حيتّك باسمةً ثغورُ الزنبقِ
مُفَْتَرَّةً عن طيِّبٍ متألَقِ
ضمّتْ براعُمها شِفَاهَ مقبِّلٍ
وحنتْ عليك حنوَّ صبٍّ شيّقِ
وكأَنها في الماء خَوْدٌ شَمَّرتْ
عن ساقِها عند الورودِ لتستقي
وكأنها استحيتْ فغضَّتْ طرفَها
وتطأْمنتْ خَفَرًا برأْسٍ مطرق
نَهِلتْ أَفاويقَ الندى زهراتُها
فتفتَّحتْ كالشاربِ المتمطق
لم تقوَ صغراها عَلى برْدِ الندى
أَفما تراها ذاتَ ثغرٍ أَزرق
وترى عناقيدَ البراعمِ تنضوي
متلازماتٍ في عناقٍ ضيِّق
من طيِّبِ الأَنفاسِ والأَردانِ ذي
جفْنٍ عَلَى حلمِ التعانقِ مطبق
عذراءُ تستهوي العيونَ بطلْعةٍ
وضَّاءَةٍ بيضاءَ كالعرْضِ النقي
تختالُ من زهوِ الصبا في ميْعةٍ
ومن الشبابِ وَحسنِه في ريّق
فكأنها ببياضِها وسنائها
برزتْ إليك من الضحى في روْنقِ
وتسربلتْ بغلالةٍ وبِرَبْطَةٍ
من سندسٍ خضرٍ ومن استبرق
خفّاقة الإقراطِ زهراء الحلى
معقودة الإكليلِ فوقَ المفرق
ما أقبلتْ إلاّ بثغرٍ باسم
وبمقلةٍ وَسنى ووجهٍ مشرق
وكأنها سكرى تمايَلَ عنقُها
ورنتْ بجفْنٍ بالنعاسِ مرنَّق
مرَّ النسيمُ عَلَى الندى بجفونِها
فترجرجتْ قطراتُه كالزئبق
إني ليشجيني الندى متعلقًا
بجفونها كالمدمعِ المترقرق
تُغني بريَّاها وطيبِ شميمِها
عن بابليٍّ بالدّنانِ معتّق
أَنفاسُها تُحيي النفوسَ وريحُها
روحٌ تشيع بسائفٍ متنشِّق
هيفاءُ إِن رفّتْ أَعاليها بَدَتْ
في الحوْضِ شروى رايةٍ في زورق
ما شئت في زهراتِها من كوكبٍ
متألق بشعاعِه متمنطق
كم زهرةٍ رفّتْ فخلت فراشةً
بيضاءَ رفَّ جناحُها بترفق
أَطباقُها مثل الأناملِ شُبّكتْ
في كل كمٍّ تلتقي في مأْزق
أو كالجفون طويلةٌ أهدابها
من ناعسِ ومغمّضٍ ومحدق
أو لؤلؤ رطب تشظّى حولَه
صدفٌ أنافَ عَلَى بياضِ المُهْرَقِ
إنَّ الذي خَلَقَ الأزاهرَ خصَّها
بقضيبها وبناجِها (والبيرق)
الحورُ في جنات عَدْنٍ تجتلى
والبيضُ تُجلى في خمائلِ (جِلّق)
0 تعليقات