أمن بارقٍ أوْرَى بجنح الدُّجى سقطا
تذكرتَ مَنْ حلّ الأَبارق فالسقطا
وبانَ ولكن لم يبِنْ عنك ذكره
وشطَّ ولكن طيفُه عنك ما شطَّا
حبيب لوَ انَّ البدرَ جاراه في مدىً
من الحسن لاستدنى مدى البدر واستبطا
إذا انتجعت مرعى خصيبًا ركابه
غدا لحظُ عيني يشتكي الجدب والقحطا
لقد أسرعت عنِّي المطيُّ بشادنٍ
تسَرَّعَ في قتلِ النفوسِ وما أبطا
ظننت الفلا دار ابن ذي يزن بها
وخلت المحاريب الهوادج والغُبْطا
وكم دُمْيةٍ للحُسن فيها وصورةٍ
تروق وتمثالٍ من الحسن قد خُطَّا
شَمائل لاحت كالخمائل بهجةً
سقيطُ الحَيَا فيهنَّ لا يسأمُ السقطا
توسّد غزلان الأَوانس والمها
به الوشي والديباج لا السّدر والأَرطى
ولمْ يسْبِ قلبي غير أَبهرِها سنىً
وأطولها جيدًا وأخفقها قرطا
فيا ربَّة الأَحداج عوجي لتعلمي
وما بك جهل أن سَهْمَك ما أخطا
قفي تستبيني ما بعينيكِ من ضنى
كجسمي وعنوانَ الهوى فيه مختطَّا
فلم أرَ أعدى منك لحظًا وناظرًا
لقلبي ولا أعدى عليه ولا أسطا
سقى الله عيشًا قد سقانا من الهوى
كؤوسًا بمعسول اللَّمى خُلِطتْ خلطا
وكمْ جنَّةٍ قد رُدْتُّ في ظلِّ كافرٍ
فلم أجز ما أهداهُ كفرًا ولا غمطا
وكم ليلةٍ قاسيتها نابغيَّةٍ
إلى أن بدتْ شِيبًا ذوائبها شُمْطا
وبتُّ أَظنُّ الشُّهب مثلي لها هوىً
وأغبطها في طول أُلفتها غبطا
على أنَّها مثلي عزيزة مطلب
ومن ذا الَّذي ما شاءَ من دهره يُعطى
كأَنَّ الثريَّا كاعبٌ أزمعَتْ نوىً
وأَمَّتْ بأَقصى الغرب منزلةً شحطا
كأَنَّ نجومَ الهقعة الزهرَ هودج
لها عن ذرى الحَرْف المُناخَةِ قد حُطَّا
كأَنَّ رشاءَ الدلو رشوة خاطبٍ
لها جعلَ الأَشراط في مهرها شرطا
كأَنَّ السُّها قد دقَّ من فرط شوقه
إليها كما قد دقَّقَ الكاتبُ النقطا
كأَنَّ سهيلًا إذ تناءَت وأنجدت
غدا يائسًا منها فأَتهم وانحطا
كأَنَّ خفوقَ القلبِ قلبُ متيمٍ
تعدَّى عليه الدَّهر في البَين واشتطَّا
كأَنَّ كلا النِسرين قد ربع مذ رأى
هلال الدُّجى يهوي له مخلبًا سَلْطا
كأَنَّ الَّذي ضم القوادم منهما
هوى وَاقعًا للأَرض أو قصَّ أو قُطا
كأَنَّ أخاه رام فَوْتًا أمامه
فلم يَعدُ أنْ مدَّ الجناح وأنْ مطا
كأَنَّ بياض الصُّبْحِ مِعصَمُ غادةٍ
جنَتْ يدُها أزهارَ زُهر الدُّجى لقطا
كأَنَّ ضياء الشَّمس وَجْهُ إمامِنا
إذا ازداد بشرًا في الوغى وإذا أعطى
محمَّدٌ الهادي الَّذي أَنطق الوَرى
ثناءً بما أَسدى إليهم وما أنْطى
إمام غدا شمس الأَعالي وبَدْرُها
وقد أصبحت زهرُ النجوم له رهْطا
جميل المحيا مجمل طيب ذكره
يُعاطي سرورًا كالمحيَّا ويُسْتَعْطى
