مرثية لاعب سيرك لـ أحمد عبد المعطي حجازي

في العالم المملوءِ أخطاءَ
مطالبٌ وحدكَ ألا تخطِئا
لأن جسمكَ النحيل
لو مَرة أسرعَ أو أبطأَ
هوي، وغطي الأرضَ أشلاءَ
في أيِّ ليلةٍ تري يقبع ذلك الخطأ
في هذه الليلة! أو في غيرها من الليال
حين يغيض في مصابيح المكان نورها وتنطفيء
ويسحب الناس صياحَهم
علي مقدمِك المفروش أضواءَ
حين تلوح مثلَ فارس يجيل الطرفَ في مدينته
مودعا. يطلب وجد الناسِ، في صمت نبيل
ثم تسير نحو أوٌلِ الحبال ِ
مستقيمًا مؤمِئا
وهم يدقون علي إيقاع خطوِك الطبول
ويملأون الملعبَ الواسعَ ضوضاءَ
ثم يقولون: ابتديء
في أي ليلةٍ تري يقبع ذلك الخطأ
حين يصير الجسم نهبَ الخوفِ والمغامرة
وتصبح الأقدام والأذرع أحياءَ
تمتد وحدها
وتستعيد من قاع المنون نفسَهَا
كأنَّ حيّاتِ تلوت
قططا توحَّشت، سوداءَ بيضاءَ
تعاركت وافترقت علي محيطِ الدائرة
وأنت تبدي فنَّك المرعبَ آلاءَ وآلاءَ
تستوقف الناس َ أمامَ اللحظة المدمرة
وأنت في منازل الموت تَلجّ عابثا مجترئا
وأنت تفلت الحبالَ للحيال
تركتَ ملجأ، وما أدركتَ بعد ملجأَ
فيجمد الرعب علي الوجوه لذة، وإشفاقا وإصغاءَ
حتي تعود مستقرا هادئا
ترفع كفيك علي رأس الملأ
في أي ليلة تري يقبع ذلك الخطأ
ممددا تحتك في الظلمةِ
يجترٌ انتظارَه الثقيل
كأنه الوحش الخرافي الذي ما روضت كفّ بشر
فهو جميل
كأنَه الطاووسُ
جذابٌ كأفعي
ورشيقٌ كالنِمر
وهو جليل
كالأسد الهاديء ساعةَ الخطر
وهو مخاتل، فيبدو نائما
بينا يعدّ نفسه لوثبة مستعرة
وهو خفيّ لا يري
لكنه تحتك يعلك الحجر
منتظرا سقطتكَ المنتظرة
في لحظةٍ تغفل فيها عن حساب الخطوِِ
أو تفقد فيها حكمةَ المبادرة
إذ تعرض الذكري
تغطي عريَها المفاجئا
وحيدة معتذرة
أو يقف الزهو علي رأسكَ طيرًا
شاربًا ممتلئا
منتشيا بالصمتِ، مذهولا عن الأرجوحةِ المنحدرة
حين تدور الدائرة
تنبض تحتك الحبال مثلما أنبض َ رامي وترَه
تنغرس الصرخة في الليل ِ
كما طوح لصّ خنجره
حين تدور الدائرة
يرتبك الضوء علي الجسمِ المهيضِ المرتطم
علي الذراع المتهدل الكسيرِ والقدم
وتبتسم
كأنَّما عرفتَ أشياء ً
وصدقتَ النبأ

إرسال تعليق

0 تعليقات