مُنى النفس يدني منكمُ والنَّوى تقصي
فكمْ ذا يُطيعُ فيكم وكم يعصي
يُقرب في حال التَّنائي مزارَكم
فيدنو ويَنأَى بالخيال وبالشخص
فَيَنْقادُ للأحلام منكم وللمنى
ويأبَى على المشتاق فيكم ويَستعصي
وكم رُمْت أعصي في هواكم فلم أطقْ
خطوبًا خطايا الدَّهر فيهنَّ لا أُحصي
وكنتُ تأوَّلتُ النوى أنَّها ثَوى
وهل بَعد نصِّ العيسِ أحتاجُ للنصِّ
فكم سَهَّدتْ من مجتلى سَهر الحِجا
ببدرٍ على غصنٍ وغصنٍ على دِعص
وتُظْهِرُ تَرْغيدًا ومنتصّة الطلى
تَريعُ إذا ريعَتْ لأغيدَ مُنتصّ
وفَرعٍ يُريكَ الليلَ يغشى نهاره
أو الصبح تجلوه لدى الحلِّ والعَقصِ
فما أمرض القلب الذي قد أغصَّه
تملُّؤه من ذلك المقضمِ الرَّخص
وما أفصحَ الوشْحَ التي تشتكي النوى
على حال قُربٍ من خصور لها خُمص
كأنْ لم تَمَدَّدْ بعد ما قلَّصتْ بكم
ظلالُ المُنى أيدي النجائب والقُلْصِ
ولم تعدُ بي قرواءُ تُمْسَحُ بالطلا
وتمحصُ في عرض الفلا أيّما مَحْص
ولم تختدعْ عينَ الرَّقيبِ وسمعَه
بوَخْدٍ على وَخْدٍ ونصٍّ على نصِّ
تخفّ وتخفي الوطء من كلّ مسمع
فآثارها تخفى على كلِّ مقتص
وكم زُرتُ ربّاتِ الحجال وزُرنني
برأي مطاع في الهوى وحجًا معصي
وقَصَّتْ ولكن ما اهتدت رقباؤها
إلى أثَرَيْنا بالقِيافةِ والقَصِّ
فيحكي انسيابَ الصّلّ طرفي إذا سرى
إليها وطرفي إنْ سما خِلسة اللّصِّ
بعزميَ استدني البعيد وإنَّني
كما النجم مستقص له غير مستعص
وزَهَدَّني في العيشة الخفْضِ أنَّني
على ربع كورٍ في ذرَى العيس ذو حرص
وعفت من الدنيا الدنايا فلم أشر
بقَبض إلى ما عنّ منها ولا قَبص
سأترُك في الدنيا ثناءً مخلّدًا
إذا غدت الأيّام مخلقةَ القمص
أعقائلقد عزّت على كلّ خاطبٍ
ولو حلّيت عقد الثريّا لدى النصّ
أرادت وحيدا في الملوك فلم تجد
كيحيى بن عبد الواحد ابن أبى حفص
أمير لأقدام السعود تقدم
إليه وأقدام العدى عنه في نكص
لخرصانه صدق الجلاد الذي به
تظل الأعادي في جدال وفي خرص
بحيث ترى زهر الوجوه كأنّها
من الروع علّت بالعبير أو الحمص
وبحر تهيم المكرمات به فما
لها الدهر من خلّ سواه ولا خلص
فمن يعدُ شط الحلم منه ملجّجا
فأيدي المنايا فيه ناشبةُ الشص
نأى ودنا منّا علا وسماحةً
فيدنيه منّا جوده والعلا تقصي
لآل أبي حفص مآثرُ لم تكن
لتحصى بطول البحث عنها ولا الفحص
وما ليس يبدو منهم فوق ما بدا
من الفضل إن أحصى فضائلهم محص
فليس بمستقصٍ لها واصف مدى
ولو أنّه فيها مدى القول مستقص
فللّه ما لم يبد منها وما بدا
