سَلِ الرُكبانِ ما لِلدَّمعِ فاضا
وَما لِلجمعِ مِن فهرٍ أَفاضا
أَشمسُ عُلاهُم الزَهراءُ غابَت
أَبحَرُ نَداهُمُ السَلسالُ غاضا
لَئِن كانَ الَّذي زَعَموهُ حَقًّا
لَسَوفَ يَعودُ خَيرُهُم انهِضاضا
مَضى عَبدُ الغنيّ فَخضتُ بَحرًا
مِنَ العبراتِ يَعظُمُ أَن يُخاضا
وَقالَت أمُّهُ الثَكلى عَلَيهِ
مَقالَةَ مَريَمٍ رَأَتِ المَخاضا
أتاها حينهُ مِن بَعدِ حينٍ
فَزادَ الثكلُ عبرَتها ارفِضاضا
وَيوشِكُ أَن تَراهُ كَما أَراهُ
إِذا قُمنا مِنَ الأَرضِ انتِفاضا
بَكتهُ ميّتًا وَجَفَتهُ حَيًّا
وَناءَ بِها الهَوى عَنهُ انتِهاضا
وَقَد وَضَعَتهُ وَاحتَمَلَتهُ كرهًا
وَفي أَحشائِها أَربى ارتِكاضا
إِذا جَفَت ابنَها أُمٌّ فَعيّ
فَلَيتَ عِقابَها أَن تُستَحاضا
تَناءَت وَهوَ مِن شَوقٍ إِلَيها
عَلى جَمرِ الغَضا لكِن تَغاضى
تَشَكّى عِلَّةً لا بُرءَ مِنها
وَجُدتُ بِأَعظمي مِنها ارتِضاضا
وَقالَ اللَهُ إِن تحبب ثَوابي
عَلى المَكروهِ فَانظُر كَيفَ آضا
تَرى الأَوصابَ كَيفَ مَحَت سَناهُ
وَكَيفَ أَحالَت الحَدق الغضاضا
أَقولُ وَقَد سَها الحُكَماءُ فيهِ
قَضاءُ اللَهِ تَمَّ فَلا اعتِراضا
ثَوابُ اللَهِ أَعظَمُ لِلمُرَبّي
فَصَبرٌ إِن أَفاتَ فَقدَ أَعاضا
وَما هِيَ غَيرُ أَيّامٍ قِصارٍ
إِذا صَعبت عَلى ذي اللُبِّ راضا
تُمِرُّ لِأَهلِها الدُنيا وَتحلي
وَتُحدِثُ في سَوادِهم البَياضا
فَكَم قَوم رَأَيتُ البُؤسَ فيهِم
وَكُنتُ أَرى لَهُم نعَمًا عَراضا
وَحينَ غَدَوتُ زُرتهُمُ صحاحًا
فَلَمّا رُحتُ عُدتُهُمُ مِراضا
فَقُل ما أَكدَرَ الدُنيا حَياةً
وَأَسرَعَها إِذا صَفَتِ انقِراضا
وَأَسلَمُ أَهلِها مِنها فَريدٌ
إِذا انبَسَطَت لَهُ ازدادَ انقِباضا
أَسَرَّ اليَومَ مَوتُ ابني عَدُوًّا
غَدًا يقضي الغَريم إِذا تَقاضى
كَأَنَّ المَوتَ في الدُنيا حَديثٌ
لَقَد نَسِيَ الحَديثَ المُستَفاضا
عَسى عَبدُ الغنيّ يَكونُ ذُخري
فَيَسقيني إِذا وَردَ الحِياضا
وَيَخفِضُ لي هُناكَ جَناحَ عِزٍّ
عَهدتُ لَهُ مِنَ الرَحِمِ انخِفاضا
فَتغفرَ في شَفاعَتِهِ ذُنوبي
وَأَسكُنَ راضِيًا مَعَهُ الرِياضا
أَشبلَ الغيضَةِ المَرهوب بابًا
أَتُسلِمُ هكَذا الأسُدُ الغِياضا
أَبَأسُكَ قارَضَت فيهِ اللَيالي
فَهَلّا أَحسَنت فيهِ القِراضا
نَعَتكَ اليَومَ أَبكار المَعالي
وَلَولا المَوتُ فزنَ بِكَ افتِضاضا
أَظَلَّ الطَيرُ نَعشَكَ غَيرَ صَقرٍ
أَبى إِلّا عَلى القَنصِ انقِضاضا
وَظَلَّ الناسُ وَانفَضّوا وَلكِن
أَبَت عَنكَ المَلائِكَةُ انفِضاضا
أَضَرَّ بِمُقلَتَيَّ هُمولُ دَمعي
وَسُهدُهُما فَهَب لَهُما غِماضا
وَمَهما خِلتَني يَنساكَ قَلبي
فَخُذ عَهدي وَلا تَخَف انتِقاضا
لِيَبكِ عَلَيكِ وَليندُب غَريبٌ
يعدُّ أَباهُ غُربَتَهُ مَضاضا
يُكابِدُ عيشَهُ بَينَ الأَفاعي
وَيَصبِر كُلَّما أَلم العِضاضا
أَلا إِنَّ التَأَلُّفَ لِانتِقاضِ
فَما لِمُطَوِّقٍ غنّى وَباضا
حَبيبٌ فاتَ لا مُعتاضَ عَنهُ
فَكَذَّبَ بِاسمِ مَن يُدعى عِياضا
سَقى اللَهُ الحَيا مَثوى حَبيبٍ
كَسا مُسوَدّ أَيّامي ابيضاضا
وَما كَمُلت لَهُ عَشرٌ وَلكِن
بِهِ الكبراءُ في الشورى تَراضى
0 تعليقات