أفلا أبكي وقد أفلا لـ الحصري القيرواني

أَفَلا أَبكي وَقَد أَفلا
قَمَرٌ مِنّي بَدا بَدَلا

كَمُلَت زَهرُ البُدورِ وَما
كَمُلَت حُسنًا كَما كَمُلا

أَجلا لَيلي بِغُرَّتِهِ
وَخَبا مُستَوفِيًا أَجَلا

أَو ما فَدَّتهُ يَومَ خَوى
شُهُبٌ كانَت لَهُ خولا

جلَّ خَطبُ المَجدِ فيهِ وَكَم
بِمُحَيّاهُ جَلا جَلَلا

مُنتَقى الأَخلاقِ جَدَّ إِلى
جَنَّة الفِردَوسِ مُنتَقِلا

تَرَكَ الدُنيا وَآثَرَها
فِعلًا فيها بِما فَعَلا

أَسلا عَن كُلِّ غانِيَةٍ
أَرسَلَت أَلحاظَها أَسلا

وَحَلا مُرُّ الحِمامِ لَهُ
إِذ رَأى الدُنيا لَنا وَحلا

وَأَلاحَت مِن رَزِيَّتِهِ
فِهرُ إِذ وَلّى وَإِذ وَأَلا

وَلَدي أَودى فَلا شَغَفٌ
لي بِالدُنيا وَلا شُغُلا

أَو حَطَّ البَدر رافِعُهُ
فَاختَبا أَو عَقلي اختَبَلا

فَسَأغشى القَبر باكِيهُ
لا الطّلى أَخشى وَلا الطَلَلا

نَتَجَتهُ الشَمسُ ثُمَّ نَأَت
فَاعتَدى الدَهرُ الَّذي اعتَدَلا

أَزمَعَت أُمُّ الغَزالِ نَوىً
فَنَسيتُ اللَهوَ وَالغَزَلا

غَدَرَت مِنّي وَفِيّكما
فَسَلا المَشغوفُ كَيفَ سَلا

نَجلها عَبدُ الغَنِيِّ شَفى
وَجَلا عَن قَلبي الوَجلا

فَاعتَزى لِلعِزِّ والِدُهُ
ثُمَّ ذَلَّ اليَومَ فَاعتَزَلا

قَد أَسا جُرحي وَفارَقَني
فَاندَمى الجُرحُ الَّذي اندَمَلا

لا حَبا مِن بَعدِهِ وَلَدٌ
لا تَسَلَّت أُمُّهُ حَبَلا

آدَني دَهري فَأَبَّدني
وَاحتَمى في العِبءِ فَاحتَمَلا

كلَّ مَعنى كانَ يوضِحُهُ
في العُلا لمّا اشتَكى اشتَكَلا

لِتمُت نَفسي بِحَسرَتِها
مَن إِلَيهِ ارتاحَت ارتَحَلا

جَذَمَت حَبلي النَوائِبُ مِن
سَكَني وَابني فَلا جَذَلا

لَو أَرادَ اللَهُ بي رشدًا
لَكَفاني لَمسي الكَفَلا

أَعنت نَفسي ذي عَنتٍ
لِضَجيعٍ حَلَّ لي وَحَلا

لَيتَني عِفتُ الزُلالَ فَقَد
أَعقَب الغضّاتِ وَالزَلَلا

عِبرُ الأَيّامِ قائِلَةٌ
وَيحَ مَن أَغفى وَمَن غَفَلا

وبَنو الدُنيا كَأَنَّهُم
في عمىً عَنها فَلا عَمَلا

لَو دَرى عَيرٌ دَوائِرها
ما نَزا مِن هَولِ ما نَزَلا

فازَ مَن لَم يَستَقِرَّ هَوىً
فَخَلا مِنها وَلا خَلَلا

عَرَضَت أَعراضها فَأَبى
وَنَفى غَيرَ التُقى نَفَلا

جَرَّعَتني اليَومَ عَلقَمَها
فَعَسى أَن تُعقِبُ العَسَلا

وَصَل ابني لِلنَّعيمِ فَيا
لَيتَ مَوتًا صَدَّني وَصَلا

فَصَلاةُ اللَهِ جَلَّ عَلى
مَن إِلى رِضوانِهِ وَصَلا

وَذُنوبي كَالحَصا عَدَدًا
أَينَ منّي ما لَهُ حَصَلا

مِن طِرازِ اللَهِ كانَ فَلَو
ذَبَّ عَنهُ العَينَ ما ذَبلا

وَنَجا لِلحُسنِ مِن ضَرَرٍ
لا لَمىً أَبقى وَلا نَجلا

هَمَّ إِبلالًا فَلَجَّ دَمٌ
مِنهُ لا يَألو الثَرى بَلَلا

إِن غَسا لَيلي أَرِقتُ لَهُ
وَأَرَقتُ الدَمعُ فَانغَسَلا

وَكَذا صَرفُ الزَمانِ إِذا
حَلَّ أَمرًا لِلفَتى فَتَلا

كانَ إِن فتَّ الحَشا سَقَمٌ
عادَ في قُرآنِهِ فَتَلا

بَطَلَ الزَعمُ الَّذي زَعَموا
أَنّ درعًا أَحرَزَت بَطَلا

نَحنُ في الهَيجا عَلى خَطَرٍ
مَن يَقُل أَنجُو يَقُل خَطَلا

وَقّتَ اللَه الحمامَ فَإِن
صابَ شَهمًا سَهمُهُ قَتَلا

بِأَبي طِفلٌ فُروسَتُهُ
أَرحَلَت عَن طَرفِهِ الرُحَلا

في نَشاطٍ لِلحِضارِ نَشا
إِن كَسا الطِفلَ الصِبا كَسَلا

قَد حَبا العَقل الوقارَ لَهُ
فَرَسًا في حِلمِهِ جَبَلا

إِن وَعى مِنّي الأُصولَ ضُحىً
فَرَّعَت آراؤُهُ أُصُلا

قَبَرَت فهر التُقى مَعَهُ
وَالجِدا وَالجِدَّ وَالجَدَلا

وَلَدي عَبدَ الغَنِيِّ أَما
بَلَغَت فيكَ العُلا أَمَلا

هَنَّأَتكَ الكَأسُ تَشرَبُها
مِن رَحيقٍ ثُمَّ لا ثَمَلا

فَاشفني بِاللَهِ مِن عِلَلٍ
وَاسقِني يَومَ الصَدى عَلَلا

إرسال تعليق

0 تعليقات