هل عهدنا الشمس تعتاد الكلل لـ ابن زيدون

هَل عَهِدنا الشَمسَ تَعتادُ الكِلَل
أَم شَهِدنا البَدرَ يَجتابُ الحُلَل

أَم قَضيبُ البانِ يَعنيهِ الهَوى
أَم غَزالُ القَفرِ يُصبيهِ الغَزَل

خَرَقَ العاداتِ مُبدي صورَةٍ
حَشَدَ الحُسنُ عَلَيها فَاحتَفَل

مُشرَبُ الصَفحَةِ مِن ماءِ الصِبا
مُشبَعُ الوَجنَةِ مِن صِبغِ الخَجَل

مَن عَذيري مِنهُ إِن أَغبَبتُهُ
نَسِيَ العَهدَ وَإِن عاوَدتُ مَلّ

قاتِلٌ لي بِالتَجَنّي ما لَهُ
لَيتَ شِعري أَحَلالٌ ما اِستَحَلّ

أَيُّها المُختالُ في زينَتِهِ
أَنتَ أَولى الناسِ بِالخالِ فَخَل

لَكَ إِن أَدلَلتَ عُذرٌ واضِحٌ
كُلُّ مَن ساعَفَهُ الحُسنُ أَدَلّ

سَبَبُ السُقمِ الَّذي بَرَّحَ بي
صِحَّةٌ كَالسُقمِ في تِلكَ المُقَل

إِنَّ مَن أَضحى أَباهُ جَهورٌ
قالَتِ الآمالُ عَنهُ فَفَعَل

مَلِكٌ لَذَّ جَنى العَيشِ بِهِ
حَيثُ وِردُ الأَمنِ لِلصادي عَلَل

أَحسَنَ المُحسِنُ مِنّا فَجَزى
مِثلَما لَجَّ مُسيءٌ فَاحتَمَل

سَعيُهُ في كُلِّ بِرٍّ مَثَلٌ
إِذ مَساعي مَن يُناويهِ مُثُل

لا يَزَل مِن حاسِديهِ مُكثِرٌ
أَو مُقِلٌّ سَبَقَ السَيفُ العَذَل

يا بَني جَهورٍ الدُنيا بِكُم
حَلِيَت أَيّامُها بَعدَ العَطَل

إِنَّما دَولَتُكُم واسِطَةٌ
أَهدَتِ الحُسنَ إِلى عِقدِ الدُوَل

نَحنُ مِن نَعمائِكُم في زَهرَةٍ
جَدَّدَت عَهدَ الرَبيعِ المُقتَبَل

طابَ كانونٌ لَنا أَثناءَها
فَكَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت بِالحَمَل

زَهَرَت أَخلاقُكُم فَابتَسَمَت
كَاِبتِسامِ الوَردِ عَن لُؤلُؤِ طَلّ

أَيُّها البَحرُ الَّذي مَهما تَفِض
بِالنَدى يُمناهُ فَالبَحرُ وَشَل

مَن لَنا فيكَ بِعَيبٍ واحِدٍ
تُحذَرُ العَينُ إِذا الفَضلُ كَمُل

شَرَفٌ تَغنى عَنِ المَدحِ بِهِ
مِثلَما يَغنى عَنِ الكُحلِ الكَحَل

أَنا غَرسٌ في ثَرى العَلياءِ لَو
أَبطَأَت سُقياكَ عَنهُ لَذَبُل

لِيَ ذِكرٌ بِالَّذي أَسدَيتَهُ
نابِهٌ وَدَّ حَسودٌ لَو خَمَل

فَليَمُت بِالداءِ مِن حالِ فَتىً
أَدَّبَتهُ سِيَرُ الناسِ الأُوَل

فَوَعى الحِكمَةَ عَن قائِلِهِم
اِلزَمِ الصِحَّةَ يَلزَمكَ العَمَل

أَقبَلَت نُعماكَ تُهدي نَفسَها
لَم أُرِغ حَظِّيَ مِنها بِالحِيَل

فَقَبِلتُ اليَدَ مِن بَطنِ يَدٍ
ظَهرُها الدَهرَ مَحَلٌّ لِلقُبَل

كُلُّنا بُلِّغَ ما أَمَّلَهُ
فَابلُغِ الغايَةَ مِن كُلِّ أَمَل

وَإِذا ما رامَكَ الدَهرُ فَفُت
وَإِذا رُمتَ الأَمانِيَّ فَنَل

إرسال تعليق

0 تعليقات