تأن ابن حرب لست في مثلها جلدا (غزوة السويق) لـ أحمد محرم

تأنَّ ابنَ حربٍ لستَ في مثلها جَلْدا
قصاراك أن ترتدَّ حرّانَ أو تَرْدَى

هي الغارةُ الحَرّى فإن شِئتَ فانطلِقْ
وإن شئت فاقعدْ واتّخذْ مضجعًا بَرْدا

جلا السيفُ في بدرٍ لعينك ما جلا
وأبدى لك النَصْرُ المؤزَّرُ ما أبدى

حلفت لئن لم تأتِ طِيبةَ غازيًا
لَتجتنبَنَّ الطيبَ والخُرَّدَ المُلْدا

أتغزو رسولَ الله أن هدَّ بأسُه
من الكفر سدًّا ما رأى مثله سدّا؟

كذلك وعدُ اللهِ لو كنت مؤمنًا
لأيقنت أن اللهَ لا يُخلف الوعدا

جَرى طيركُم نحسًا ببدرٍ ولن تروا
لكم ما عبدتم غيره طائرًا سعدا

أمضَّك وَجدٌ مُتلِفٌ من مُحمدٍ
ولستَ أبا سُفيانَ إن لم تَزِدْ وجدا

رُويدًا هداك الله إنّك لن ترى
له في الوغى إن هجتَه للوغى نِدّا

أراك غررت القومَ إذ رحت مُوجفًا
تُخادعهم عن حلفةٍ لم تكن جِدّا

ذهبتَ تقودُ الجندَ يا لك قائدًا
ويا للألى سِيقوا إلى يثربٍ جُندا

تُحاول نصرًا من حُيَيِّ بن أخطبٍ
وصاحبهِ هيهات زِدتَ المدى بعدا

رُددت عن البابِ الذي جئت طارقًا
فيا لك سهمًا ما ملكت له ردّا

وما نِلتَ خيرًا إذ أتيت ابن مشكمٍ
وكنت امرأ أعمى الهوى لا يرى رشدا

بعثت على النخل الرجالَ فلم تَدَعْ
لنفسك عزًّا تبتغيه ولا مجدا

شببت بهم نارًا تَراءى لهيبُها
بعينك يُبكي الضال أو يضحكُ الرندا

فوارسُ راحوا خفية في سيوفهم
فما وجدوا سيفًا ولا صادفوا غمدا

يُصيبونها شتّى الجَنى وكأنما
يُصيبون من أعدائهم معشرًا لُدّا

تولَّوا سراعًا بعد مقتل معبدٍ
وصاحبهِ والخيلُ تتبعهم جُردا

عليها من الغُرِّ الميامين فتيةٌ
تُبادر وِردَ الموتِ تلتمس الخلدا

دعاها الرسولُ المجتبى فكأنما
دعا عاصفًا صعبًا يعدُّ القوى هدّا

مضى ومضوا إثر السراحين ترتمي
إلى شيخها مذعورةٌ تتقي الأسدا

فلما رأى الجدَّ استطار ولم يجد
من الأرض يَهوِي في مساربها بُدّا

يصيح بجند السوء ألقوا بزادكم
وفروا خفافًا لا يكن أمركم إدّا

وطاروا شَعاعًا للسَّويقِ وراءهم
رُكامٌ إلى أعداءِ أربابهم يُهدي

هُمُ رفدوهم كارهين ولو وفوا
بأيمانهم كانوا لأسيافهم رِفدا

إليك ابنَ حربٍ إنّ للحربِ جذوةً
إذا هيّجتْ ذا نجدة زادها وَقدا

هي النصرُ أو عادٍ من الموت واقعٌ
بكل كمِيٍّ لا مفرَّ ولا معدى

فررتَ تخاف الفقد في حَوْمَةِ الوغى
بأيدي الألى يستعذبون بها الفقدا

أفي الحق أن لا تعبدَ الله وحدَه
وتسجدَ للعُزَّى تكونُ لها عبدا؟

سبيلان شتّى أنت لا بد عالمٌ
إذا ما استنبتَ الرشد أيهما أهدى

رجعتَ مغيظًا لم تنلْ وِتْرَ هالكٍ
ولم تشفِ غيظًا من ذويك ولا حقدا

تصُدُّ قريشٌ عنك مما كذَبْتَها
ومنيّتها يا طولَ همّك لو أجدى

قُلِ الحقَّ ما للعالمين سكينةٌ
على الأرضِ حتى يَعبدُوا الواحدَ الفردا

إرسال تعليق

0 تعليقات