أنى طرقت ذوي شجن تعودهم لـ عدي بن زيد العبادي

أَنَّى طَرَقتَ ذَوي شَجنٍ تَعُودُهُمُ
وكنتُ عَهدي قَطُوفَ الَمشيِ مِحيارا

أَم كيفَ جِزتَ فُيوجًا حَولَهُم حَرَسٌ
وَمُترَصًا بابُهُ بالشَّكِّ صَرَّارا

فَيَا لَهُ مِن حَبيبٍ صادَفَت أَلَمًا
وكنتُ أُنِعمُه بالًا إذا زارا

وَلم يكُن غيرَ شوقٍ بعدَ بارحَةٍ
وغَربَ عَينٍ تَسُحُّ العَينَ أسرارا

وقد أَراهُ على حالٍ أُسَرُّ بهِ
كأَنَّما أَجتَلي في الصُّبحِ دينارا

وأَحَورِ العَينِ مَربُوبٍ لَه غُسَنٌ
مُقَلَّدٌ من جَنَاحِ الدُّرِّ تِقصارا

قَدِ اصطَلَى نارَهُ حِينًا ويُضرِمُها
إذا خَبَا ضَوءُها الهِنديَّ والغارا

وذي تَناوِيرَ مَمعُونٍ لَهُ صَبَحٌ
يَغذُو أَوابِدَ قد أَفلَينَ أَمهارا

والخُنسُ يُزجِينَ غُنًّا في طَوائفِهِ
يَضرِسنَ مِن خِروِعٍ رَيَّانَ أَثمارا

أَهبَطتُه الرَّكبَ أَحبُوهُم أَخَا ثِقَةٍ
رَحب الَجوانِحِ صَلتَ الَخدِّ عَيَّارا

كأَنَّ رَيِّقَهُ شُؤبُوبُ غاديةَ
لَمَّا تَقَفَّى رَقيبَ النَّقع مُسطارا

يُربي عليهِ تِجاهَ الرَّكب ذُو دَرَكٍ
بالعَقبِ إن لَم يدمِّ الَجلزَ إحضارا

فِعشتُ أُولي صَديقي ما يُسَرٌّ بهِ
وَمن تَكَيَّدنَي نابًا وأظفارا

فخالَ ذلكَ أحلامًا أُذَكِّرُها
بعدَ النَّعيمِ وكانَ العَيشُ أطوارا

مَن مُبلِغَ الصَّعبَ عَن عَانٍ يَوَدُّ لَهُ
طُولَ الَحياةِ وفيما رامً إظهارا

إنِّي سُررتُ على ما كانَ مِن وَصَبٍ
بما يُنَبِّئُ قَيسٌ عَنكَ أَخبارا

إذ حَلَّ عنكض عَزيزُ الفَقدِ مُجتَنبًا
للِهاجراتِ نَقِيَّ الصَّدرِ نَحَّارا

ولَو هَلَكتُ تركتُ النَّاسَ في وَهَل
بعدَ الَجميعِ وصارَ العَيشُ إكسارا

فالحمدُ لِلَّهِ إذ نَجَّاكَ مِن عَطَبٍ
واللهُ لا يَبتَغي للِحَمدِ أَنصارا

وإذ نَقَمتُ مِنَ الوَجناءِ جِبلَتَها
إذ خافَ منكَ وَلُّي الشَجوِ إدبارا

فأَنتَ تَرفَعُها جَذلانَ مُبتَهِجًا
سَهوًا وتُعمِلُها عَرفاءَ مِذكارا

تَهدي الأَنامَ وتُعطِيهمُ نَوائِبهُم
في الدِّينِ عَدلًا وفي الأَعطاءِ إغزار

بَل أَلسِنُوني سُراة العَمِّ إنَّكُمُ
لَستُم مِنَ الُملكِ والأبدالِ أَغمارا

ماذا تُرجَوُّونَ إن أَودَى رَبيُعكُمُ
بَعدَ الألَهِ ومَن أَذكَى لَكُم نارا

كَلاَّ يمينًا بذاتِ الوَدعِ لو حَدَثَت
فيكُم وقابَلَ قَبرُ الماجِدِ الزَّارا