إذا ما الزَّمان الجعد أبدى عبوسَه
أرانا المحيا الطلق والخُلقَ السّبطا
كلا أبوي حَفْصٍ نماه إلى العلا
فأَصبح عن مرقاته النّجْمُ مُنْحطَّا
بسيماه تدري أنَّ كعبًا جدودهُ
وإنْ هُو لم يذكر رزاحًا ولا قرطا
إذا قبض الروعُ الوجوهَ فوجهُهُ
يزيد لكون النصر نصلًا له بسطا
به تترك الأَبطال صرعى لدى الوغى
كأنْ قد سُقوا من خمر بابل إسفنطا
تراه إذا يُعْطي الرَّغائب باسمًا
له جَذلٌ يرْبي عن جَذَلِ المُعْطَى
وكم عنقٍ قد قُلِّدَتْ بنواله
فَريدًا وقد كانت قلادَتُها لطَّا
متى ما تَقِسْ جودَ الكرام بجُودِهِ
فَبالبحرِ قايَستَ الوقيعة والوقْطا
يشفّ له عن كلّ غيب حِجابه
فتَحسبُه دون المحجَّب مَا لطا
تُطيع اللَّيالي أمره في عصابة
وتُردي أعاديه أسَاودها نشطا
وتُمضي عليهم سيفه وسِنانه
فَتَبري الكلى طعنًا وتفري الطلى قطَّا
فكيف ترجت غِرَّةً منه فِرْقةٌ
غدا عِزُّها ذلاًّ ورفعَتُها هَبْطا
وكم بالنهى والحلم غطَّى عليهمُ
إلى أنْ جنَوا ذنبًا على الحلم قد غطَّا
فأمْطاهُم دُهْمَ الحديد وطالما
أنالهُم دُهْمَ الجيادَ وما أمطى
ورام لهم هَدْيًا ولكنَّهم أَبَوْا
بغيهم إلاَّ الضلالة والخبطا
وكان لهم يبغي المثوبة والرضا
ولكن أبوا إلاَّ العقوبة والسّخطا
ولو قوبلت بالشكر جنَّة بابه
لما اعتاض منها أهلها الأثل والخمطا
هو الناصر المنصور والملك الَّذي
أعاد شباب الدَّهر من بعدما اشْمطا
أصاختْ له الأَيَّامُ سمعًا وطاعةً
وأحكمتِ الدُّنيا له عهدَها ربطا
فلا بدَّ من أنْ يملك الأرضَ كلّها
وأنْ تملأ الدُّنيا إيالته قسطا
ويَغْزُوَ في آفاق أندلسَ العدا
بجيشٍ تخطُّ الأَرضَ ذُبَّلُهُ خَطَّا
وكلّ جوادٍ خفَّ سنْبكه فما
يمسّ الثرى إلاَّ مخالسةً فرطا
يؤمّ بها الأَعداء مَلكٌ أمامَه
من الرعب جيش يسرع السيرَ إن أبطا
ويرمي جبال الفتح من شطِّ سبته
بها فتوافي سُبَّقًا ذلك الشطَّا
بحيث التقى بالخضر موسى وطارق
وموسى بها رَحلًا لغزو العدا حطا
وسعيك يُنسي ذكر سعيهما به
ويوسع مسعى المشركين بها حبطا
ويوقع في الأَعداء أعظم وقعة
فما تملأ الأَسماع طير الملا لغطا
تجاوبُ سحم الطير فيها وشهبها
كما راطن الزنج النبيط أو القبطا
وتنكر فيها الجنّ والأَرض أعْيُنٌ
ترى الجنَّ نارًا والصعيد دمًا عبطا
فتخضب منهم من أشابت بخوفها
نصول ترى منها بفود الدُّجى وخطا
ويحسم أدواءَ العدا كلُّ ضاربٍ
حسامٍ إذا لاقى الطلى حدُّه قطا
وكلّ كميّ كلَّما خطَّ صفحةً
بسيفٍ غدا بالرُّمح ينقطُ ما خطَّا
شجاعٌ إذا التفَّ الرماحان مثل ما
تُغلغلُ في أَسنانِ مُشْطٍ مشطا