وللمجد ما لم يحص منها وما أحصي
بيوت المعالي بالعوالي مشيدةٌ
لديهم وأسّ المجد مستحكم الرص
فتلك هواهم لا هوى البيض كالدمى
وتلك بناهم لا بنى الشيد والجص
سموتم إلى العليا بطول قوادمٍ
فمن ذا يساميكم بأجنحةٍ حمص
تراث الهدى فيكم وما لسواكم
من الناس فيه من نصيب ولا شقص
بماحزتم من هدى أفضل صاحبٍ
وأكرم مختص بأكرم مختص
أبي حفص البحر الخضم الذي طما
فمدّ بلا جزر وزادٌ بلا نقص
به أصبح المهديّ قد شدّ أزرُه
كما شد أزر المصطفى بأبي حفص
وكم فئة ضلّت هديتَ إليهم
هواديَ خيل ذللت كل مستعص
وعرّاصةً قد جاد في عرصاتهم
لها عارض واري السنى دائم العرص
ومختليات للجماجم والطُلى
بضرب مبين الحس مستاصل الحص
تزيد حياة الدين طولا قصارُها
وتنقص أعجاز العدى أيما نقص
كسوت جناح الجيش منه قوادمًا
قصَصت قداماهم بها أيّما قص
فأصبح منحطا بها كل كاسرٍ
مهيضِ الخوافي والقوادم منحص
وأضحت على غير العوالي رؤوسهم
تُساق ومن مقصودهن على وقص
فكم قدم من صادق القدم منهم
غدت وهي في دحض هناك وفي دحص
فمن منسإ منهم لنكل عيشة
ومن معجل منهم إلى ميتة قعص
بكل مقاد للهدى بغراره
وأهليه من أهل الضلالة مقتص
اسام الردى روض المنايا ذبابَه
وقال لصغرى النمل آثاره قصي
فكم قونس قد خد في الخدّ بعده
وكم قصّ بعد الفرى للهام من قص
فيحصدن من هام العدى كل قائم
ويهد من من بنيانها كل مرتص
وكم عاقلٍ أضحى بمقعد حرصِهِ
بصيرًا وقد أعيا على الحزْر والخرْص
بحيث ظبا الأَجفان رمدٌ سوافح
دمًا وعيون السُّمرِ كالأَعين الرمص
ويومٍ كيوم السَّبت لمْ تَرجُ بَعده
عداتُك أن تشتقَّ في الرَّمس من رمصِ
فإنْ رفعوا آنافهم جُدِعتْ وإنْ
أمال الهوى أعناقهم فهي للوقص
فروَّيت منهم كلَّ ظامٍ كعوبه
إلى الدم غرثان الشبا خَرِص الخُرص
بأيدي أسود في متون سوابقٍ
سوابحَ في آذيّ ماذيةٍ دلص
تدوس وكور العفر في ظلل المنى
فتوشك أن تعزى إلى العُصُم العقص
جرت أنجم العاصي بنحسٍ لدن جرت
على السَّهل من أرجائها وعلى الفحص
أطلَّتْ عليه الخيلُ أهدى من القطا
فظلَّ عن المنجاة أَحْيرَ من دِرْص
وأَصبح من آمال دنياه ينبري
إلى أَمدٍ شحط على أمل شحص
فليس بها ما نابه الدَّهرَ ناسيًا
وما ناله من شدَّة الوطء والوهص
متى يفرصِ اللَّيثُ القنيص وينفلتْ
يَرُعْهُ متى ما يَلْتَفِتْ أثر الفرص
حقيقة نصر أكذبتْ كلَّ مُمتَرٍ
وجاءَته بالأَمر اليقين من القَّصِّ
غدا صفر الأَصفار ممتلئًا بها
بشائر قد طابتْ لمُصْغٍ ومُقْتَصِّ
