دَهرٌ حَوادِثُهُ شَتّى الأَحاديثِ
فَاسمَع بِما شِئتَ عَن نوحٍ وَعَن شيثِ
وَسَل عَن ابنِ التُرابِ البكرِ كَيفَ هوى
فَأَصبَحَت قُوَّةٌ فيهِ لِتَنكيثِ
تَغُرُّنا دارُنا الدُنيا بِزُخرُفِها
وَنَحنُ في طَلَبٍ لِلمَوتِ مَحثوثُ
وَإِنَّما هِيَ أَضغاثٌ تُضَغِّثُها
خَواطِرُ الوَهمِ فيها أَيَّ تَضغيثِ
ما أَتعَبَ الناسَ أَحياءً وَأَروَحَهُم
مَوتى لَوَ انَّ رَميمًا غَيرَ مَبعوثِ
لِهَولِ يَومٍ عَصيبٍ لا مَرَدَّ لَهُ
تَراهُمُ كَفَراشٍ فيهِ مَبثوثِ
وَكَأس ثكلٍ عَلى رِيٍّ شَرِبتُ بِها
فَرُحتُ مِنها بِتَمريصٍ وَتَمريثِ
قالوا أَفِق لِعلًا يُؤذيكَ قُلتُ لَهُم
لا يُؤلِمُ المُنتَشي عَضّ البَراغيثِ
عِندي مِنَ الدَهرِ ما عَنهُم شغلتُ بِهِ
وَالصِلُّ لَيسَ يُبالي بَالخَفافيثِ
تَوُفّي الخَلَفُ الزاكي وَعِشتُ كَما
تَرضى العِدا عَيشَ مَكروبٍ وَمَكروثِ
حَتّى أَعافَ شَرابًا لَستُ أَمزجُهُ
بِعبرَتي وَطَعامًا غَيرُ مَغلوثِ
وَكُنتُ في جَنَّةٍ حفَّت جَوانِبُها
بالزرعِ وَالنَخلِ وَالأَعنابِ وَالتوثِ
فَأَصبَحَت يَومَ أَودى وَهيَ خاوِيَةٌ
جَرداءُ مِن كُلِّ مَغروسٍ وَمَحروثِ
ما لي أَرى فَهرَ قَد أَودَت شَواهِقُها
وَأَجدَبَت أَرضها ذات الجَثاجيثِ
يا ديمَةَ الدَمعِ جودي أَربُعًا دُرُسًا
نادَتكِ مِن ظَمأ خَمس بِها غيثي
فَأَمرعيها وَقولي وَهيَ صالِحَة
لِلَوعَةِ الثُكلِ في قَلبِ العَلا عيثي
وَيلاهُ وَيلاهُ لا أشفى بِتَثنية
حَتّى أزيدَ وَلا أشفى بِتَثليثِ
بَكَيتُ مُستَسقِيًا بِالدَمعِ حينَ جِرى
فَلَم أزد نار قَلبي غَير تَأريثِ
أَودى الزَمانُ بِمَن يَدعونَ غرّتهُ
بَدرَ السَماءِ وَيُمناهُ حَيا الميثِ
أَودى بِعَبدِ الغَني ابني وَلَبَّثَني
وَكَيفَ إيذاؤُهُ بِابني وَتَلبيثي
أُحِبُّ لُقياهُ وَالبُقيا لأَندُبَهُ
فَيا شعوبُ اعجِلي إِن شِئتِ أَو رِيثي
عَزَّ العَوالي بَل عَزَّ المَعالي في
فَرعٍ لَها أَثَّثتهُ أَيَّ تَأثيثِ
فَجَثّهُ القَدَرُ الجاري لِيَفجَعَها
بِطيب مِن فَوَيقِ النَجمِ مَجثوثِ
إِن قُلتُ وَاللَهِ ما أَبقى الزَمانُ لَهُ
في القَومِ شِبهًا أَبَت عَلياهُ تَحنيثي
تَرضى العلا عَنهُ وَالأَحسابُ إِن ذكرت
مَكاسِب المَجدِ مِن بَعدِ المَواريثِ
فَقَد أَقامَت عَلَيهِ اليَومَ مَأتَمَها
بَينَ المَها العينِ وَالأسدِ الدَلاهيثِ
تَجاوَبَت بِالبُكا الأَصواتُ وَاشتَبَهَت
فَلَم أَمِز بَينَ تَذكيرٍ وَتَأنيثِ
أَفدي النِساءَ سِوى أَمّ لَهُ نَشَزَت
وَباعَت الفَحلَ مِنّي بِالمَخانيثِ
أَستَغفر اللَهَ مِن عَهدِ الَّتي نَكَثت
فَاستَبدَلَت بي وَما عَهدي بِمَنكوثِ
عَبد الغِنيّ اسكنِ الفردَوسَ في ظَلَلٍ
وَاطمث مِنَ الحورِ سربًا غَير مَطموثِ
وَصِل أَباكَ شَفيعًا فيهِ وَاقضِ لَهُ
حُقوقَ تَربِيَةٍ بَرَّت وَتَشبيثِ
لَعَلَّنا نَلتَقي في رَوضَةٍ أُنُفٍ
نَفوزُ فيها بِتَخليدٍ وَتَمكيثِ
0 تعليقات