أيعلم ما يلقى من الشوق لائمه لـ حازم القرطاجني

أيعلمُ ما يلقى من الشوقِ لائمهْ
إذا ما شَجَتْهُ من حبيبٍ معالمهْ

وكيف وما سالٍ بحالٍ كواجدٍ
وهل يستوي خِلوُ الفؤاد وهائمه

يبيتُ إذا ما البرقُ أبرقَ جَفنُهُ
بليلِ سليمٍ ساورتْهُ أراقمه

وما البرقُ أنهى لي هوىً غير أنَّ بي
هوى ربربٍ تحكي البروقَ مباسِمه

طوتهنَّ أحداجُ الحمولِ كما طوى
على سرِّ من يهوى الجوانحَ كاتمه

مررنَ بنا الدمعُ يسفحُ وَبْلُهُ
عليها الأسى والطلُّ ينهلُّ ساجمه

تتابعُ من خيطِ الظلام فواصلًا
كلؤلؤِ عِقْدٍ أسْلمَتْهُ نواظمه

يَجُزْنَ بروضٍ قد تَحمّلنَ مثله
ولكنَّ أنفاسَ العذارى مواسمه

إذا المُلدُ من قُضْبِ القدودِ به انثنت
تغنّت من الحَلي المزنِّ حمائمه

قَرِرْنَ فلم يشعرنَ حرَّ تنفُّسي
وقد يُذبِلُ الوردَ النضيرَ سمائمه

فأمسكتُ أنفاسي وراسلتُ أدمعي
فأبصرتُ زهرًا تنتحيه غمائمه

حبيبٌ إذا نَمّتْ على طيفِهِ الصَّبا
بمسراهُ خلتَ المسكَ فُضّتْ لطائمه

فكم بات منه مدنيًا لي على النوى
خيالٌ على الأكوار بتُّ أُنادمه

ألمَّ وجنح اللَّيل يضفو جناحُهُ
عليه وولَّى حين قُصَّتْ قوادمه

وأشعَرهُ أنَّ الثريا تساقطتْ
خواتِمُها لما بردن خواتمه

لَحا الله مَن إن فاتهُ وصلُ خُلَّةٍ
أُبينَتْ عليها سنُّهُ وأباهمه

ولا درَّ إلاَّ درُّ مَن بات عَزمُه
تضيقُ بضيقٍ للفضاءِ حيازمه

وجوز فلاةٍ جُبْتُهُ كلَّما بدا
لنا منه نجدٌ أردفته تهائمه

يصدِّقُ فيه المرء قولَ مزاحمٍ
إذا ما غدا بالعيس وهو مزاحمه

وبحر دجىً لا يبصر العبر عائمه
وليس بمعبور على الفلك دائمه

قطعتُ بعيسٍ كالسفائن لم يَزَلْ
يُلاطمها من موجه ما تلاطمه

إلى خيرِ بحرٍ ما تَناهى سيوبُهُ
وأكرمِ غيثٍ لا تُغِبُّ سواجمه

إلى ملكٍ تحيي المنى نفحاته
وتردي العدا هبَّاتُهُ وعزائمه

أميرُ الهدى نجلُ الهُداة الَّذي به
غدا الدينُ مُرْساةً طوالًا دعائمه

سلالةُ عبد الواحد الأوحدِ الَّذي
أبرَّت على غرِّ الغوادي مكارمه

سليلُ أبي حفصٍ سراجِ الهدى الَّذي
به ظُلمُ الأرض انجلتْ ومظالمه

هُمامٌ إذا ما الخطبُ أعضلَ داءهُ
غدا بالحسامِ المُنْتَضَى وهو حاسمه

له يومُ بأسٍ مشرقُ الجو مظلم
ويومُ سماحٍ مشمسُ الأفقِ غائمه

تبيتُ تناغي خيلُه بصهيلها
صريرَ العوالي فوقها وتُناغِمه

وتقرأُ في هام العدا أسطرَ الرَّدى
