أَزكى سَليلٍ زارَ أَكرمَ وَالدِ
أَكْرِمْ بمَوْرودٍ عليه وَوارد
قَمَرانِ في أُفقِ العلا ما منهما
عند التَّقارن غيرُ نامٌ زائِدِ
فَغَدَتْ لِعِزّهما النجوم سَواجِدًا
فوقَ الثَّرى مع كلِّ نجمٍ ساجدِ
لله يوْمٌ أَقْدَمَتْهُ سُعودُه
نَعِمَ الورى منهُ بِعيدٍ عَائِدِ
نَاهِيكَ مِنْ يوْمٍ كريمٍ حاشرٍ
أَنْمى الورى من كلِّ أَوْبٍ حاشد
لو أنَّ غسَّانًا رأته أنسِيَتْ
يومَ السَّباسب في الزَّمان البائِدِ
وعُهُودَ جلّق إذ تُحيِّيهم بها
وَسْطَ القصورِ الحُمْرِ بيضُ ولائِدِ
غنَّى الغَمامُ بسيله فترَنَّمتْ
من خُضرِ أسمية وزُرْقِ موارد
بارَى وليَّ العهدِ عهدُ وليّه
وغدا له كالزائرِ المتعاهد
وكسا الأَباطح والربى ما زانها
من كلِّ نَوْرٍ تَوْأم أو فَارد
خافوا على لُجُمِ الجيادِ تقطعًا
منها بزُرْقِ مواردٍ كمبارد
وخشوا على ما أُنْعِلَتْهُ توقُّدًا
من كلِّ نور للنواظر واقد
عجبًا أيُخشَى لَفحُ مخضرٍّ ندٍ
أو أنْ يؤثِّرَ ذائبٌ في جامد
فُقِدتْ بخُضْر خَمَائل ولقد تُرى
قبلَ الحيا الوسميِّ غيرَ فواقد
ما أن يملَّ الرَّائحُ الغادي لها
من لؤلؤ الأَنْداءِ صوغَ قلائِدِ
فكأنّهم في حرِّ كلّ هجيرةٍ
يسرون في سَحَرٍ بلَيْلٍ باردِ
هل ذاك إلاّ لاعتناءٍ يقتضي
إسعادَ آمالٍ ونُجح مقاصد
ببني أبي حفص علا عَلَمُ الهدى
ورسا بناءُ الملكِ فوق قواعد
تلك الأُصول الطيّبات أريْنَنا
ممَّنْ نَمَتْهُ كلَّ فرعٍ ماجد
قد بانَ طيبُ الأَصلِ في طيب الجنى
طيبُ الفروع دليلُ طيب محَاتد
أركانُ مُلكٍ راسخٌ بنيانُهُ
سامٍ إلى زُهْرِ الكواكب صاعد
الله سيَّده فدام وإنَّما
يخشى البِلى ما الله ليس بشائِدِ
ليس الحياة أو الحيا لمؤمّل
إلاّ ندى يحيى بنِ عبد الواحد
مَلِكٌ ندله سائلٌ عن سَائِلٍ
صِفْرِ الحقائِبِ قاصدٌ للقاصد
فالحِلْمُ منه مُخْلِفٌ إِيعادَه
والجودُ مِنْهُ مُنجزٌ للواعد
ومؤيّدٌ تسري أَمامَ جيوشه
أبدًا رياحُ النَّصر غير رواكدِ
وطئت سنابكُ خَيْلهِ هامَ العِدا
مِنْ قبلِ وطءِ منازِلٍ ومعاهد
من كلِّ مُجْفَرةِ الضلوع كأَنَّما
تَطوي على الأَعداء زفرةَ حاقد
أو كالمحلِّقة الصَّيودِ مطهّمٍ
يهوي بمقتنص الفوارس صائِدِ
يمضي فتسبق لحظَ ناظرِهِ وير
جعُ قبلَ أنْ يرْتَدَّ طرفُ الرَّاصد
ولَوَ انَّهُ مُسْتَشكلٌ بعقاله
لم تُلفه إلاّ عقال الشارد
حتَّى لقد نسي الجوادُ اسمًا له
من طول ما سموه قيدَ أوابدِ
شأتِ البوارقَ غيرَ جاهدةٍ ولَمْ
يقطعن نومَ قطا الفلاةِ الهاجد
أشهرْتَ منهم كلّ جفن نائم
لما أنمتم كلَّ جفنٍ ساهد
خَصَمَتْ سيوفُكَ عنكَ كلُّ مجادلٍ
ألوى وقد ألوتْ بكلِّ مجالد
وتواضعتْ شُمُّ المعاقلِ هيبةً
من كلِّ دانٍ منك أو متباعد
وأُذلَّ عزُّ الأَبلقِ الفردِ الذي
أخذ التمرّدَ عن أخيه مارد
وإليك منها روضةً مطلولةً
تحمى بها أنفاسُ نفسِ الحاسدِ
فانظرْ بعينِ رضاك منها أعينًا
نظرتْ إليك بها عيونُ محامد
وانفحْ بجودك للأَماني نفحةً
حتَّى أرى كيف اهتزازُ الهامد
فيراجعُ الآمالَ صدقُ رجائِها
كالضوء يعلقُ بالذُّبال الخامد
واهنأْ بمقدم مُقْتدٍ بكَ في العُلا
حَذْو الشراك على مِثال واحدِ
مَنْ أنتَ مُنْجِبُهُ لمضطلِعٌ بِما
حمَّلْتَهُ من كلِّ عبءٍ آيد
يُزْهَى حُسام الملك إذ وصلتْ به
منه يدٌ وصلتْ بأَطولِ ساعد
واسْعَدْ بزُهْرِ كواكبٍ أطلعتَها
يَقذفْنَ دونك كلَّ غاوٍ مارد
واخلدْ خلودَ الشُّهْب وابقَ بقاءَ ما
ذَرَأَتْ هباتُك من ثناءٍ خالد
0 تعليقات