خراب الدورة الدموية لـ رياض الصالح الحسين

استقلي باص جسده
أو انتظريه في المحطة التالية
فهو الآن متهم لأنه قتيل
ومتهم بتخريب الدورة الدموية:
القبلة الأولى رصاصة
الطلقة الأخيرة حب.

***
1– صورة شخصية ل ر. ص. ح:
يركض في عينيه كوكب مذبوح
وسماء منكسرة
يركض في عينيه بحر من النيون
ومحيط من العتمة الطبقية
في عينيه –أيضًا-
تركض صبيّة جميلة بقدمين حافيتين
يغنّي:
لقد كانت طريّة.. طريّة
كالثلج والينابيع
لقد كانت سنبلة طريّة
ولذلك التقطتها بمناقيرها العصافير
لقد كانت طريّة.. طريّة
تركض بقدمين حافيتين فوق سهل أجرد.

***
2– حلم:
منْ يقطن في جسد "يانافالينتوفا"
الطافح بالغزلان وأشجار البلوط
المعبأ بالمعجزات الأرضية المشاعة؟..
منْ يغتسل من محيط عينيها
ويتبلل بالنوارس وأصابع الصيادين السعداء؟..
ها أنذا أتفقد مكتبة أيامي
فاتحًا كرّاسة الأنهار،
لأقرأ في خطوط يديها:
تضاريس الريح
وأمجاد الأمواج البرية
أتفتت في مناخ قبلاتها:
أسماء خضراء وغابات سالكة
ممالك تفتح أبوابها لفرسان الدهشة
لعصافير الدوري المتفجرة بالغبطة والأناشيد.

***
3– عشب:
جلسَ العاشقان على العشبِ
جلسَ العاشقانْ
خلفهما جثة لا تحدُّ
وبينهما جثة ودخانْ

***
4– أغنية:
مزرعة للوفي، يدك التي تمتدّ لا ترجعيها
شفتي لغة ملطخة بالضنى..
الآن تتمدد على سرير جسدك الوثير
ترتمي بين أشجار عينيك ذاكرتي
وأنا متشبث بضفائر يديك
أفتح نافذة للحديث..
وبلحظة يقتنصك الغياب
أو تصبحين فريسة للأغاني!.

***
5– أسئلة:
أيتها البلاد المصفحة بالقمر والرغبة والأشجار،
أما آن لكِ أن تجيئي؟!..
أيتها البلاد المعبأة بالدمار والعملات الصعبة
الممتلئة بالجثث والشحاذين،
أما آن لكِ أن ترحلي؟!..

***
6– مدينة:
يركض في دهاليزها فرس شوكيّ
يحكّ بقوائمه ظهرها الطافح ببثور الجرب
هي.. هي
المدينة - المئذنة
ثمة طاووس وحيد في حديقتها الواسعة
يفرد بزهو ذنبه الملوّن، لينظر إليه:
أ- ماسح أحذية ذو عينين حزينتين ووجه ملطخ بالبويا
ب– امرأة شقراء عيناها جرح ووجهها كآبة
ج– بائع بطاقات يانصيب خاسرة سلفًا
د– كاتب هذه القصيدة المطرود من عمله لأنه حاول التأكيد على أن الأرض توقفت عن الدوران، وأن الأبيض لم يزل أبيض والأسود لم يزل….

***
7– حوار:
قلتُ: للبحر أجنحة
ومراكبنا الريح قد سرقتها
وتناثر شاطئ البكارة في حقائب قراصنة البرّ
فإلى أين أذهب
وأنا متسخ وعارٍ
مثلما القمر في منتصف ليلة صيفية؟.
قلتِ: اغتسل بماء صوتي
وارتدِ قبلاتي
قلتُ: قاطرة الوقت قد أنهكتني
فالقرى مدية تحتزّ وريدي
والمدن الصخرية امتلأت بي ضجرًا
وها أنا أتيبّس بين اثنتين:
- خطوة وسكاكين..
- خطوة وقرنفل..
أصبح الصوت سوطًا
والحذاء قبعة
والحدائق مستشفيات
ومكاتيب الغرام قنابل موقوتة..
فمن أين أبدأ؟.
قلتِ: فلتكن في البداية مذبحة الأبجدية!..

***
8– رقص:
أسقط في حضن حبيبتي
شمسًا باردة
هواءً مختنقًا
أسقط في حضن حبيبتي
جسدًا مسكونًا بالجوع
مصفدًا بالحبر والأحذية
أفتش في حضن حبيبتي
عن أغنية شرسة
ولحن مفترس
و…
- هل تحبين الرقص يا حبيبتي؟!....

***
9– امتلاك:
حادّة كالشفرة
صلبة كحربة فولاذية تخترق القلب
واسعة كالمحيط
جميلة كالفرح
مضيئة كالضحكة
حبيبتي الممتلئة بالأعياد
شهية كرغيف الخبز
طيبة كبرتقالة
أما أنا..
فلا أملك إلا هذه الكلمات
وبعض الذكريات التعيسة
المحفورة بضراوة على ميناء جسدي.

إرسال تعليق

0 تعليقات