فلو طرقت قُسًَا وقد قام خاطبًا
لأصغى لها سمعًا وقال لها قُصِّي
عسى الله أن ينتاشَ أندلسًا بها
ويأخذ فيها للهدى أخذَ مُقتصِّ
فيُضحي بها شرقُ الجزيرة مشرقًا
وتطلع أنوار البشائِرِ في حمص
أميرَ الهُدى من يدنُ منك فإنَّه
بقربك هن صرف الحوادث قد أُقصي
إليكم سرتْ بي أَيْنُقٌ خُمص السّرى
تجوبُ الفلا أنضاؤها أَيُّما خمص
قلاصٌ كخيطانٍ من النبع لم تزل
لها البيد في هصر عنيف وفي رهص
تشكَّى السُّرى والشُّهبُ للصبح تشتكي
سُرى الغمص منها وهي كالأَعين الغمص
إلى بحرك الطامي على الورد أوردت
مياهًا لها غور عن الرشف والمصّ
بِرَيْدٍ تملُّ الرِّيح فيه من السُّرى
وتسأم فيه الرَّاقِصات من الرَّقص
مهيبٍ كأَنَّ الطير موفيةٌ به
على قفصٍ والظبيُ مُشْفٍ على القنص
تُجلّي دياجيه اللّصوصُ بأَنصُلٍ
حِدادٍ كأَنياب المجلحة اللُّصِّ
كثيرٌ شخوصُ الطرف من مَلقٍ به
رميّ قليلٍ فوق أَظهرهِ شخص
إذا رَقي الحرباء منبر عوده
ليخطب والجرباء وقَّادَةُ القرص
كأنَّا إذا شِدنا بُنىً لمقِيلِنا
من الخُطِّ قِلنا في بيوتٍ من الخص
أقولُ وقد خبَّتْ بنا أرحبيَّةٌ
عدت عن ورود الخمس تشكو من الخمص
وماءُ رَوَاياها كماءِ عيونها
تَرافَصه أيدي الثرى أيما رفص
ولم تبق منه البيدُ غيرَ صبابةٍ
وسُؤْرٍ بأنفاس الهواجر ممتصِّ
وتكرو على حد الكُدا غير كزةٍ
ولا ذات نبو في الزمام ولا قمص
وردتِ خصيبًا فارتضي وارتعي به
ودونَكِ من صرف الحوادث فاقتصي
ويا فِكري اعتامي اللآلئ وانتقي
وفي لبَّة العلياء أبكارَها نُصي
فما يسوي كفء تقرّ عيونها
فأكرم كفءِ للمعالي بها خصّي
ولا تبخسي حقّا لهن فإنّني
أرى أن بخس الحق فيهن كالبخص
قوافٍ كمحضِ الودّ يزداد رونَقًا
وحسنا على استخلاصه وعلى المحص
فلاحت بجيد المجد أسنى قلادةٍ
وفي خاتم العلياء أبهى من الفص
فلو كنّ مما يحسن الغيد نظمه
لآلت بها غرّ اللآلي لى الرخص
فقال لها الإحسان حولي وللتي
غدت وهي في الأمداح ضرّتها غصّي
شفاء لمن والاكم وهي في العدى
سقام ممض القرح مستألم القرص
يصَبّ بها أهل الفرات ودجلة
ويصبو إليهن الدمشقيّ والحمصي
حلى خاطرٍ يضفي الثناءَ لأهله
ويفصحُ عن سر المعالي فلا يفصي
متى أثر المعنى الشرود به يكد
يبادرني قبل الإثارة بالقنص
بقاؤك للإسلام أعظمُ نعمة
من اللّه قد جلّت عن الغمطِ والغمص
فلا أقصت الأيام ما شئت قربه
ولا قرّبت ما أنت منءٍ له مقصِ
فما تمطُل الدنيا بدينٍ من المنى
سعودُك تستَقضيه منها فتستقصي
0 تعليقات