لبيض الطلى ولسود اللمم لـ ابن زيدون

لِبيضِ الطُلى وَلِسودِ اللِمَم
بِعَقلِيَ مُذ بِنَّ عَنّي لَمَم

فَفي ناظِري عَن رَشادٍ عَمىً
وَفي أُذُني عَن مَلامٍ صَمَم

قَضَت بِشِماسي عَلى العاذِلينَ
شُموسٌ مُكَلَّلَةٌ بِالظُلَم

فَما سَقِمَت لَحَظاتُ العُيو
نِ إِلّا لِتُغرِيَني بِالسَقَم

يَلومُ الخَلِيُّ عَلى أَن أُجَنَّ
وَقَد مَزَجَ الشَوقُ دَمعي بدَم

وَما ذو التَذَكُّرِ مِمَّن يُلامُ
وَلا كَرَمُ العَهدِ مِمّا يُذَم

وَإِنّي أَراحُ إِذا ما الجَنو
بُ راحَت بِرِيّا جَنوبِ العَلَم

وَأَصبو لِعِرفانِ عَرفِ الصَبا
وَأُهدي السَلامَ إِلى ذي سَلَم

وَمِن طَرَبٍ عادَ نَحوَ البُرو
قِ أَجهَشتُ لِلبَرقِ حينَ اِبتَسَم

أَما وَزَمانٍ مَضى عَهدُهُ
حَميدًا لَقَد جارَ لَمّا حَكَم

قَضى بِالصَبابَةِ ثُمَّ اِنقَضى
وَما اِتَّصَلَ الأُنسُ حَتّى اِنصَرَم

لَيالي نامَت عَيونُ الوُشا
ةِ عَنّا وَعَينُ الرِضى لَم تَنَم

وَمالَت عَلَينا غُصونُ الهَوى
فَأَجنَت ثِمارَ المُنى مِن أَمَم

وَأَيّامُنا مُذهَباتِ البُرودِ
رِقاقُ الحَواشي صَوافي الأَدَم

كَأَنَّ أَبا بَكرٍ الأَسلَمِيَّ
أَجرى عَلَيها فِرَندَ الكَرَم

وَوَشَّحَ زَهرَةَ ذاكَ الزَمانِ
بِما حازَ مِن زُهرِ تِلكَ الشِيَم

هُوَ الحاجِبُ المُعتَلي لِلعُلا
شَماريخَ كُلِّ مُنيفٍ أَشَم

مَليكٌ إِذا سابَقَتهُ المُلوكُ
حَوى الخَصلَ أَو ساهَمَتهُ سَهَم

فَأَطوَلُهُم بِالأَيادي يَدًا
وَأَثبَتُهُم في المَعالي قَدَم

وَأَروَعُ لامُعتَفي رِفدِهِ
يَخيبُ وَلا جارُهُ يُهتَضَم

ذَلولُ الدَماثَةِ صَعبُ الإِباء
ثَقيفُ العَزيمِ إِذا ما اِعتَزَم

سَما لِلمَجِرِّةِ في أُفقِها
فَجَرَّ عَلَيها ذُيولَ الهِمَم

وَناصَت مَساعيهِ زُهرَ النُجومِ
وَبارَت عَطاياهُ وُطفَ الدِيَم

نَهيكٌ إِذا جَنَّ لَيلُ العَجاجِ
سَرى مِنهُ في جُنحِهِ بَدرُ تِمّ

فَشامَ السُيوفَ بِهامِ الكُماةِ
وَرَوّى القَنا في نُحورِ البُهَم

جَوادٌ ذَراهُ مَطافُ العُفاةِ
وَيُمناهُ رُكنُ النَدى المُستَلَم

يَهيجُ النِزالُ بِهِ وَالسُؤا
لُ لَيثًا هَصورًا وَبَحرًا خِضَمّ

شَهِدنا لَأوتِيَ فَصلَ الخِطابِ
وَخُصَّ بِفَضلِ النُهى وَالحِكَم

وَهَل فاتَ شَيءٌ مِنَ المَكرُماتِ
جَرى السَيفُ يَطلُبُهُ وَالقَلَم

وَمُستَحمَدٍ بِكَريمِ الفِعا
لِ عَفُوًّا إِذا ما اللَئيمُ اِستَذَم

شَمائِلُ تُهجَرُ عَنها الشَمولُ
وَتُجفى لَها مُشجِياتُ النَغَم

عَلى الرَوضِ مِنها رُواءٌ يَروقُ
وَفي المِسكِ طيبُ أَريجٍ يُشَمّ

أَبوهُ الَّذي فَلَّ غَربَ الضَلالِ
وَلاءَمَ شَعبَ الهُدى فَاِلتَأَم

وَلاذَ بِهِ الدينُ مُستَعصِمًا
بِذِمَّةِ أَبلَجَ وافي الذِمَم

وَجاهَدَ في اللَهِ حَقَّ الجِها
دِ مَن دانَ مِن دونِهِ بِالصَنَم

فَلا سامِيَ الطَرفِ إِلّا أَذَلُّ
وَلا شامِخَ الأَنفِ إِلّا رَغَم

تَقَيَّلَ في العِزِّ مِن حِميَرٍ
مَقاوِلَ عَزّوا جَميعَ الأُمَم

هُمُ نَعَشوا المُلكَ حَتّى اِستَقَلَّ
وَهُم أَظلَموا الخَطبَ حَتّى اِظّلَم

نُجومُ هُدىً وَالمَعالي بُروجٌ
وَأُسدُ وَغىً وَالعَوالي أَجَم

أَبا بَكرٍ اِسلَم عَلى الحادِثاتِ
وَلا زِلتَ مِن رَيبِها في حَرَم

أُناديكَ عَن مِقَةٍ عَهدُها
كَما وَشَتِ الرَوضَ أَيدي الرِهَم

وَإِن يَعدُني عَنكَ شَحطُ النَوى
فَحَظّي أَخَسَّ وَنَفسي ظَلَم

وَإِنّي لَأُصفيكَ مَحضَ الهَوى
وَأُخفي لِبُعدِكَ بَرحَ الأَلَم

وَغَيرُكَ أَخفَرَ عَهدَ الذِمامِ
إِذا حُسنُ ظَنّي عَلَيهِ أَذَمّ

وَمُستَشفِعٍ بِيَ بَشَّرتَهُ
عَلى ثِقَةٍ بِالنَجاحِ الأَتَمّ

وَقِدمًا أَقَلتَ المُسيءَ العِثارَ
وَأَحسَنتَ بِالصَفحِ عَمّا اِجتَرَم

وَعِندي لِشُكرِكَ نَظمُ العُقودِ
تَناسَقُ فيها اللَآلي التُؤَم

تُجِدُّ لِفَخرِكَ بُردَ الشَبابِ
إِذا لَبِسَ الدَهرُ بُرَدَ الهَرَم

فَعِش مُعصَمًا بِيَفاعِ السُعودِ
وَدُم ناعِمًا في ظِلالِ النِعَم

وَلا يَزَلِ الدَهرُ أَيّامُهُ
لَكُم حَشَمٌ وَاللَيالي خَدَم

إرسال تعليق

0 تعليقات