إذا ما رَجَتْ منه أعاديه غرَّةً
رأَتْ دون ما تَرْجو القتادة والخرطا
فيجدعُ آنافَ العُداةِ بسيفه
ويُنْشِقُها بالرُّمح ريحَ الرَّدى سعطا
يبيد الأَعادي سطوةً ومكيدةً
فيَحْكي الأسود الغُلْبَ والأذؤب المُعْطا
سرى في طِلابِ المَعْلُواتِ فلمْ يزل
يمدُّ خطىً مبسوطة ويدًا بسطا
ولو نازَعتْ يُمناه جذبًا شمالَه
لبوسا من الماذيِّ لانعَقَّ وانعطَّا
يصولُ بخطيٍّ لكلِّ مُرشّة
به أثر يعزوه للحيَّة الرّقطا
قنا تُبْصر الآكام فرعًا كواسِيًا
بهنَّ وقدُبْصِرْنَ عاريةً مُرْطا
إذا نسبت للخطِّ أو لرُدَيْنَةٍ
نبن إلى العليا ردينةَ والخطا
كُماةٌ حُماةٌ ما يزال إلى الوغى
حنينٌ لهم ما حنَّ نضوٌ وما أطَّا
عليهم نسيجُ السابغاتِ كأنَّما
جلودٌ على الحَيَّاتِ قد كُشِطَتْ كشطا
إذا لمعٌ للشمسِ لاحتْ عليهمُ
رأيتَ صِلالًا أُلبست حُللًا رُقطا
تَدَحْرَجَ كالزَّاووق لينًا ومثله
ترى نقطة من بعد ما طرحت خطا
جيوشٌ إذا غطَّى البلادَ عبابُها
وأمواجها غطَّت نفوس العدا غطا
فكم قد حكت في حصر حصنٍ ومعقل
وشاحًا على خصرٍ فأوسَعْنَهُ ضغطا
وخيلٌ كأمثال النعام تخالها
لأفراطِ لوك اللُّجْمِ تبغي لها سرطا
تَخيَّلُها فُتْخًا إذا انبعثت وإن
سَبَحْنَ بماءٍ خلتها خفَّةً بَطَّا
فينعقّ منها مرْط كلّ عجاجة
موازع لا يسأَمْنَ مرًا ولا مرطا
وكم خالطت سُمْرَ الرماح وأوردت
مياهًا غَدتْ حُمْرُ الدِماءِ لها خلطا
يُجِمُّونها ليل السُّرى فإذا دَعَوْا
نزَالٍ امتطوْا منهنَّ أشرف ما يُمطى
وكم جنبوها خلف معتادة السُّرى
غواربَ لم تَعْرِفْ زفيرًا ولا نحطا
وقد سعرت أعناقهن أزمة
بطول السرى حتَّى تظن بها علطا
إذا أوقدتْ نارًا بقذف الحصى حكت
وبحر الدُّجى طام سفينًا رمت نقطا
إمامَ الهُدى أَعليْتَ للدِّين مَعْلمًا
وسُمْتَ العدا من بعد رفعتِهمْ حطَّا
وألْقَحْتَهُمْ عُقْمَ المنى عن حيالها
فما ولدت عقمًا ولا نتجت سقطا
وصيرتمُ في عقله سارح العدا
وسرحتمُ الآمالَ من عُقلها نَشْطا
ومن كانَ يشكو سطوة الدَّهر قد غدا
بِعَدْلِكَ لا يُعْدَى عليه ولا يُسطى
ففي كلّ حال تؤثر القسط جاهدًا
على سنن التقوى وتجتنب القسطا
فبُورِكتَ سبطًا جدّه عمر الرضى
وبوركَ من جدٍّ غدوتَ له سبطا
تلوتَ الإِمام العدل يحيى فلم تزلْ
تزيدُ أمورَ الخلق من بعده ضبطا
فزدتم وضوحًا بعده واستقامة
وتوطيةً نهجَ السَّبيل الَّذي وطَّا
وما كانَ أبقى غايةً غير أنَّه
حُبِيتَ بما لم يُحْبَ خلقٌ ولم يُعْطا
إذا دُوَلُ الأَملاك في الفخرِ نُظِّمَتْ
على نَسَقٍ عقدًا فدوْلَتُكَ الوسطى
0 تعليقات