جارَت بَنو بَكرٍ وَلَم يَعدِلوا
وَالمَرءُ قَد يَعرِفُ قَصدَ الطَريق
حَلَّت رِكابُ البَغيِ مِن وائِلٍ
في رَهطِ جَسّاسٍ ثِقالِ الوُسوق
يا أَيُّها الجاني عَلى قَومِهِ
ما لَم يَكُن كانَ لَهُ بِالخَليق
جِنايَةً لَم يَدرِ ما كُنهُها
جانٍ وَلَم يُضحِ لَها بِالمُطيق
كَقاذِفَ يَومًا بِأَجرامِهِ
في هُوَّةٍ لَيسَ لَها مِن طَريق
مَن شاءَ وَلّى النَفسَ في مَهمَةٍ
ضَنكٍ وَلَكِن مَن لَهُ بِالمَضيق
إِنَّ رُكوبَ البَحرِ ما لَم يَكُن
ذا مَصدَرٍ مِن تَهلِكاتِ الغَريق
لَيسَ لِمَن لَم يَعدُ في بَغيِهِ
عِدايَةَ تَخريقُ ريحٍ خَريق
كَمَن تَعَدَّى بَغيُهُ قَومَهُ
طارَ إِلى رَبِّ اللِواءِ الخَفوق
إِلى رَئيسِ الناسِ وَالمُرتَجى
لِعُقدَةَ الشَدِّ وَرَتقِ الفُتوق
مَن عَرَفَت يَومَ خَزازى لَهُ
عُلَيّا مَعَدٍّ عِندَ جَبذِ الوُثوق
إِذا أَقبَلَت حِميَرُ في جَمعِها
وَمَذحِجٌ كَالعارِضِ المُستَحيق
وَجَمعُ هَمدانَ لَهُم لَجبَةٌ
وَرايَةٌ تَهوي هُوِيَّ الأَنوق
فَقَلَّدَ الأَمرَ بَنو لَجبَةٌ
مِنهُم رَئيسًا كَالحُسامَ العَتيق
مُضطَلِعًا بِالأَمرِ يَسمو لَهُ
في يَومِ لا يَستاغُ حَلقٌ بَريق
ذاكَ وَقَد عَنَّ لَهُم عارِضٌ
كَجِنحِ لَيلٍ في سَماءِ البَروق
تَلمَعُ لَمعَ الطَيرِ راياتُهُ
عَلى أَواذي لُجٍّ بَحرٍ عَميق
فَاحتَلَّ أَوزارَهُمُ إِزرُهُ
بِرَأيِ مَحمودٍ عَلَيهِم شَفيق
وَقَد عَلَتهُم هَفوَةً هَبوَةٌ
ذاتُ هَياجٍ كَلَهيبِ الحَريق
فَانفَرَجَت عَن وَجهِهِ مُسفِرًا
مُنبَلِجًا مِثلِ انبِلاجِ الشُروق
فَذاكَ لا يوفي بِهِ مِثلُهُ
وَلَستَ تَلقى مِثلَهُ في فَريق
قُل لِبَني ذُهلٍ يَرُدَّنَهُ
أَو يَصبِروا لِلصَّيلَمِ الخَنفَقيق
فَقَد تَرَوَّيتُم وَما ذُقتُم
تَوبيلَهُ فَاعتَرِفوا بِالمَذوق
أَبلِغ بَني شَيبانَ عَنّا فَقَد
أَضرَمتُم نيرانَ حَربٍ عَقوق
لا يُرقَأُ الدَهرَ لَها عاتِكٌ
إِلّا عَلى أَنفاسِ نَجلا تَفوق
سَتَحمِلُ الراكِبَ مِنها عَلى
سيساءِ حِدبيرٍ مِنَ الشَرِّنوق
أَيُّ امرِئٍ ضَرَّجتُمُ ثَوبَهُ
بِعاتِكٍ مِن دَمِهِ كَالخَلوق
سَيِّدُ ساداتٍ إِذا ضَمَّهُم
مُعظَمُ أَمرٍ يَومَ بُؤسٍ وَضيق
لَم يَكُ كَالسَيِّدِ في قَومِهِ
بَل مَلِكٌ دينَ لَهُ بِالحُقوق
تَنفَرِجُ الضَلماءُ عَن وَجهِهِ
كَاللَيلِ وَلّى عَن صَديحٍ أَنيق
إِن نَحنُ لَم نَثأَر بِهِ فَاشحَذوا
شِفارَكُم مِنّا لَحِزِّ الحُلوق
ذَبحًا كَذَبحِ الشاةِ لا تَتَّقي
ذابِحُها إِلّا بِشَخبِ العُروق
أَصبَحَ ما بَينَ بَني وائِلٍ
مُنقَطِعَ الحَبلِ بَعيدَ الصَديق
غَدًا نُساقي فَاعلَموا بَينَنًا
أَرماحَنا مِن عاتِكٍ كَالرَحيق
مِن كُلِّ مَغوارِ الضُحى بُهمَةٍ
شَمَردَلٍ مِن فَوقِ طِرفٍ عَتيق
سَعالِيا تَحمِلَ مِن تَغلِبٍ
أَشباهَ جِنٍّ كَلُيوثِ الطَريق
لَيسَ أَخوكُم تارِكًا وِترَهُ
دونَ تَقَضّي وِترُهُ بِالمُفيق
0 تعليقات