للشمس إذ هجعت أضغاث أحلام لـ خليل مردم بك

للشمسِ إذْ هَجَعَتْ أضغاثُ أحلامِ
أما ترى الأُفْقَ أمسى لوحَ رسّامِ

مالتْ إلى الغربِ تتلوها مشيعةً
مواكبٌ ناشرات حمرَ أعلام

انظرْ إلى الأُفُقِ الغربيِّ تَلْفَ به
جنانَ عبقر فوقَ الأخضرِ الطامي

خمائلٌ أنْبَتَتْ من كلِّ زاهرةٍ
بجودها النورُ مثل العارضِ الهامي

نهرٌ من النورِ هاجتْ في جوانبه
رياضُ وردٍ ومنثور ونمّام

تريك فوضى من الألوان مائجةً
عَلَى قوارب من ضوءٍ وإِظلام

من أزرق قاتمٍ أو أخضر شرق
أو أَصفر فاقعٍ أو أحمر دامي

ظلالُها في حواشي الأُفْقِ ناضلةٌ
كما تراءتْ ظلالُ الراحِ من جام

ما ينقضي عجبي من منظرٍ عجب
عَلَى خضمٍّ من الألوانِ عوّام

فالأفْقُ مثل ستارِ (السينماءِ) وما
عليه من صورٍ أشباحُ (أفلام)

بحرٌ يمور وبركانٌ يثور به
لعارضٍ من شعاع الشمسِ سجّام

وصورة من نعيمِ الخلدِ بادية
في الجوِّ ما بَيْنَ إيضاحٍ وإيهام

لله كم من تهاويلٍ ومن صور
ثيابُها ذات أَلوانٍ وأَرقام

لا تستقرُّ عَلى حال مظاهرُها
تقمص الروحِ جسمًا بعد أجسام

تخالها وهي في نقصٍ وتكملةٍ
تعاوَرتها يدا بانٍ وهدّام

عجلى ولكنَّها حيرى تردد في
كرٍّ وَفرّ وَإقدام وإحجام

ليست تجهَّمُ إلاّ ريث تسفر عن
طلق المحيّا ضحوك السن بسّام

فلم أَزلْ شاخصًا حتى طغى بصري
وزاغ ما بين إيماضٍ وإِعتام

وَجّهتُ وَجهيَ شَطْرَ الشرقِ مرتعشًا
فشمتُ زينةَ كسرى ليلةَ (الرام)

الليلُ يزحفُ حَبْوًا في مشاعله
كأَنما هو جيشٌ من بني حام

كالبحرِ في مدِّه ما منه معتصمٌ
وَلا ينهنه عن زحفٍ وَإقدام

في كلِّ برجٍ فريقٌ من كواكبه
وَكل قطر شهابٌ راصدٌ رام

حكى (النجاشيَّ) مختالًا يسير على
بساط (كسرى) إلى كرسيِّ (بهرام)

وَللمجرَّةِ روضٌ ممرعٌ أبدًا
نجومُه زهراتٌ ذات أكمام

يا ساجيَ الليلِ كم هيَّجتَ لي شجنًا
وَكم بعثتَ خيالاتي وأوهامي

بلغتَ بالصمتِ ما يعيا البيانُ به
كم في سكونِك من وَحيٍ وَإلهام

أفدي سوادَكَ بالسوداءِ حين جلا
عرائسَ الشعرِ مرحى ذات أنغام

لي بينهنَّ وَراء الليلِ ساحرةٌ
لا يستفيق بها وَجدي وَتهيامي

ذهلتُ عما سواها فهي ماثلةٌ
أنّى اتجهت أمام العينِ قدّامي

هوى لذيذٌ عَلى ما فيه من أَلمٍ
والحبُّ مبعثُ لذاتٍ وآلام

لولا مشاهدُ سحرٍ تستفزُّ لما
مجَّتْ دمَ القلبِ فوقَ الطرسِ أقلامي

إرسال تعليق

0 تعليقات