سُلالَةُ فهرٍ أَينَ مِنكَ سَلولُ
وَطِفلٌ نِزارٍ أَينَ مِنكَ طَفيلُ
رَأَوكَ ضَئيلَ الشَخصِ وَاستَعظَموا السنى
وَلا عَجَبٌ إِنَّ الهِلالَ ضَئيلُ
وَقالوا لِمَن واراكَ مَهلًا فَجَعتَنا
أَتُربٌ عَلى تُربِ الهِلالِ مهيلُ
تَسامَيت مِن قَبلِ الفِطامِ إِلى العُلا
وَما نِلتُ طِفلًا لَم تَنَلهُ كهولُ
إِذا عُدَّ فَضلٌ كانَ فيكَ وَمَفخَر
فَمُستَكثرٌ ما عِشتَ وَهوَ قَليلُ
وَمُستَحسِنٌ ما أَبصَرت مِنكَ أَعيُنٌ
وَأَحسَن مِنهُ ما رَأَتهُ عُقولُ
أَحينَ أراني الدَهر قَد شدَّ ساعِدي
بِسَعدِكَ وَالدُنيا إِلَيَّ تَميلُ
أصول عَلى الأَيّامِ مِنكَ بِواحِدٍ
نَمَتهُ فُروعٌ لِلعُلا وَأُصولُ
رَماني بِسَهمِ العَينِ فَاندَقَّ عامِلي
وَأَصبَحَ مِنّي في الغرارِ فلولُ
ظَمِئتُ إِلى اللُقيا وَفي الحَشرِ نَلتَقي
فَيا سَلسَبيلي ما إِلَيكَ سَبيلُ
نَهاري عَلى الأَنهارِ وَالرَوضُ وحشَة
إِلَيكَ وَأَمّا لَيلَتي فَأَليلُ
وَنَفسي بِأَنفاسي تَذوبُ حَرارَةً
فَمِن أَينَ يشفى بِالدُموعِ غَليلُ
أعزى وَمَن لي بِالعَزاءِ وَقَد خَلَت
أَعِزّاءُ أَسمو بِاسمِهِم وَأصولُ
عَهدتُ الدّنا غَرّا مُحجّلَةً مَعا
وَهُم غُرَرٌ كانَت لَها وَحُجولُ
وَغَير جَميلٍ أَن أَرى كُلَّ سَيِّدٍ
يُواريهِ قَبر وَالعَراءُ جَميلُ
تَجَلَّدَت لكِنَّ الدُموعَ فَضَحنَني
كَما فَضَحَ الشَيب الخَصيُ نُصولُ
لَقيت مِنَ الأَيّامِ كُلَّ عَظيمَةٍ
تهيلُ عَلى الأُسدِ الثَرى وَتَهولُ
يَقولونَ كانَ الأَهلُ وَالسَكَنُ ابنَه
وَكانَ مِنَ الخِلّانِ فيهِ بَديلُ
فَلَيسَ يُلاقي اليَومَ إِلّا عَدُوَّهُ
وَقَد صَدَقوا ما لِلغَريبِ خَليلُ
فَقَدتُ حَبيبَ النَفسِ وَاشتَقتُ نَحوه
فَهَل لي إلى وَصلِ الحَبيبِ وُصولُ
أَلَم تَعلَمي أَنّي تَوَدَّدتُ لِلعِدا
وَأَنَّ خَفيفًا لا يُحِبُّ ثَقيلُ
وَرِفتُ عَلَيهِم سَجسَجا وَهُم الصَفا
سَواء عَلَيهِم حَرجَفٌ وَبَليلُ
فَلَمّا أَدلوا وَاستَدَلّوا بِلا يَدٍ
رَفَعتُ يَدي عَنهُم فَقيلَ مَلولُ
وَلَو أَنصَفوا قالوا وَمَن لي بِمُنصِفٍ
حسدنا فَلَم نَحمِلهُ وَهوَ حَمولُ
وَمِن عَجَبِ الدُنيا غَيربٌ مُحَبَّبٌ
وَمِن نَكَدِ الدُنيا أَلَدَّ جَهولُ
وَفيتُ بِعَهدي وَاللَيالي غَوادِرٌ
وَجُدتُ بِنَفسي وَالزَمانُ بَخيلُ
وَآثَرتُ ديني وَاقتَنَعتُ بِما كَفى
وَعِشتُ عَزيزًا وَالغَريبُ ذَليلُ
وَما طَمَعي أَن يَعرِفَ القَومُ قيمَتي
وَسيّانَ فَضلٌ عِندَهُم وَفُضولُ
تَظافَرَتِ الأَيّامُ حَتّى غَلَبنَني
عَلى واحِدي وَالخَطبُ فيهِ جَليلُ
جَرى دمهُ حَتّى جَرَت فيهِ نَفسُهُ
وَأَقسَمَ ظَنّي أَنَّهُ لَقَتيلُ
وَمُهجَتُهُ مِن مُهجَتي فَمَدامِعي
سلوهُنَّ أَيُّ المُهجَتَينِ تَسيلُ
عَقيقٌ جَرى في الدرَّ حَتّى إِذا مَحا
مَحاسِنهُ عاقَ الهِلال أفولُ
وَقَد جَحَظَت مُزوَرَّتانِ وَما كَفى
جحوظُهُما حَتّى أَسيلَ أَسيلُ
مُؤَثِّرَةً فيهِ الجِراحَةُ مِثلَما