بِتَلِّ جَحوَشَ ما يَدعُو مُؤذِّنُهُم
لأَمرِ دَهرٍ وإذ يَحتَثُّ أَنفارا

ولا تَحُلُّ نَبِيَّ البِشر قُبَّتُهُ
تَسُومُهُ الرُّومُ أن يُعطُوهُ قنِطارا

إذاَ لَبُؤتُم بجمعٍ لا كِفَاءَ لَهُ
أَوتادُ مُلكٍ عَظيمٍ جَدُّهُ بارا

أو أن تُشَمِّر حَربٌ بعدَ ما لَقِحَت
حتَّى تَشُوبَ لَكُم شَيباءَ مِذكارا

إذ قَومُها فَقَدتَهُ لا يُعَقِّلُها
حتَّى يُعَرِّفَكُم ذُلاًّ وإصغارا

كأَنَّ أَعداءَها منكُم وخاشمَها
منَ العَدُوِّ على الأيَّامِ صَبَّارا

وَالُمشتَلِيكُم وقد زالَت دَعامَتكُم
أو تَزعَمُونَ وتَزدادُونَ أوتارا

فَلم يَلِث مُلكُهُ إذ راشَ سَهمُكُمُ
وحَلَّ عنكُم عَوالي فَضِلهِ العارا

فكُلُّكُم مِن غَدٍ يَرعَى مَحَبَّتَهُ
ولا يَزالُ بأَمنٍ مُونِقًا دارا

ورافِدُ الرَبِّ مَغبوطًا بِصُحبِتَه
وطالبُ الوجَهِ يَرضَى الحالَ مُختارا

مَن لا يُشارِكُ يومًا نَفسَهُ لَمَمٌ
ومَن يُعَشِّي جَوازَي عُرفِه الجارا

مُولَى الفِعالِ ومُجني كُلِّ مَوحِدةٍ
حُلوُ الشَّمائلِ يَلقَى الجَيشَ مَوَّارا

غيرُ العَنيفِ بما أَدَّت نَقيَبتُهُ
يَبني لِمَن بَعدَه نُعمَى وآثارا

عَفُّ الَمكاسِبِ ما تكَدي خُسَاسَتُه
كالبَحرِ يُلحِقُ بالتَّيَّار تَيَّارا

الواهِبُ الأَلفَ مَحبوسًا هجائُنها
كأَنَّ أَلوانَها غُشِّينَ جَيَّارا

والدُّهمُ شُعثُ الذُّرَى سَوداءُ تُشِبهُها
مِمَّا وَنَى مِن صَفَا شَبعانَ جَبَّارا

في الرَّوضِ تَرعَى وتَجري في طَوائفِه
يَنسِلنَ في نَقَلِ الشِّعريِّ إدبارا

بَلهَ التَّرايِعِ منهُ في مَرابِطِكُم
والصَّافِناتُ إذا جُرِّدنَ أَبشارا

فأَيُّكُم لَم يَنَلهُ عُرفُ نائِلهِ
دَثرًا سَوامًا وفي الأَريافِ أَوصارا

فاليَومَ إذ ما وَقَاكَ اللهُ صَرعَتَهُ
وزادَ أعداءَهُ ذلاًّ وإمعارا

فاستَعتِبوُا واشكُرُوا للهِ نِعمَتَهُ
تُلفوا إلَهَكُمُ للِظلًّمِ غَفَّارا

يَزدكُمُ حِدَّةً ما دامَ قائِتكُم
وفي قَوِى حَبلِكُم مَتنًا وإمرارا

مَتَى يَمُت لا يَرَوا عَدلًا لَهُ أَبَدًا
في كلّ ما قَلَبُوا عُرفًا وإنكارا

ولَو عَلِمنا جِبالًا يُستَلاذُ بها
مِن رَهطِنا قامَةٌ لِلمُلكِ أَعمارا

فأَنَّهُ لا كَشِرواهُ رَأَى أَحَدًا
أَمَرَّ أَمرًا وأَقوَى مِنهُ أَضرارا

قد ظَنَّ باللهِ مَن يَبغي به بَدَلًا
ومَن يُرجّي لِريَبِ الدَّهرِ إظهارا

إرسال تعليق

0 تعليقات