يا ظبية العفر الحالي مؤالفه لـ حازم القرطاجني

يا ظبيةَ العَفَر الحالي مُؤالفه
من قَلَّد الحَلْيَ آراما وغزلانا

ويا شقيقةَ بدر التمِّ لو أمِنَتْ
كما أمنتِ بدورُ التم نقصانا

حاشا للحظك أن يُعْزى إلى رشأ
إذا تلفَّت نحو السرب وسنانا

ولابتسامتكِ أن يُعْزى إلى زَهَرٍ
إذا غدا بسقيط الطَلِّ ريَّانا

ثغرٌ تجَوْهَرَ سلسالُ الرُّضابِ به
حتَّى بدا لؤلؤًا رطبًا ومرجانا

ما خلتُ قبلك أن أرنو إلى قَمَرٍ
مقَلدًا أنجُمًا زُهْرًا وشهبانا

سلطانُ حسنِكِ مذ دانتْ بِطاعَتِهِ
قلوبُ أهلِ الهوى لم تنوِ عصيانا

ليت العيونَ الَّتي ترنو فتسحرنا
كانت كما نَحْنُ نهواهنَّ تَهوانا

يا عاذلي في الهوى أقصِرْ فلستُ أُرى
مقصِّرًا في الهوى عن شأو غيلانا

إنا بني الحب لا نصغي إلى عَذَلٌ
ولا نُميل إلى العذَّالِ آذانا

ولم يلج منذ همنا في مسامعنا
عذلٌ ولو ولج الآذان آذانا

فكيف تعذلُ صبًا عُذْرُ عاشِقِه
في وجهه اليوسفيِّ الحسنِ قد بانا

ظبيٌ غدا يرتعي حبَّ القلوب ولا
يرعى عرارًا بموماةٍ وظيانا

لا بل مهاةُ صُوار ليس يُعجبها
إلا توسُّدَ قلب كان حرّانا

لها لحاظ إذا ترضى وإن غضِبَت
تحيى وتقتل أحيانًا وأحيانا

لا يبعد اللّه أيّاما مواصلةً
بوصلها قد قطعناها وأزمانا

كم لي بها من عهود ما حنَنتُ لها
إلا استهلّت عيون العين تهتانا

ولا كسالف عهد كلما سنحت
ذكراه زادت إلى الأشجان أشجانا

لمّا التقينا وقد خفنا مكايدة
من الرقيب الذي قد ظل يرعانا

ظلّلت تناجى بكسر اللحظ أنفسنا
والعين تعرب عن أسرار نجوانا

وفي خلال تلاقينا وموقفنا
وقربنا وتناجينا وشكوانا

سألتها موعدًا للوصل مقتربًا
فبشّرتني بأنّ الوقت قد آنا

وأعلمتني بأنَّ اللَّيلَ موعدُنا
فظاتُ مرتقبًا ميقاتَ لُقيانا

حتَّى إذا الليلُ أخفى الشخصَ غيهَبُهُ
فلم يكن يُصْبِرُ الإنسانُ إنسانا

وافيتُ منزلها والنجمُ يرمقني
حتَّى لكدتُ أظنَّ النجمَ غيرانا

فبتُّ مجتليًا للبدرِ مجتنيًا
من روضة الحسن تفاحًا ورمانا

حتَّى إذا الصبحُ أنبانا بطلعته
بَرْدُ السوارِ فأذكى القلب نيرانا

مالتْ تودعني والدمعُ يغلبها
على الكلامِ فلا تستطيع تبيانا

أدنى التعانقُ شخصينا وضمَّهما
لفَّ النواعِم بالأغصانِ أغصانا

فيا لها ليلةً ما كانَ أقصرَها
وقتًا وأفسحَها في الحُسْنِ مَيْدانا

ما ألحبت أوجهُ الآفاقِ غيبتها
حتَّى تعيت فيها الصبح عريانا

يا مُسْهدًا لي بطرفٍ منه ذي وَسَنٍ
ومسكرًا لي بلحظٍ منه سكرانا

إن كان لحظك لا ينفك منتشيًا
فإنّني منه لا أنفك نشوانا

وإن تكن أَنْتَ في خفض وفي دعةٍ
وفي نعيمٍ فكم أسهرتَ أجفانا

يا قاسيَ القلب لَيْنَ العِطْفِ ليتك لم
تقرنْ لما قد قسا منك الَّذي لانا

كن كيف شئتَ وصالًا أو مقاطعة
فلستُ عنك أُطيقُ الدهرَ سُلوانا

إرسال تعليق

0 تعليقات