمَ ما اقتَرَحَ القَريحُ
سَلامُ اللَهِ وَالصَلَواتُ تَترى
عَلى قَمَرٍ أَنارَ بِهِ الضَريحُ
عَلى زَهرٍ أَنارَت مِنهُ أَرضٌ
تَهُبُّ لَهُ مِنَ الفِردَوسِ ريحُ
فَنَمَّ عَلى الثَرى طيبٌ يَفوحُ
وَنورٌ مِن مَحاسِنِهِ يَلوحُ
أَغِبّ مَزارَهُ وَأَغيب عَنهُ
وَأَحزاني كَما تَغدو تَروحُ
وَلكِنّ الزَمانَ عَلَيَّ حَتّى
بِعرفِ ضَريحِهِ الشافي شَحيحُ
نَبا بَصَري فَنابَ القَلبُ عَنهُ
وَبِتُّ بِهِ ألحُّ وَلا أَليحُ
أَلَم تَرَ أَنَّني بِهُدى فُؤادي
تَبيّنَ لي مِنَ الحَسَنِ القَبيحُ
فَلَو تُرِكَ المَسيحُ يُريدُ بُرئي
لَقالَ كَفَت بَصيرَتُكَ المَسيحُ
وَماتَ ابني فَها أَنا لا فُؤادٌ
وَلا بَصَرٌ وَلا مَوتٌ مُريحُ
تَشَبَّث أَيُّها المَرزوءُ صَبرًا
وَإِلّا فاتَكَ الأَجرُ الرَبيحُ
أَتُنكِر مَن أَتى أَو سَوفَ يَأتي
وَرَبُّكَ مَن أَتاحَ وَمَن يُتيحُ
نَصيحُ بِكَ اصطَبِر فَتضمَّ ثُكلًا
أَما يَكفيكَ مِن غَيٍّ نَصيحُ
نَطيحُ فَتُؤخَذَ الثاراتُ مِنّا
وَناطِحُ كُلِّ جَمّاءٍ نَطيحُ
نَزوحُ عَنِ الأَسى وَنَلِجُّ فيهِ
أَعَمركَ لَم يَشُق سَكَنٌ نَزوحُ
نَبوحُ بِشُكرِ خالِقِنا وَنَنسى
فَيَردَعُ مِنكَ زَمّارًا نَبوحُ
نَفوحُ وَأَنتَ جَبنتَ قَلبًا
فَأَن تَشجُع فَكر نَفوحُ
فَقَد صَدَقوا وَلكِن هُدَّ رُكني
فَمَن يَحمي وَأَعدائي تبيحُ
هَوى نَجمي السَعيدُ وَفُلَّ سَيفي
وَأَبطلَ مِنّيَ البَطَلُ المشيحُ
وَفُرِّقَ جَمعُ فِهرٍ وَهيَ شَتّى
وَأَوحَشَتِ المَنازِلُ وَهيَ سيحُ
أَعَن عَبد الغنيّ غِنىً وَفيهِ
تَناهَت غمَّةُ المَجدِ الطَموحُ
مَضى مَن قَبَّلَت يَدَهُ الثُرَيّا
وَمَن رُكِبَت بِهِ الدُنيا الجَموحُ
وَمَن زانَ العَشيرَةِ وَهوَ طِفلٌ
وَقيلَ كَأَنَّهُ عِلمًا سَطيحُ
وَريعَت بِاسمِهِ الأُسدُ الضَواري
وَفُلَّ بِحَدِّ مِقوَلِهِ الصَفيحُ
خَبا قَمَرًا وَغابَ زُلال صادٍ
فَخابَ المُستَمي وَالمُستَميحُ
تَأمَّل كَيفَ جَنَّ الصُبحُ لَيلًا
وَكَيفَ تَضايَقَ البَلَدُ الفَسيحُ
وَأَصبَحَت الغَواني ثاكِلاتٍ
أَحَقُّ بِها مِنَ الوَشيِ المَسوحُ
أَقُرَّةَ أَعيُنِ الأَشرافِ فهرٍ
وَجَدُّكَ مِنهُمُ المَحض الصَريحُ
حَديثكَ وَالأَباريقُ المَآقي
غَبوقُ القَومِ بَعدَكَ وَالصبوحُ
دَميتَ بِرَغمِ أَنفِ المَجدِ حَتّى
تَغَيَّرَ وَجهُكَ الحَسنُ المَليحُ
وَقِحتَ وَلَم يَقِح جُرحي فَيَبرا
وَهَل تَدمى الأَهِلَّةُ أَو تَقيحُ
وَلَو أَدماكَ غَيرُ اللَّهِ أَجرَوا
دَمًا في سيلِهِ تَكبو السبوحُ
هِيَ الأَقدارُ لَيسَ تَقي دُروعٌ
مَنِ استَولَت عَلَيهِ وَلا صُروحُ
دَنا مِنّي الرَحيلُ وَقَلَّ زادي
وَشِبتُ وَما لِأَعمالي صُلوحُ
وَما أَذنَبتُ مَحضًا في كِتابٍ
وَمَحوُ الذَنبِ تَوبَتي النَصوحُ
فَهَلّا تُبتها مِن قَبلِ يَومٍ
بِما أَسرَرتُ مِن سوءٍ يَبوحُ
أَيا عَبدَ الغنيّ اشفَع غَدًا لي
لِيَصفَحَ عَنّي الرَبّ الصَفوحُ
فَيُسعِدَ ذا الشَقَيَّ بِما تَمَنَّى
وَيُحسِنَ قُربَكَ العَيشُ القَبيحُ
0 تعليقات