يُفَلَّلُ سَيفُ الهِندِ وَهوَ صَقيلُ
فَكَيفَ انتِصاري وَالمَنايا قَواتِلٌ
وَكَيفَ اثِّئاري وَالقَتيلُ قَبيلُ
أَغُضّ لَها طَرفي وَأغضي عَلى القَذا
وَلا سَخطٌ حَسبي رِضًا وَقَبولُ
وَنَشوانُ إِن كانَت بيُمناهُ أَكِلة
كَأَعلاهُ كانَت بِالشمالِ شَمولُ
سألتُ فَدَلّى بِالغرورِ وَدَلَّني
عَلى سَبَبٍ لِلمَوتِ فيهِ دَليلُ
وَشَكَّ فَما أَشكاهُ بَل زادَ عِلَّة
وَكَيفَ بِمَعلولٍ يُبَلُّ عَليلُ
رجوت نقوهًا ما نَقَهتُ حَديثهُ
وَإِن رابَني مِنهُ ضَنىً وَنحولُ
فَقَد زالَ عَقلي لِاختِبالِ لِسانِهِ
وَخُيِّلَ لي أَنَّ الجِبالَ تَزولُ
وَما هَدَّني حَتّى هَدَت حَرَكاتهُ
وَقامَ عَلَيهِ مأتَمٌ وَعَويلُ
وَكُفِّن في ثَوبِ الكَرامَةِ وَالثَنا
عَلَيهِ حَنوطٌ وَالدُموعُ غَسولُ
وَلَمّا غَدَوا نَحوَ المُصَلّى بِنَعشِهِ
تَقاصَرَ باعُ المَجدِ وَهوَ طَويلُ
وَأَمسَت مَغاني فهر أَمّا رَبيعها
فَيَبسٌ وَأَمّا ربعُها فَمَحيلُ
وَنَوَّر حَولي قَبره الصَيف في الصَفا
وَطابَ بِرَيّاهُ ضُحىً وَأَصيلُ
وَجَدتُ بِهِ لينَ الحَياةِ وَقَلبهُ
فَلَمّا اهتَدى قَلبي إِذا هُوَ نيلُ
وَشَبَّهتهُ لينا فَلَمّا قَلبتهُ
إِذا هُوَ فَوقَ الفَرقَدَينِ أنيلُ
وَقالوا أَتَهوى البَدر قُلتُ لَهُم أَجَل
سَميٌّ لَهُ يهوى فَكَيفَ مَثيلُ
أَحبُّ بَني الدُنيا إِلَيَّ سَمِيُّهُ
أحابيهِ حُبًّا لِاسمِهِ وَأثيلُ
أَعبد الغَنيّ اختَرتَ دارَ كَرامَةٍ
نَزَلت بِها حَيثُ الكِرام نزولُ
حَطَطتَ جِوارَ اللَهِ رَحلَك آمِنًا
وَشقت المعزّى هَل إِلَيكِ رَحيلُ
ردِ الكَوثَرُ الخلدِيَّ فَاشرَب وَسَقّني
إِذا لَم يَرِف ظِلٌّ عَلَيَّ ظَليلُ
وَصل رَحمي وَاسأَل ليَ اللَه رَحمَةً
يُقل عَثَراتي إِنَّهُ لَمقيلُ
وَما أَنا إِلّا السَيف كُنت مضاءَهُ
فَأَصبَح لَمّا مُتَّ وَهوَ كَليلُ
خَبا مِنكَ مِصباحٌ وَجَفَّ مُنوّرٌ
خَميلَتُهُ لِلحاسِدينَ خمولُ
فَلا عَظمَ إِلّا أَوهَنتهُ عَظائِمٌ
وَلا حَبل إِلّا قَطَّعَتهُ حُبولُ
وَكُنت كَما أحبَبتُ بَرًّا مُبارَكًا
تُصَدِّقُكَ الأَقيالُ حينَ تَقولُ
إِذا غِبتَ قالَ الناسُ أَينَ ابنكَ الَّذي
تَطولُ بِهِ أَسيافيا وَنَطولُ
فَإِن لحت قالوا يا عُلاهُ سَلى لَنا
أَلِلقَمَرَينِ النَيِّرَينِ سَليلُ
حَرامٌ عَلَيهِ أن يحلَّ لَهُ حُبًا
وَإِن كانَ طِفلًا أَو تُجَرُّ ذُيولُ
فَلا طيشَ فيهِ وَابن عِشرينَ طائِش
وَلا عجل وَالآدَمي عَجولُ
وَلَو كانَ يَحوي ابنَ المخاضِ نَجابَة
حَواها لِراعِ البُزلِ وَهوَ فَصيلُ
أَعادَ العدا كَلمي بِوَقعِ كَلامِهِ
فَقالوا نِبالٌ راشَهُنَّ نَبيلُ
وَما ضامَهُ قَطّ الأَديبُ بِصَولَةٍ
وَلا جاءَ يَشكوهُ إِليّ رَسولُ
ليَهنَكَ يا عَبد الغَنيّ ابني الرِضا
مَحَلٌّ بِطوبى طابَ فيهِ حُلولُ
نُفِعتُ بِحُبِّ الذِكرِ لَم تُؤثر الصبا
عَلَيهِ وَلَم يَهنَئكَ عَنهُ مَقيلُ
0 تعليقات