ظُباهُ وفي طيِّ الضلوع لهاذِمُه

ويجهدُ في رعي الرعايا جفونَه
سُهادًا وكلٌّ نائمُ الجفنِ ناعمه

فما واصَلت نومًا غِرارًا جفونه
ولا بَرِحَتْ منه الجفونُ تصارمه

يُزيرُ الأعادي كلَّ جيش أمامه
إذا سار نصرُ الله والفتحُ قادمه

وجردًا أثارتها العزائمُ فانْبرت
كخيطِ نعامٍ قد أُثيرت جَواثِمه

ترى كل معقودٍ أعالي عِذاره
بمستشرفِ الهادي أسيلٍ ملاطمه

يصيدُ النعامَ الرُّوح في صَدْرِ مَجْفَلٍ
يصدُّ الرياحَ الهوجَ حين تصادمه

فمهما تحط يومًا به فهي وُشْحُهُ
ومهما تطارده فهنَّأداهِمه

يسيّره في ظلمةٍ من عجاجةٍ
ولو لم تطأْ إلاَّ الصِّلادَ صلادمه

دجى رَهَجٍ أُذْنُ الجوادِ دليلُهُ
بها ودليل السيِّد فيها خياشمه

ويا رب مغترٍ بما زوّرَتْ له
أمانيه مُسْتَهوىً بما هو حالمه

لبسنَ إليه القاتماتِ ودونَهُ
من الأرض بَرٌّ أغبرُ الجو قاتمه

فما راعه إلاَّ وجيشكَ مالئ
عليه الملا عِقبانُه وضراغمه

فَعَزَّتْهُ أسيافٌ قواصلُ أوشكت
بموقعها تجني عليه قواصمه

ولو لم تطهّرْ نفسُهُ في مَتابها
مآثمَهُ قامت عليه مآتمه

إذا ما قبيلٌ لم تُطِعْهُ قلوبُهُ
أطاعتْ فلم تعصِ السُّيوفَ جماجمه

ولو لم تَذُدْ بالسيفِ عن حَرَم الهدى
أُبيح حماهُ واستبيحتْ محارمه

فأنت الَّذي يحيي الهدايَة أمرُهُ
ويصرمُ أعمارَ الضّلالة صارمه

وتروي ظباه كلَّ هامةِ منزلٍ
من الثغر تستقي السُّيوفَ طواسمه

وتحنو على تلك الربوعِ كما حنت
على مربع أطياره ورَوائِمه

إلى مثل هذا اليوم سرتَ لياليًا
كما اسودَّ من لون الشبيبة فاحمه

وشهبًا من الأيام واصلتها بها
كما ابيض من لون الكبير مقادمه

فخضتَ سرابًا يغرق النور لجّه
وجُبتُ سجيرًا يحرق الهُدْبَ جاحمه

بعيسٍ إذا ما الآل عَبَّ فلم تعم
بلجته الأنسامُ فهي عوائمه

يردنَ مياهَ الفجر غير سواهمٍ
وما هنَّ في روض الظلام سوائمه

وتُعْرِضُ عن شَيْمِ البروق فأن بدا
لها بارقٌ منكم فهنَّ شوائمه

تُقِلُّ ثناءً يبهر البحرَ سجْره
ودرًّا له يستقصرُ الدرَّ ناظمه

ويحملن للأمواجِ روضًا تفتحتْ
بِنَوْرٍ من المعنى البديع كمائمه

نواسم حمدٍ لن تجيء بمثلها
عليَّ بني حمدان يومًا عواصمه

فدام لكم دَرُّ الفتوح ودُرُّها
على سلككم أيدي الليالي نواظمه

ولا زال مُلكٌ أَنْتَ طالعُ سعدِه
عن اليُمْنِ والإقبالِ يَفْتَرُّ باسمه

إرسال تعليق

0 تعليقات