طال ذا الليل علينا فاعتكر لـ عدي بن زيد العبادي

طالَ ذا اللَّيلُ علينا فاعتَكَر
وكأَنِّي ناذرُ الصُّبحِ سَمَر

مِن نَجِيِّ الهَمِّ عندي ثاوِيًا
بينَ ما أُعلِنُ منهُ وأُسِرّ

وكأَنَّ اللَّيلَ فيه مِثلُهُ
وَلَقِدمًا ظُنَّ باللَّيلِ القِصَر

لَم أُغَمِّض طولَهُ حتَّى انقَضَى
أَتَمَنَّى لَو أَرَى الصُّبحَ جَشَر

شَئِزٌ جَنبِي كأَنِّي مُهدأُ
جَعَلَ القَينُ على الدَّفِّ إبَر

غيرَ ما عِشقٍ ولَكِن طارِقٌ
خَلَسَ النَّومَ وأَجداني السَّهَر

إذ أتاني نَبَأُ مشن مُنعِمٍ
لَم أَخُنهُ والَّذي أَعطَى الخَبَر

قِيلَ حتَّى جاءَني مَصدَقُهُ
ولقد يُلفَى معَ الصَّفوِ الكَدَر

هَل تَرَى مِن ظُعُنٍ باكِرَةٍ
يَتَطَلَّعنَ مِنَ النَّجدِ أُسَر

كخَلاَفِ البَحرِ تَعلُو غَمرَةً
إذ سَجَا التَّيَّارُ منه واسبَكَر

وتَرَى مِن كلِّ شَيءٍ أَشبُهًا
كلُّ رُوحٍ وقِرامٍ مُختَدَر

وعَلَى الأَحداجِ أَلوانُ القَنا
وخُزامَى الرَّوضِ يَعلُوهُ الزَّهَر

سَبَكَت في كلِّ عامٍ وَدقضهُ
فَظباءُ الرَّوضِ يَقرِ منَ الثَّمَر

أَبلغِ النُّعمانَ عنِّي مَألُكًا
قَولَ مَن خافَ أظطِنانًا فاعتَذَر

إِنَّني والله فاقبَل حَلفَتي
لأَ بيلٌ كلَّما صَلَّى جَأَر

مُرعَدٌ أَحشاؤُهُ في هَيكَلٍ
حَسَنٌ لِمَّته وافي الشَّعَر

مُؤمِنُ الصَّدرِ يُرَجِّي عِتقَهُ
يومَ لا يُكَفرُ عَبدٌ ما أدَّخَر

ما حَمَلنَا الغلَّ من أعدائكُم
ولَدَى اللهِ مِنَ العُذرِ الُمسَر

حَولَنا الأَعداءُ ما يَنصُرنُا
غيرُ عَونٍ اللهِ واللهُ نَصَر

لا تَكُونَنَّ كآسي عَظمِه
بأَسَىً حتَّى إذا العَظمُ جَبَر

عادَ بعدَ الَجبرِ يَبغي وَهيَةً
يَنحُوَنَّ الَمشيَ منهُ فانكَسَر

وأذكُرِ النُّعمَى الَّتي لَم أَنسَهَا
لكَ في السَّعيِ إذا العبَدُ كَفَر

إذ جَعَلناهُم تَباذِيرَ كَمَا
فَرَّقَ القابِسُ في اللَّيلِ الشَّرَر

فاكتَنِت لا تَكُ عَبدًا طائرًا
واحذَرِ الأَقتالَ مِنَّا والثَّوَر

إنمَّا قد قَدَّمَت مَسعاتُنا
نعَمًا تَرفَعُ منَّا مَن عَثرَ

ولَنَا مَجدٌ ورَبٌّ مُفِضَلٌ
بِيَدَيهِ الَخيرُ ما شاءَ أَمَر

مِنهُ فَضلٌ ولَدَيهِ سِعَةٌ
إنَّما يُرجَى لِمَا فاتَ الغِيرَ

وشَفيعٍ مُنجحِ يَنظُرُنا
بِيَديهِ اليَومَ تَيسِيرُ العُسُر

لَم تَضِق أَذرُعُنا في خَلَّةٍ
وعَلاَ ذُو الَخصمِ مشنَّا وظَهَر

إذ جَعَلناهُم بِضيقِ مَأزِقٍ
ثُمَّ نِلنا السَّعيَ مِنهُم والظَّفَر

إرسال تعليق

0 تعليقات