رضا بحكم الله لا سخطا لـ الحصري القيرواني

رِضًا بِحُكمِ اللَهِ لا سُخطا
بِعَدلِهِ يَأخُذُ ما أَعطى

ما عَقَّني الدَهرُ وَلا عاقَني
اللَهُ أَبلى وَقَضى القِسطا

غَيري إِذا غَيَّرَهُ حادِثٌ
قالَ اللَيالي أَحكَمَت قسطا

إِن جزتَ إِفراطَكَ يا لائِمي
الحُزنَ أَيضًا جاوَزَ الفَرطا

قَد عَذَلتَ يَعقوبَ أَسباطُهُ
فَلَم يُطِع في حُزنِهِ سِبطا

انظُر دُموعي وَاخشَ طوفانَها
وَانظُر زَفيري وَاحذَرِ القَنطا

سَطا عَلى عَبدِ الغنيّ الرَدى
وَكانَ مِن أسدِ الشَرى أَسطى

فارَقت ريحاني وَروحي بِهِ
وَمُهجَتي وَالأَهل وَالرَهطا

وَثاكِلٌ قُلتُ لَهُ في الدُجى
قَد أَطفَأَ الشَمعَةَ من قَطّا

قالَت هُوَ النَجمُ هَوى آفِلًا
فَغَطَّني الدَمعُ الَّذي غَطّى

وَأَظلَمَ الأُفقُ وَلكِن بِهِ
أَنارَت المَقبَرَةُ الوسطا

وَأَعوَلَ القابِرُ لَمّا رَأى
أَيَّ شِهابٍ بِالثَرى غَطّى

فَقُلتُ يا وَيحَكَ وَالوَيحُ لي
كَيفَ هَوى الكَوكَبُ وَانحَطّا

لا تَضعَنَّ المُشتَري في الثَرى
وَاجعَل لَهُ أَوجُهَنا بُسطا

فَقالَ لي وَهوَ يَرى ما أَرى
يَكفيهِ ما اللَهُ لَهُ وَطّا

أَبشِر بِرضوانٍ مِنَ اللَهِ مَن
قَدَّمَ هذا أَمِنَ السُخطا

قُلتُ بَريءِ وَأَنا مُذنِبٌ
هَل يَستَوي المَحرومُ وَالمعطى

غُصنُ الصِبا المَخروطُ مِن عَسجَد
سُبحانَ مَن أَحكَمهُ خَرطا

رُكِّبَ في أَعلاهُ بَدرُ الدُجى
وَصَيَّرَ النَجم لَهُ قُرطا

قَرَّبَهُ الخِدرُ إِذا عَن لَم
يَهتَدِ إِن يَشتَمِلِ المَرطا

يقرا فَما أَفصَحَ فاهُ وَإِن
يَكتُب فَما أَحسَنهُ خَطّا

أَكُلَّما يوصفُ لي نَقطُهُ
يَحمَرُّ خَدّي بِدَمي نَقطا

وَكانَ فيهِ عَجَبُ أَنَّهُ
عَلَّمَ مَن أَدَّبَهُ الضَبطا

وَرُبَّ مَن يَدعونَهُ مُقرِئا
وَما دَرى الغَرقَ وَلا الشَطّا

صُلتُ عَلى الدَهرِ بِهِ يافِعًا
وَدَبَّت الأَيّامُ لي شمطا

حَتّى إِذا حُكِّمَ فيهِ الرَدى
لَم أَستَطِع قَبضًا وَلا بَسطا

لا تَذكُروهُ فَتُريقوا دَمي
وَتَنثُروا مِن أَدمُعي سِمطا

حَديثُهُ جَفَّ بِهِ في فَمي
ريقي فَما اسطَعتُ لَهُ سَرطا

كُنتُ إِذا ما غابَ مقدارَ ما
يَرتَدُّ طَرفي قَلتُ قَد أَبطا

فَكَيفَ صَبري وَأَنا موقِنٌ
أَن لَيسَ يَدنو بَعدَما شَطّا

أَبكي إِذا أَبصَرتُ آثارَهُ
مِثلَ امرئِ القَيسِ رَأى السِّقطا

كَم لَدَغَتني حَيَّةٌ بَعدَهُ
وَكُنتُ أَرقي بِاسمِهِ الرُقطا

يا راحِلًا عَرَّسَ تَحتَ الثَرى
وَالقَلبُ في الرَحلِ الَّذي حَطّا

لَو عَلِمَت أُمّكَ أَلّا تَرى
وَجهَكَ ما أَزمَعتِ السُخطا

تَزَوَّدَت مِنكَ لِتَعليلِها
ذُؤابَةً عَطَّرتِ المشطا

رَيّاكَ فيها فَإِذا ضُوِّعَت
كانَت عَلى القَلبِ الشَجي رَبطا

حَسَدتها اليَومَ عَلَيها فَلَو
جادَت بِها وَفَّت لي الشَرطا

بَل ابتَغَت غَيرَكَ وُلدًا فَلا
عَوَّضَهُ اللَهُ وَلا أَنطى

أَجازَتِ البَحرَ وَلَو عوقِبَت
بِذَنبِها لَم تَبلُغ الشَطّا

وَالبَربَر اختارَت عَلى عُربِها
وَسَوفَ تَهوى الروم وَالقِبطا

كَأَنَّها مِن سَبَأٍ بُدِّلَت
بِجَنَّتَيها الأَثلَ وَالخَمطا

لَقَد شَفَت بِالبُعدِ لَو أَنَّها
مِن تنَّسٍ صارَت إِلى قِفطا

وَاللَه أَستَغفر مِن ذَنبِها
لَو عُصِمَ الإِنسانُ ما أَخطا

خَطَوتُ لِلغَيِّ لِخَطواتِها
وَرُبَّما كُنتُ أَنا أَخطا

شَبَّت وَشِبتُ وَبِغَيض الدُمى
مَن أَبصَرَت في فَودِهِ الوَخطا

نَفثَةُ مَصدورٍ إِذا صَعَّدَت
أَنفاسَهُ أَحرَقَتِ الأَرطى

وَمُشتَكي مِن قَصفَت فرعهُ
شُعوب لما أَثَّ وَاشتَطّا

وَأَسرَعَت في صَرعِهِ مِثلَما
تَأخُذُ كَفّك الحاسِد اللَقطا

فَانتَجَعَ الظَمآنُ غَيثَ البِلى
وَإِنَّما يَنتَجِعُ القحطا

لَو كانَ يُفدى وَهوَ مِن جَوهَر
مَحضٍ إِذا كانَ الوَرى خَلطا

فَداهُ زهرٌ بِهِم تهتدي
عَشواءُ تسري لَيلها خَبطا

أَعَزَّةٌ لَم يَبرَحوا مِصرَهُم
وَهُم يَرونَ الهِندَ وَالخُطّا

كَأَنَّما اللَهُ وَهُم أسدُهُ
لِلدَّفعِ عَنهُم خَلق اللَمطا

غابَت لِتَأبينِكَ يا واحِدي
قافِيَةُ الظَاء فَكَيفَ الطّا

لكِن أَرى المَوتَ سَبيل الفَتى
وَصَعبُهُ لا بُدَّ أَن يُمطى

إرسال تعليق

0 تعليقات