أحبيت وحدك بالجمال المطلق لـ حازم القرطاجني

أَحُبِيتَ وحدكَ بالجمالِ المطلقِ
أم قيلَ إذ قُسِمَ الجمالُ لكَ انتَقِ

فلقدْ جَرَيْتَ من الجمالِ لغايةٍ
أَصبحتَ فيها سابقًا لمْ تُلْحَقِ

ما عُذْرُ مَن لمْ يسلُ ممَّا قد جنتْ
عيناكَ بلْ ما عُذْرُ من لم يَعْشق

أخذَ الهوى عهدًا عليَّ فلم أُطِقْ
نقضًا لما أخذَ الهوى مِنْ موثق

وأَبى سُلوِّي عن محاسنِ أوْجُهٍ
بَهَرَتْ محاسنَ كلّ بدرٍ مُشرق

وبمُهْجَتي منها الَّتي مذْ مُلِّكَتْ
رقَّ القلوبِ لحاظُها لم تُعتق

مظلومةٌ باللّحظ ظالمةٌ به
تشكو وتشكي كلَّ صبٍّ شيّق

عَقدَ الجمالُ وشاحَه منها على
خصرٍ بأَلحاظِ العيون منطّق

وأَدار عقدًا حول عقد الصَّبر في
جيدٍ بحبَّات القلوب مطوّق

وأَجَلْتُ في إثر الشَّباب وإثرها
لمَّا نأَتْ ونأَى لواحظُ مُشفق

وبكيتُ أيَّامَ الشَّباب كما بكى
حسَّنُ أيَّامًا حَسُنَّ بجلّق

ورأَيتُ أَسباب النعيم قد انقضتْ
لمَّا انقضى شرخُ الشَّباب المونق

وإذا الدَّواعي للتنعّم أُحصِيتْ
فجميعُها في رأْي كلّ محقق

أَمْنٌ وعافيةٌ ووصل أَحبَّةٍ
وغِنىً وظلُّ شبيبةٍ لم تَخْلَق

وكمالُ ذاك رضا الإِمام وإنَّه
لأجلُّ منها عند كلِّ موفّق

مَلِكٌ غدتْ أفعاله محمودةً
ممدوحةً في مغربٍ أو مَشْرق

وخليفةٌ خَلَفَ السحابَ بأَنملٍ
قد أَصبحتْ مبسوطة لم تغلق

مستنصرٌ بالله منصورٌ به
طَلْقُ الأَسِرَّةِ في عبوس المأزق

قد خُصَّ إذ حازَ المحامدَ كلّها
باسمٍ لمعنى الوصفِ منه مُصدّق

نجلُ الرضا الهادي المسمَّى باسم من
بالحكم خُصَّ لدى الصبا والمنطق

سِبْطُ الإِمام أبي محمَّدٍ الَّذي
أحيا المنى بسماحهِ المتدفّق

أَعلى أبو حفصٍ معالم مَجْدِهِ
حتَّى ارتقَتْ فوق السِّماك المرتقي

بندى أمير المؤمنين تَبَجَّسَتْ
سُحُبُ المكارمِ والسَّماح المُغْدَق

كم فرَّقتْ من شملِ مالٍ في النَّدى
منه مكارم كالسَّحاب الغَيْدق

ولكم أثارتْ خيلُهُ من عارضٍ
صخبِ الرواعِدِ للأَعادي مُصْعِقِ

وغمامِ نقعٍ بالغماغم مُرْعدٍ
زجلٍ وبالبيض اللَّموامع مبرق

تنعقّ سدفة نقعه عن شُزّبٍ
لحُق الأياطل سابقات لحّق

سَبَتِ العِدا حتَّى غَدوا أيدي سبا
وتمزّقوا في الأرض كلَّ ممزّق

قادَ الكماةَ إلى العُداةِ لبوسُهُمْ
بيضٌ تَرَجْرَجُ فوقهم كالزئبق

من كلِّ أروعَ رائعٍ إقدامُهُ
ومزعزعٍ صَدْرَ الخميس الفيلق

يذكي التقدّم للأعَادي بأسه
كالسقْطِ طار من الزِّناد المحرق

ما يَنْثَنِي ويهاب عِند لقائه
للقِرن إلاَّ أنْ يُهاب فيتَّقي

أَخليفةُ الله الَّذي مذْ حقَّقتْ
أمواله آمالنا لم تُخْفِق

جليْتَ عنَّا ليلَ كلِّ ضلالةٍ
بِهدايةٍ مثل الصَّباحِ المشرقِ

فلِنورَي القَمرينِ نورك ينتمي
وبِعيصَي العمرين عيصك يلتقي

أجرى أُمور الخلقِ عدْلكُمُ على
شَرْعِ الصَّلاح الشَّامل المستوْسق

أذكيتَ من طرف السنان لرعيهم
طَرْفًا به سِنَة الكرى لم تعلق

ما زالَ في حِفظ الرَّعيَّة ساهرًا
ومؤرقًا لينيم كلّ مؤرّق

فإذا تدنَّت منه يومًا غفوةٌ
نادت به علياك حَدِّقْ حَدِّقِ

يهنِ الخلافةَ أنَّا قد شُرِّفَتْ
بأغرَّ في شرف المناسب معرق

زان الخلافة حين زانت جَده
فغدتْ به كالتَّاج فوق المفرق

زادتْ به حسنًا وزادتْ رفْعة
وعُلًا وحلَّتْ بالمحلّ الأوفق

ومتى تُردْ تُعْطِ الأُمور حقوقها
فافهمْ مَراتبَ فَضْلِها وتحقَّقِ

وَزِنِ الأُمور وأَعط كُلاًّ حقّه
واخصصه بالأوْلى به والأَلْيَقِ

بالعقد فوق تليله والتَّاج في
أعلى المفارق والبُرى في الأسؤق

إرسال تعليق

0 تعليقات